المرأة هي "الوطن" الأول لأي حياة...







استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

إعراض عبلة عن المشاركة في الأحاديث فسره البعض بضعف سمعها لكنه في الواقع بسبب لسانها المثقل بالشوق العارم لأبنائها الغائبين. شوٌق لا تسعه الكلمات. وإن أصبحت الكلمات بلا جدوى يصبح الصمت أفضل.

"الكلام يوجعني. كنت أعيش في بيتٍ كبيرٍ وأحب أن أزرع كثيرًا. كان عندي الكثير من شجر البلح في الساحة. أسعد لحظاتي كانت وأنا أسقي الزرع في بيتي صباح كل يوم. أفتقد وردي الأحمر والأصفر والبنفسجي. وأفتقد أولادي. تركت السودان معهم ولكنهم الآن يعيشون مع عمّهم في السودان. يمكنني محادثتهم بين الحين والآخر ليؤنسوا وحشتي. أنا وحيدة حتى ولو كنت في بيت أختي. بعد مغادرة أولادي عشت في بيت أختي لإحساسي بالخوف وعدم الأمان. لازلت أخاف الوحدة. لا أعلم إن كنت سأرى أبنائي مرة أخرى أم لا. ولا أعرف مصير والدهم ولا ابني الكبير. لا أعرف إن كانوا أحياءً أو أموات. أشعر أن حظي سيء طوال حياتي. سواء في السودان أو هنا. تخيلت أن حياتي ستكون هنا أفضل ولكن الحياة لا تبتسم لي."


استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

"أنا نهلة إمام. بنت عم عادل إمام"

هكذا تُعرّف نهلة نفسها حتي يعرف الجميع اسمها ولا ينسوه كون اسمها الأخير يتشابه مع اسم الممثل المصري المشهور مما يثير ضحك أي شخص يقابلها. محطتها الحالية كان من المفترض أن تستمر لـ15 يومًا فقط ولكنها امتدت لأكثر من 6 سنوات!

"6 سنوات عشت أول شهورهم براحة بال وتجاهل للوضع الحالي فكنت أخرج كل يوم أتجول في البلد الجديد كسائحة مع أبناٌُْئي حتى يتأقلموا على هذا الوضع الجديد. لكن بمرور الوقت أدركت أني في رحلة سياحة طويلة الأمد. وجدت أن حال أبناء وطني ليست ميسورة كحالي. فأحسست أني مسؤولة عن كل امرأة سورية في مجتمعي الجديد. فجعلت من بيتي هنا ورشة عمل لطبخ أشهى أكل وتوفير حياة أسهل لهؤلاء السيدات. بيتي الحالي مليء بحب الناس.منزلي في سورية كان شبيها بالمتحف. وهذا أمر متوقع لأني درست الديكور. منزل جميل أغير شكله أنا وأطفالي كلما مللنا من لون الحائط أو ترتيب الأثاث ولا يخلُوا من الزرع."

"سُرقت حقيبتي منذ شهر تقريبًا وبها جواز سفري.
لذا يمكنني الآن حقًا أن أدّعي أني بنت عم عادل إمام."


استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

كل ثانيتين تجبر النزاعات والحروب شخصاً على الفرار من منزلــــــه…

هذا الوقت الذي استغرقته في قراءة هذه الجملة.

المصدر | UNHCR

"الوطن ما يتبدّل. الآن رغم كل ما ألاقيه من الترحاب من الآخرين لا زلت أشعر أنني في قفص. لو أحكي عن بيتي القديم سأحتاج إلى أوراق كثيرة جدًا حتى أعبر عن كل ما يمثله البيت. المساحة وإن كانت ضيقة في الوطن سأظل أشعر بالبراح. رحلتي الحالية لم تخطر على بالي قط. هي رحلة ذهاب للغربة والمجهول و يتخللها الكثير من محاولات الصمود. عندما انتقلت حياتي هنا، رأيت أوضاع أخواتي السودانيات التي لا تسرّ. كثير من النساء أمهات لأطفال ووحيدات دون آباء ودون مصدر رزق. دفعني حنيني إلى السودان إلى إنشاء مبادرة لتعليم السيدات حرف بسيطة مثل تعلم صناعة الأكسسوارات ورسم الحنة السودانية. خلال 6 أشهر أصبح لدينا 50 سيدة قادرة على إعالة أسرهن من خلال هذه الحرف البسيطة.

