مقال

إعلان الفائزين بمسابقة التصوير الفوتوغرافي "الأمل في ظلال الجائحة"

يسرّنا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإعلان عن الفائزين بجوائز مسابقة التصوير الفوتوغرافي للعام 2020 "الأمل في ظلال الجائحة". والتي تسلط الضوء على التغييرات التي أحدثها انتشار فيروس كوفيد-19 على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال قصص مصوّرة من إعداد مصوّرين محلّيين موهوبين.

الفائزون الثلاثة هم:

  • المركز الأول المصورة سمر أبو العوف من مدينة غزة عن قصة "ولادة"
  • المركز الثاني : المصور سند أبو لطيفة من مدينة رفح عن قصة "التعليم مستمر في قطاع غزة رغم شراسة جائحة كورونا"
  • المركز الثالث: المصور فراس الهشلمون من مدينة الخليل بالضفة الغربية عن قصة "ع الهامش"

 لقد تأهل الفائزون من ضمن 60 مشاركة استلمتها اللجنة الدولية من المشاركين، وقامت لجنة المحكمين بترشيح الفائزين الذين وقع عليهم الاختيار ضمن معايير محددة شملت جمال الصورة، ودقة التعبير، والمشاعر الإنسانية بعين المصورين. 

 إليكم الصور والقصص الفائزة في السطور القادمة.

 "ولادة" 

تصوير وكتابة سمر أبو العوف

 الممرضة أسماء النجار تمسح وجه طفل حديث الولادة فور ولادته بعملية قيصرية داخل غرفة العمليات

من أصعب المواقف التي مررت بها أن تأتي سيدة في لحظات ولادتها الأخيرة ولكنها تخاف أن تلد طفلها في ظل تفشي فيروس كورونا خوفاً عليه من العدوى. كنت أحاول أن أفعل ما بوسعي لأطمئن الأم وأرشدها لاتباع إجراءات الوقاية من العدوى، لها ولطفلها

الممرضة والحكيمة أسماء النجار، 34 عاما وتسكن في بلدة خزاعة شرقي مدينة خانيونس وهي أرملة. توفي زوجها في حادث سير في السعودية قبل عامين، وهي أم لثلاث فتيات صغيرات: جود (10 سنوات) وفجر (7 سنوات) وغلا (4 سنوات)، ترعاهن وحدها وتعمل من أجلهن، ورغم خطورة الأوضاع في مستشفيات قطاع غزة إلا أنها أصرّت على الاستمرار في تقديم الرعاية والدعم والمساندة للطواقم الطبية والمرضى.

تعمل أسماء ممرضة في مستشفى ناصر في مدينة خانيونس، وعلى الرغم من أنها تعيش في منطقة حدودية تبعد مسافة كبيرة عن المستشفى الذي يقع وسط المدينة إلا أنها استمرت في الذهاب إلى العمل.

 تقول أسماء "دائماً أقول للأم أن سلامتها وصحتها هي وطفلها أهم من استقبال الأقارب والأحبة، وأن عليها الاعتذار منهم إلى أن تنتهي أزمة الجائحة لأن سلامتهما هي الأهم"

أسماء تتحدث مع سيدة بعد الولادة وتقدم لها توجيهات وإرشادات للحفاظ على سلامتها وسلامة طفلها من انتقال عدوى الفيروس

ورغم أن 18 ممرضة في القسم الذي تعمل فيه أسماء أصبن بفيروس كوفيد-19 إلا أنها استمرت بالعمل ولم تتردد في تقديم الخدمات والرعاية لتغطية النقص بعد غياب صديقاتها الممرضات في الحجر الصحي خارج المستشفى. تقول أسماء: " كنت أذهب لأراهنّ من بعيد، ألوح لهنّ بيدي من خارج غرفة الحجر وأتحدث معهن عبر الهاتف وأخبرهن أني بانتظار خروجهن بعد الشفاء. أقدم لهن الدعم حتى يبقين أقوياء، خاصة أنهن أصبن اثناء العمل وتقديم الخدمات للمرضى، وكنت أذهب إلى بيوت عائلات البعض منهن لتقديم الاحتياجات المنزلية لهن".

أسماء تُلبِس طفل حديث الولادة وتجهّزه للخروج من غرفة العمليات مع أمه بعد انتهاء الكادر الطبي من تقديم الرعاية الطبية لها بعد العملية

وتضيف: "بعد الاختلاط بهن خضعت للفحص مرتين، ومن لحظة سحب العينة حتى وقت ظهور النتيجة كنت أحجر نفسي في غرفتي في البيت بعيداً عن بناتي، وأهلي وأهل زوجي كانوا يتولون رعايتهن حتى ظهور النتيجة. وكنت أمتنع عن الذهاب إلى العمل حرصاً على سلامة المرضى والزملاء."

