مؤسسات العدالة الجنائية الدولية

مع أن فكرة وجود أجهزة دولية للعدالة الجنائية تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن أول هيئتين دوليتين لهذا الغرض لم تتأسسا بنجاح إلا في عام 1945، وهما محكمتا "نورمبرغ" و"طوكيو" العسكريتان الدوليتان، بغرض محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد السلم والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد لاح الحديث عن إنشاء محكمة جنائية دولية في الأفق مرة أخرى بعد مرور نصف قرن مع نهاية الحرب الباردة؛ وفي الوقت نفسه، ارتُكبَت فظائع على نطاق واسع في كل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا، ما حدا بالأمم المتحدة أن تنشئ محكمتين خاصتين في التسعينيات. وأفضت لاحقاً سلسلةٌ من المفاوضات لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تمارس اختصاصاً بالنسبة للجرائم الدولية الخطيرة بغض النظر عن المكان الذي ارتكبت فيه إلى اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تموز/يوليو 1998 في روما. ويجسد نظام روما الأساسي عزم المجتمع الدولي على ضمان عدم إفلات من يرتكبون جرائم خطيرة من العقاب. وتُعَد المحكمة الجنائية الدولية أول محكمة جنائية دولية دائمة تُنشأ بموجب معاهدة للمساعدة على وضع حد لإفلات مرتكبي أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي من العقاب. وأنشئت في غضون السنوات التي تلت ذلك محكمتان مختلطتان ضمتا عناصر من هيئات قضائية دولية ووطنية على حد سواء، وأُسسَت لها دوائر خاصة داخل المحاكم الوطنية لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سياقات محددة.