وقتها فقط عادت إلي الحياة
"

استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

لو تركت منزلك اليوم بلا رجعة... ماذا ستحزم في حقيبتك؟

سؤال لن تتمكن إجلال اليمنية من الرد عليه لأنها عندما تركت منزلها في 2014. لم تكن تدري أنها ستكون المرة الأخيرة. "تركت منزلي لاستكمال دراستي بالخارج. كنت أسافر وأرجع كل 3 شهور. ولكن تلك المرة اندلعت الحرب بمجرد أن سافرت". تذكر إجلال حياتها في مدينة إب التي يطلق عليها "اللواء الأخضر" لطبيعتها الخضراء وانتشار الأنهار والشلالات. قد تكون أثمن ذكرياتها في بيتها هو ذكرى زفافها لزوجها الذي تعرفت عليه في الطفولة. الآن إجلال أم لطفلتين في السادسة والثالثة ولكنها تفضل عدم ذكر اليمن لبناتها في هذه السن الصغيرة. تقول إجلال "يطرحون الكثير من الأسئلة التي لن أتمكن من الإجابة عنها أبسطها: ماذا يوجد في اليمن؟ ولن أستطيع إخبارهم أنه لا يوجد هناك الآن سوى النزاعات"

بعد اليمن، تنقلت إجلال أكثر من مرة من بيت لآخر ولهذا السبب قررت أن تُعلم بناتها عدم التعلق بمكان والبيت بالنسبة إليهن هو وجود الأب والأم حولهما. كذلك إجلال فقدت تعلقها بوطنها كمكان وإن سألتها اليوم ماذا قد تأخذين معك من اليمن للمرة الأخيرة سترد: أمـــي.

استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

ضحكة سناء الجميلة قد تلهيك عما يدور في بالها هي دائمًا قلقة
"أقلق طوال الوقت على أولادي، خائفة أن تنقلب حياتهم رأسًا على عقب كما انقلبت حياتي.. أشعر اني أعيش كابوس".

ضحكة سناء أيضًا لا تخفي حنينها الدائم لحياتها وبيتها الذي أنشأته حجرًا حجرًا
"انا كنت أذهب مع العمال لشراء حجر ومواد بناء البيت، لهذا الحد كنت أحب بيتي الذي صممته بنفسي".

"انا لا أستطيع النظر خلفي، سأموت كمدًا إذا فعلت، لذا أبكي كلما استطعت حتى لا أنفجر من ضغط هذا المستقبل غير المعلوم. أتمنى فقط أن يعود بي الزمن فقط لأفهم كيف حدث ما حدث."

سناء أم وأطفالها هم مصدر سعادتها وقلقها في نفس الوقت. تواجه سناء مشاق الحياة وحدها. "أتمنى الشفاء لزوجي الذي أصيب في ظهره بسبب الحرب. أتمنى لو أن تستبدل بعظامه عظام جديدة لتُرد فيه الروح ويعود للحياة والعمل".

استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

68.5 مليون شخص حول العالم في الوقت الحالي اضطروا للفرار من منازلهم بسبب النزاعات…

لو اجتمع هذا العدد في مكان واحد يمكنهم تكوين البلد رقم 20 عالمياً من حيث تعداد السكان. نصف هذا العدد وأكثر من النساء.

المصدر | UNHCR

"أريد أن أحكي قصتي لكل العالم. نحن النساء تحملنا تبعات كل شيء. من شدة الخوف أجذب ابنتي الوحيدة في حضني في غرفتنا لأحميها من العالم. خصوصًا بعد تعرضي للاعتداء. أخاف على ابنتي من كل الناس... لقد أصبحت الحياة أصعب، الشغل أصعب... الحياة أصعب. لقد كان منزلنا مكان اجتماع الكل حول شجرة الدوم. لكن لا يهم المنزل الآن، المهم الآن هو أمان أبنائي. أنا أخاف عليهم من كل شيء. إن تأخر أحدهم في عمله لا أستطيع النوم. تراودني كل الأفكار السيئة. لا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من هذا. ولهذا السبب أريد أن أحكي قصتي للجميع"

استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

أسهمت الحروب في سورية والعراق واليمن في أكبر أزمة لجوء وهجرة عالمية..

