بيان صحافي

الوقت ينفد قبل إنقاذ ملايين الأرواح في أفغانستان

كابل (اللجنة الدولية) – نبَّه قادة الصليب الأحمر الدولي في زيارة إلى أفغانستان استمرت خمسة أيام إلى ضرورة تكثيف المجتمع الدولي جهوده بصورة عاجلة لوقف انزلاق البلاد السريع نحو الانهيار التام، وحذروا من وقوع كارثة إنسانية شاملة فيها. وبعد مرور ستة أشهر على سيطرة إمارة أفغانستان الإسلامية التي نجم عنها فرض عقوبات دولية وتجميد المساعدات، أدى استمرار إحجام العديد من المانحين الدوليين عن التعامل مع القيادة الحالية للبلاد إلى تفاقم المحنة الشديدة لملايين الأفغان الذين أنهكهم بالفعل أكثر من أربعة عقود من النزاع والجفاف المتكرر، فضلًا عن تبعات جائحة كوفيد-19.

وفي هذا السياق، قال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية)، السيد "روبير مارديني"،  برفقة رئيسي جمعيتي الصليب الأحمر الدنماركي والفنلندي: "خلال 25 عامًا من عملي في المجال الإنساني، لم أر أيّ شيءٍ يُشبه تمامًا الوضع في البلاد الآن. إن حجم الأزمة التي يواجهها شعب أفغانستان - والسرعة التي تفاقمت بها - أمر مثير للقلق حقًا".

وأضاف قائلًا: "يجب ألا تكون حياة الأفغان رهينة للمناورات السياسية. ومن الضروري أن يميز المانحون بين نوع المعونات الإنمائية التي يمكن استخدامها باعتبارها حوافز سياسية والمعونات التي ستساعد المواطنين الأفغان العاديين على البقاء على قيد الحياة - من خلال ضمان قدرة المؤسسات الحكومية على تقديم الخدمات الأساسية ومنع الانهيار الاقتصادي. وليس أمامنا وقت نضيعه".

وتمثل خدمات الرعاية الصحية أحد المجالات التي هي في أمسّ الحاجة إلى الدعم. ويظهر هذا الأمر بأوضح صورة في مستشفى مرويس الإقليمي الذي تدعمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) في مدينة قندهار الجنوبية. إذ تقدم خدماتها الطبية إلى نحو 9 ملايين شخص في المنطقة وخارجها، وهي احتياجات تفوق طاقتها بكثير، إذ يسعى يوميًا نحو 4,000 مريض أو جريح للعلاج في المستشفى الذي لا يضم سوى 650 سريرًا. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الأزمة الحالية تسببت في إغلاق بعض مرافق الرعاية الصحية الأصغر حجمًا بينما غادر العديد من الممارسين الصحيين البلاد.

وتشهد جميع أجنحة المستشفى اكتظاظًا شديدًا. إذ تبلغ نسبة إشغال الأسرّة في جناح الأطفال، على سبيل المثال، قرابة 300 في المائة، مع وجود طفلين أو ثلاثة أطفال على كل سرير. ويعاني كثير منهم من سوء التغذية الحاد، وأعدادهم آخذة في الارتفاع – ولا يتفشى سوء التغذية بين الأطفال فحسب ولكن أيضًا بين الشباب. كما سقط بعضهم ضحايا عبوات ناسفة يدوية الصنع، مثل صبي انفجرت عبوة ناسفة في يديه عندما التقطها اعتقادًا منه أنها لعبة. ويعج أحد الأجنحة بالأطفال المصابين بالحصبة، وهي من الأمرض المستوطنة في جميع أنحاء البلاد.

وقالت الأمين العامة لجمعية الصليب الأحمر الفنلندي، السيدة "كريستينا كومبولا"،: "إن رؤية مستويات المعاناة هنا أمر مؤلم للغاية. ومن قبل كانت أفغانستان تصنف بالفعل بأنها واحدة من أكثر مناطق العالم صعوبة بالنسبة للأمهات أو الرضع. لكنها الآن باتت أكثر صعوبة من أيّ وقت مضى. ويمكن اعتبار الأشخاص الذين نراهم هنا في المستشفى محظوظين؛ لأن العديد من المرافق الصحية لا تعمل على الإطلاق، ويضطر المرضى والفئات المستضعفة إلى السفر لمسافات طويلة للحصول على الرعاية الصحية وهي مشقة لا يقدر على تحملها إلا القليل منهم. ولا يستطيع الكثير منهم مجرد الوصول إلى الرعاية التي يحتاجون إليها." 

