سيادة القانون على المستويين الوطني والدولي: بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأمم المتحدة

14 تشرين الأول/أكتوبر 2015

الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة السبعون، اللجنة السادسة، بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نيويورك، تشرين الأول/اكتوبر 2015

تقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالأهمية التي توليها الجمعية العامة للأمم المتحدة والأمين العام لتعزيز سيادة القانون بفضل عمل اللجنة السادسة، ولا سيما الاهتمام بدور المسارات المتعددة الأطراف في إعداد المعاهدات الرامية إلى تعزيز سيادة القانون وتأمين تقدمها.

واللجنة الدولية على قناعة، بحكم عملها لصالح المتضررين من النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى، بأن وجود إطار واضح من القواعد على المستوى الدولي يقترن بقواعد مقابلة لها على المستوى الوطني، يساعد في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. وينبع إطار القانون الدولي الإنساني تحديداً من المعاهدات المتعددة الأطراف التي تشكل مصدراً مهماً للواجبات الدولية الواقعة على عاتق الدول، إضافة إلى الواجبات المستمدة من القانون العرفي الدولي.

وتقع على عاتق الدول المسؤولية الأولى في احترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في جميع الظروف. وكون اتفاقيات جنيف لعام 1949 تشكّل الصكوك الدولية التي تحظى بأعلى نسبة تصديق بين جميع الصكوك الدولية، وتطبق في جميع أنحاء العالم، يبرهن قدرة المسارات المتعددة الأطراف على استحداث إطار قانوني دولي متين.

يرسم المسار المتعدد الأطراف لصياغة المعاهدات معالم القانون لأنه يطرح أمام المجتمع الدولي مشاغل قد تتطلب التنظيم بواسطة معايير ملزمة قانوناً. ويسهم هذا المسار أيضاً في بناء التوافق على مسائل قانونية وإنسانية مهمة. وقد أدّت التداعيات الإنسانية المقلقة للألغام المضادة للأفراد والذخائر العنقودية إلى مسارات متعددة الأطراف آلت إلى اعتماد اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد في عام 1997 واتفاقية حظر الذخائر العنقودية في عام 2008. واتُّبع مسار مماثل في اعتماد معاهدة تجارة الأسلحة. ولا تنفك اللجنة الدولية تحث الدول على الانضمام إلى هذه الصكوك وتنفيذها.

وتؤدّي اللجنة الدولية دوراً استشارياً مهماً في إعداد المعاهدات المتعددة الأطراف ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني. فاللجنة الدولية تراقب المفاوضات ويقدم خبراؤها آراءً تكفل أن الصكوك المطروحة للبحث تمتثل بالكامل للقانون الدولي الإنساني وتعزز أشكال الحماية القانونية التي ينص عليها.

وللمسار المتعدد الأطراف جانب آخر مهم يتمثل في قدرته على تدوين القانون الدولي الإنساني العرفي في معاهدات.

تلتزم اللجنة الدولية التزاماً تاماً بالعمل على تأمين تطبيق القانون الدولي الإنساني بحذافيره ونشره وإعداد أي تحديث له. وهذا الالتزام متأصل في ولايتنا المتمثلة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة ومساعدتهم، ولاية أسندتها إلينا اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية والنظام الداخلي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
والمؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر منتدى هام آخر لتعزيز سيادة القانون. فهو هيئة التداول العليا داخل الحركة ويجمع كل مكوناتها والدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف لمناقشة قضايا وتحديات إنسانية كبرى.

وسيُعقد المؤتمر الدولي الثاني والثلاثون في كانون الاول/ديسمبر 2015. وسيُعرض في هذه المناسبة تقرير مرحلي عن تنفيذ خطة العمل الرباعية لتنفيذ القانون الدولي الإنساني المدرجة في القرار 2 الصادر عن المؤتمر السابق. ويتمثل أحد أهداف خطة العمل في تحسين إدراج الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني في القوانين والمعاقبة عليها، وهو ما يعزز آليات سيادة القانون.

تشمل المسؤولية الواقعة على عاتق الدول باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه منع الانتهاكات الخطيرة للقانون والمعاقبة عليها، الأمر الذي يتطلب من الدول صياغة أطر معيارية واضحة وآليات قضائية قوية وتدابير فعالة لإنفاذ المساءلة.

وتدعم اللجنة الدولية الجهود التي تبذلها الدول للوفاء بمسؤولياتها ضمن هياكل سيادة القانون وآلياتها. وتمدّ اللجنة الدولية الدول، بطلب منها، بخبرات تقنية بشأن القانون الدولي الإنساني وتدعم السلطات الوطنية المعنية في تنفيذ التزاماتها الدولية بمنع الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والمعاقبة عليها. ومن الأمثلة على ذلك تولي اللجنة الدولية تنسيق مشاورة للخبراء بشأن القانون الدولي الإنساني عُقدت في أيار/مايو 2015 وضمّت خبراء قضائيين من جميع أنحاء العالم. وركّزت المشاورة على دور النظام القضائي في تفسير المعاهدات والتشريعات الوطنية. وتسهم هذه الأنشطة في تعزيز القدرات الوطنية في إطار هياكل سيادة القانون وآلياتها.

وتعمل اللجنة الدولية على المستويين الإقليمي والدولي على تعزيز وتشجيع التنفيذ الشامل للقانون الدولي الإنساني من خلال تعاونها مع منظمات مختلفة منها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الأمريكية وأمانة الكومنولث والمنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية – الأفريقية.

وفي الختام، ستظل اللجنة الدولية تتابع المناقشات التي تعقدها اللجنة السادسة ومنتديات الأمم المتحدة الأخرى بشأن سيادة القانون. ونحث الدول على مواصلة جهودها الرامية إلى تعزيز القانون الدولي الإنساني من خلال العملية المتعددة الأطراف لصياغة المعاهدات والتصديق على الصكوك القانونية التي تخدم مصلحة البشرية جمعاء، وتنفيذها.