أسماء أثناء انتظارها لنتائج الفحص للاطمئنان على صحتها بعد مخالطتها لزميلات مصابات بالفيروس، تظهر الصورة نتيجة الفحص سلبية من قبل وزارة الصحة

وتكمل: "لقد كانت لحظات صعبة جداً؛ خوفي على بناتي الثلاثة وحرصي على سلامتهن. ولكني في نفس الوقت أعمل من أجلهن ولا أتوانى عن العمل حتى في أكثر الأماكن الموبوءة رغم كل ذلك. فأنا والدتهن وأسد الفراغ الذي تركه غياب والدهن. منذ بداية الأزمة في شهر مارس وأنا أعقّم نفسي وبيتي باستمرار. أترك ملابسي في مغسلة خاصة ولا أحضرهم معي إلى البيت. لا ألمس بناتي قبل أن أعقم نفسي جيداً، وكثيراً ما أتهرب من احتضانهن خوفاً عليهن. ورغم ذلك كله، أتابع دروسهن في ظل العبء المصاحب للتعليم الإلكتروني.

أسماء فور وصولها إلى المنزل، ترفض معانقة ابنتها غلا أو الجلوس مع بناتها الثلاثة غلا وفجر وجود قبل تعقيم نفسها جيداً.

وقد ضاعف الزي الخاص بالأطباء في فترة كورونا الحمل عليهم، إذ إنه يرفع دراجة حرارتهم 5 درجات مئوية تقريباً عن الأجواء العادية داخل غرف العمليات، إلا أنهم أصروا على الاستمرار في تقديم الخدمات الإنسانية بكل حب وأمل.

أسماء تلعب مع بناتها الثلاثة في أحد أركان المنزل، ترفّه عنهن حتى لا يشعرن بخطر الفيروس

يولد الأمل كل يوم مع بداية حياة جديدة، هناك أيادي تخاطر لتستمر الحياة، مع بداية كل نفس جديد هناك أمل تجسده صرخة طفل صغير قدم للتو إلى الحياة رغم الخطر الكامن والموت الذي يحدق في كل مكان من عدو لا يرى بالعين المجردة لكنه يتربص بالجميع، خاصة الأطباء والطبيبات والممرضين/ات الذين لم يبرحوا أماكنهم رغم خطورة المهنة، جنودٌ مجهولون ينفّذون أعمالاً جبارة بكل حب وأمل لكي تستمر الحياة.

"التعليم مستمر في قطاع غزة رغم شراسة جائحة كورونا"

تصوير وكتابة: سند أبو لطيفة

بسبب فرض الإغلاق والحجر المنزلي، تدرس الفتاة بالاعتماد على ضوء الشمس في منزلها في مخيم نهر البارد في خانيونس، جنوب قطاع غزة

 التعليم هو بصيص الأمل الوحيد لدى أطفال هذه المناطق الفقيرة من أجل صنع مستقبل أفضل ينقذهم من هذه الحياة السيئة التي سلبت منهم بهجة الطفولة وحقهم في عيش تفاصيلها دون الشعور بالنقص

تأثر التعليم بشكل سلبي في قطاع غزة بشكل كبير، جراء نفشي جائحة كورونا في المجتمع، بعد أن كان محسوراً داخل مراكز الحجر الصحي فقط.

ولكن عجلة التعليم لم تتوقف، بعض المدارس والأمهات حاولن إحياء الأمل لدى الأطفال من خلال متابعة التعليم عن بعد بشكل يومي، باستخدام نهج "التعليم الإلكتروني" الذي تعتمد عليه وزارة التعليم في غزة في حالة الطوارئ من خلال التواصل مع الطلاب عبر الصفوف الافتراضية.

تظهر في هذه الصورة فتاة تعلّم أبناء أخيها من المنهاج الفلسطيني عن طريق التعليم الإلكتروني عبر شاشة جهاز الحاسوب من منزلهم في خانيونس، جنوب قطاع غزة

لكن هناك بعض الفئات التي لم تتمكن من متابعة التعليم الإلكتروني بسبب انعدام الإمكانيات الحديثة لديهم مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب وشبكة الإنترنت، لهذا تحاول الأمهات في هذه المناطق الفقيرة متابعة التعليم بأنفسهن مع أطفالهن، لضمان عدم حرمانهم من دروسهم خلال الجائحة.