من جانبه، قال الأمين العام لجمعية الصليب الأحمر الدنماركي، السيد "أندرس لاديكارل": "من الواضح أن الحصول على الرعاية الصحية هو أحد أكثر الشواغل الإنسانية إلحاحًا في البلاد". وأضاف قائلًا: "يشكل دعم المستشفيات التعليمية ومدارس التمريض أحد السبل الأكثر فعالية واستدامة لإنقاذ النظام الصحي المنهك بالفعل من الانهيار، والمساعدة في ضمان تقديم خدماته مستقبلًا. إن الأهمية الملحة لتقديم الدعم المناسب للنظام الصحي أوضح من أن تحتاج إلى بيان."

ومع أن تقدمًا محمودًا بشأن بعض التدابير التقييدية التي تساعد في تيسير الاستجابة الإنسانية قد أُحرز، بما في ذلك قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2021 الذي يسمح ببعض الاستثناءات في نظام العقوبات، إلا أن "روبير مارديني"  أوضح أن على الدول أن تقطع أشواطًا أبعد بكثير في ذلك الاتجاه.

وقال السيد "مارديني": "على الرغم من أهمية الاستجابة الإنسانية، لكنها بالطبع لا يمكن أن تحل محل قطاع عام يعمل بكفاءة وتضمن تقديم الخدمات إلى 40 مليون شخص. وتتمثل الخطوات التالية الأكثر إلحاحًا في دفع الرواتب لنحو 500,000 من موظفي الخدمة المدنية في القطاع العام، وضمان قدرة الخدمات الحيوية على العمل، واستئناف الدعم التقني للبنك المركزي للتخفيف من أزمة البنوك والسيولة."

من جانبها، تدعم اللجنة الدولية 28 مستشفى في جميع أنحاء البلاد، من خلال مشروع Hospital Resilience Project  (تعزيز قدرة المستشفيات على الصمود) بما في ذلك دفع رواتب حوالي 10,000 أخصائي رعاية صحية بشكل مباشر. ويضمن هذا الدعم حصول ما يصل إلى 20 مليون شخص على الرعاية الصحية. ومن خلال العمل من كثب مع جمعية الهلال الأحمر الأفغاني والشركاء الرئيسيين الآخرين - من داخل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وخارجها - فهم مستعدون لتوسيع نطاق هذا النموذج وتكراره، بما في ذلك في القطاعات الرئيسية الأخرى. كما بدأ العمل لضمان عدم انقطاع الإمدادات من مياه الشرب في المراكز الحضرية من خلال دعم مرافق المياه والكهرباء العامة.

 وتحقيقًا لهذه الغاية، ستطلق اللجنة الدولية في آذار/مارس نداءً لزيادة الميزانية بما يقارب 50 مليون فرنك سويسري (54 مليون دولار أمريكي)، سيُستخدم معظمها للمساعدة في تقديم المساعدات للمستشفيات والطواقم الطبية في البلاد.

وقال السيد "مارديني": "الخطوة الضرورية الآن هي اتخاذ المانحين إجراءات حاسمة لإعلاء حياة الشعب الأفغاني ومصادر رزقه فوق الاعتبارات السياسية". وأضاف قائلًا: "ستكون كلفة التقاعس عن اتخاذ إجراءات أكبر بكثير، وسيكون من الصعب، إن لم يكن ضربًا من المستحيل، تحسين الأوضاع الناجمة عن ذلك". 

لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـ:

السيد "Parwiz Ahmad Faizi"، (باللغة الإنجليزية، والعربية)، بعثة اللجنة الدولية في كابل، البريد الإلكتروني: pfaizi@icrc.org

السيدة Anita Dullard" (باللغة الإنجليزية)، بعثة اللجنة الدولية في بانكوك، البريد الإلكتروني: adullard@icrc.org، الهاتف: 00266659562064
السيد Florian Seriex"  (باللغة الفرنسية)، مقر اللجنة الدولية، جنيف، البريد الإلكتروني: fseriex@icrc.org، الهاتف: 0041795740636

اضغط هنا لمشاهدة وتنزيل آخر أخبار اللجنة الدولية المصورة بالفيديو بالنوعية الصالحة للبث

 للاطلاع على ما تفعله اللجنة الدولية لوضع حد للاعتداءات على المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية. يمكنكم زيارة الموقع هنا

 تابعوا صفحتي اللجنة الدولية على فيسبوك وتويتر