بيان

مؤتمر إعادة إعمار غزة

نص الخطاب الذي ألقاه السيد روبير مارديني، مدير عمليات اللجنة الدولية في الشرق الأدنى والشرق الأوسط. القاهرة، 12 أكتوبرـ تشرين الأول 2014

السادة أصحاب الفخامة ممثلي جمهورية مصر العربية ومملكة النرويج، أصحاب السعادة، السيدات والسادة .. إنه لمن دواعي الشرف أن أكون هنا بينكم اليوم وأن أخاطب مثل هذا الجمع من الشخصيات المؤثرة. وإنها كذلك لمسؤولية كبيرة أنيطت بنا، حين يتعلق الأمر بكرامة أهل غزة ومستقبلهم.  

إن الكلفة البشرية لهذا النزاع فادحة، إذ إنه أسفر عن موت وجرح الآلاف، وكان من بين كل أربع ضحايا أحد الأطفال. دمرت آلاف المنازل والممتلكات، ووجدت عائلات نفسها بلا سقف يحميها أو مياه نظيفة أو كهرباء. وفرّ أكثر من 400 ألف شخص من ديارهم، من بينهم مائة ألف لم يعد لديهم منازل يرجعون إليها ، وصارت أحياء سكنية بأكملها اليوم مجرد أطلال.

وكان القانون الدولي الإنساني أحد ضحايا النزاع الذي اندلع في أغسطس/آب الماضي ، وهو يشتمل على تلك القواعد الأساسية التي يجب على جميع الأطراف المتحاربة الالتزام بها. وقد أخذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على عاتقها مهمة إعداد مراجعة شاملة لإدارة العمليات العدائية (أو الحرب) خلال النزاع. وسوف تعرض اللجنة الدولية النتائج بصورة سرية على كل الأطراف وسوف تتحاور اللجنة الدولية من جديد مع كل طرف من أطراف النزاع حول الخطوات الملموسة المطلوبة لضمان عدم تكرار مثل هذه المأساة مرة أخرى.  

لقد كانت اللجنة الدولية طرفًا فاعلاً كما كانت شاهدًا على هذه المأساة. وخلال النزاع الذي امتد 52 يوما عملت فرق اللجنة الدولية ليل نهار مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجمعية نجمة داود الحمراء وأعضاء آخرين في حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر. جمعنا سويًا جثث القتلى ونقلنا الجرحى، وقدمنا الأدوية للمستشفيات، وأصلحنا خطوط الكهرباء وشبكات المياه، حتى برغم احتدام القتال حوالينا. وتعرب اللجنة الدولية عن جليل تقديرها لأعضاء خدمات الطوارئ الذين لقوا حتفهم أثناء أداء مهامهم.

وعقب انتهاء النزاع مباشرة وسعت اللجنة الدولية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عملياتهما للإغاثة لتقديم العون لزهاء 150 ألف شخص تهدمت منازلهم وفقدوا موارد عيشهم.

هذا عمل ضروري لكنه ليس كافيًا.

السادة أصحاب الفخامة، المضيفين والضيوف .. هذا المؤتمر فرصة ذهبية. ومن الضروري العمل على علاج جراح الحرب وتخفيف المعاناة الناتجة عنها وإصلاح ما دمرته. 

ولكن، لكي يتسم كلامي بالوضوح أقول: إن ما يحتاجه أهل غزة، لا سيما الجيل الناشئ، لهو شيء أكثر من مجرد بناء منازل ومستشفيات ومدارس جديدة، شيء أثمن بكثير من كل ذلك – إنهم بحاجة إلى الأمل.

يتطلع أهل غزة إلى الأمل الذي سيمنحهم إياه هذا المؤتمر، إذ إنهم – حرفيًا – بحاجة إلى هواء نظيف ومياه نقية ورفع القيود المفروضة على حركة الناس والبضائع. وهم بحاجة أيضًا إلى أن يعرفوا أن العالم لن يدعم انتعاشهم المادي وحسب بل أن يعرفوا كذلك أن مستقبلاً كريمًا مبشرًا ينتظرهم، بعد ما عانوه من محن غير محتملة  قبل اندلاع هذا النزاع.     

أصحاب السعادة .. هذه لحظة فارقة: بين أيدينا فرصة لتحويل الزخم السياسي إلى خطوات ملموسة من أجل ضمان عملية إعادة الإعمار التي تقتضيها الحاجة فورًا، وكذلك لتخفيف حدة الجمود الذي يعلق فيه الإسرائيليون والفلسطينيون منذ فترة طويلة.

وأنا بالنيابة عن اللجنة الدولية أناشد فيكم استشعاركم المسؤولية لضمان بقاء العامل الإنساني في قلب الحل السياسي. إذ آن الأوان بعد كل هذه المعاناة التي كابدها الضحايا أن تسود الكرامة الإنسانية.

شكرًا لكم