منذ الحرب العالميــــــــــــــة الثانية.

المصدر | ICRC

"أعيش في بيت كله صناديق. كل ذكرياتي وكتبي التي أحبها في صناديق وهذا هو ملخص حياتي"

إلهام أمٌ لطفلتين هما دافعها الوحيد لتستكمل حياتها خارج الصناديق. أوقفت الحرب الحياة داخل اليمن وخارجها. حيث توقفت منحة إلهام للحصول على شهادة الدكتوراه خارج البلاد. حتى وإن كانت إلهام لم تقع تحت وطـأة النزاع في اليمن إلا مخططات حياتها لم تكلل بالنجاح. "زملائي أصبحوا أساتذة ولكن لا بأس في الغد القريب سأناقش رسالتي وتتحسن رحلتي".

"أمي توفت في منزلي هنا وليس على سريرها الذي تحب، قبو منزلي في اليمن أصبح للإختباء بدلًا من مخازن للمحلات التجارية، كل شيء يتغير إلا موقفي من الدراسة الذي مازال عالقًا بسبب النزاع في اليمن".

استمر في سحب الشاشة للأسفل لمتابعة قراءة المحتوى

"الحمد لله" كلمة لم تفارق لسان سلوى وهي تسترجع شريط الذكريات لتقارن بين حالها قبل ترك وطنها وحالها اليوم. لا يسعك إلا أن تلاحظ قدرتها المذهلة على لمّ شمل أسرتها والكبيرة والتي تضم أختيها وأولادهن العشرة. في بلدها،عملت سلوى خارج البيت كتاجرة ماهرة وميسورة الحال وداخل البيت كدعامة وسند لأخواتها الثلاثة. في الغربة لم تضعف قوتها. ولازالت مصدر السند والدعم لأخواتها رغم فقدها لبيتها الكبير وتجارتها الناجحة.

" عندما اضطررت لترك منزلي بسرعة لم أجد الوقت لبيع أثاث البيت لكني كنت قلقة للغاية على الطيور التي أرعاها، فذهبت للجيران الذين أثق بهم ووزعت الطيور عليهم ليرعوها، لم أستطع أن أتركها بلا رعاية، هذه روح"

تشتاق سلوى لمنزلها الفسيح وحياتها السابقة لكنها "أن الحياة لا قيمة لها إن فقدت إحدى أخواتي" تقول سلوى.

أخبرتنا أيضًا عن أمنيتها الوحيدة "فقط الصحة والعمر الطويل لأرعى أخواتي. أحيانًا أشعر أن قلبي سينفجر من دموعي المحبوسة ولكن يجب أن أظهر قوية حتى لا يرى الآخرون ضعفي ويستغلونني"

يترك الناس منازلهم لأسباب عدة لكن أيًا كانت الأسباب، فحقوقهم يجب أن تُحترم. فالكثير من هؤلاء يهربون من ظروف صعبة بالفعل لذا  يجب على الجميع احترامهم ومعاملتهم بإنسانية وكرامة خلال رحلتهم.

تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع الجمعيات الوطنية إلى الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للمهاجرين الأكثر ضعفاً وعائلاتهم. ونتيجة تواجدنا في بلاد منشأ الهجرة بالإضافة إلى بلاد العبور وبلاد الوجهة الأخيرة، فإننا نعمل لمساعدتهم خلال رحلة هجرتهم من خلال نشاطاتنا في الإغاثة والحماية وإعادة التواصل العائلي.

إنتاج تنفيذي | ميرنا نعمان، صفاء مجدي، سلمى عودة
تصوير | هبة خميــــــــس
إدارة الورشة | آية السيد، لميس السيد، أماني شنودة
تصميم وتطوير الموقع | ميرنا نعمان
إنتاج | المركز الإقليمي للإعلام للجنة الدولية للصليب الأحمر في في القاهرة