الفتاة تعلّم مجموعة من الأطفال في حلقة مع بعضهم البعض في ظل انقطاع التيار الكهربائي في منزلهم في خانيونس، جنوب قطاع غزة.

الأمهات يقضين ساعات طويلة خلال اليوم من أجل متابعة الدروس وشرحها وتبسيطها لأطفالهن على الرغم من أن البعض منهن لم ينهِ دراسته الإعدادية، ولم يحصل على شهادات جامعية، ولكن بمساعدة أطفالهن تمكنوا من مواجهة هجمة الجائحة الشرسة على التعليم.

الأم تدرس أبناءها في ظل عدم وجود أجهزه حديثة، وذلك في منزلهم في خانيونس جنوب قطاع غزة

وهنا تقول الأم "نحن نعيش على أمل نجاح أبنائنا في مسيرتهم التعليمية، وإنهائها والحصول على فرص عمل تمكنهم من إنقاذنا من هذه الحياة الفقيرة التي أوجعت قلوبنا لسنوات طويلة".

وتضيف "حرصنا الشديد على استمرار التعليم على الرغم من قلة الإمكانيات سببه تمسك أطفالنا بالتعليم وسؤالهم عن موعد استئناف الدوام مرة أخرى".

طفل يجلس بمحاذاة نافذة المنزل، يدرس ويرتدي الكمامة الواقية لحماية نفسه من الإصابة من فيروس كورونا، في منزلهم في خانيونس، جنوب قطاع غزة

وأم أخرى تقول: "الجائحة سلبت الكثير منا ولكنني لم أسمح لها بأن تسلب وقت أطفالي دون دراسة وتعليم، وأعلم أن الحياة التعليمية خارج هذه المنطقة الفقيرة تسير بشكل أفضل، لهذا قبلت بأن أتحدى الظروف الصعبة، وأن أواكب التعليم دون تواصل مع التكنولوجيا"

"ع الهامش"
تصوير وكتابة: فراس الهشلمون

أنا فرفور، مهرج فلسطيني عمري 27 عاماً، أعيش في مدينة الخليل وأتجول في شوارع وأزقة المدن الفلسطينية، حياتي ولقمة عيشي كانت على الهامش، الناس يعتبرونني كمالية في حياتهم، تسلية، "تغيير جو" ومجرد يوم جميل وينتهي. ولكن لا أحد يدرك أن هذه التسلية هي لقمة عيشي ورزقي الذي أكتسبه بعزة ونزاهة.

حياة المهرج فرفور قبل وصول الجائحة

بدأ الكابوس الذي يسمى كورونا يجتاح العالم، الغني أصبح فقيراً والقوي أصبح ضعيفاً، ولكن لم يفكر أحد بالضعيف ماذا حل به؟!

أنا ومثلي أناس كثيرون يعيشون على رزق يومي: صديقي أبو محمد بائع النعنع، وأبو كمال الذي يملك بسطة ألعاب، وغيرنا الكثيرين.

الحياة بعد اجتياح كورونا العالم

للحظة ظننا أن العالم قد نسينا وأصبحنا هباءً منثوراً، ولكن ربنا لا ينسى أحد. وكما نؤمن بأن لكل كابوس لحظة استيقاظ تنهيه، نؤمن كذلك بأن الأمل لا يموت.

وبعد كل ما مررنا به من صعوبات وتوقف عجلة الحياة وإجبارنا على عدم رؤية من هم الأقرب إلى قلوبنا، تغيرت نظرتي للحياة وبدأت أقدّر أناس كثر كنت أعتبرهم "تحصيل حاصل" في حياتي، أي على الهامش، مثل المعلمين والطواقم الطبية وحتى نفسي!

أدركت أن الابتسامة والفرحة التي أدخلها إلى قلوب الناس والأطفال ليست على الهامش وليست مجرد تسلية، بل هي سلاح قوي يرفع المعنويات ويساعدنا لنتجاوز هذه الأزمة. عندما ندخل الفرحة إلى قلوب الآخرين ونحب بعضنا البعض ولو كانت المبادرة شيء بسيط للغاية، نكون على يقين بأن ضحكاتنا سوف تعود وتملأ شوارعنا وتجمعاتنا بإذن الله.

يقول فرفور: وإن لم يستطيعوا أن يأتوا إليّ فأنا آتٍ