مقال

غزة: كفاحٌ يوميٌّ لإعادة إحياء الأمل

محمد نصار، 22 عاماً، مصور شاب وأحد خرّيجي كلية تكنولوجيا المعلومات. يقول محمد: "يكاد أن يكون العثور على وظيفة لخرّيج جديد في غزة مستحيلاً. لا أريد أن أكون عبئاً على عائلتي، لذا خطرت لي فكرة إنشاء مشروعي الخاص، وهو استوديو لعمل جلسات تصوير".

ويضيف محمد: "لقد أنشأت استوديو في الهواء الطلق يجمع بين إطلالة البحر وحديقة بها مجرى مائي وسيارة قديمة لعمل جلسات تصوير، وقاعة للإيجار للمناسبات العائلية. استغرقني إنشاؤه عاماً. وبعد أسبوع من الافتتاح، حدث التصعيد في مايو 2021 وتحطمت جميع أحلامي حين دمرت غارة جوية قريبة من المكان كل شيء. لم أكن قد انتهيت حتى من دفع الأقساط لشركة البناء".

يترك النزاع والاحتلال آثاراً جليّة وأخرى تكون بالغالب غير مرئية وتؤثر على الصحة النفسية والسلامة النفسية الاجتماعية للأفراد. وينطبق هذا بشكل خاص على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاماً في غزة، والذين يشكلون خُمس السكان. وجد استطلاع حديث أجرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) عبر الإنترنت أن نصف شباب غزة الذين شاركوا في الاستطلاع قد عانوا من مشاكل متعلقة بصحتهم النفسية على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، بما في ذلك التوتر والقلق، علماً بأن العديد منهم قد شهد ما يصل إلى خمس عمليات عسكرية كبيرة وتصعيدات أخرى لا حصر لها.

بالنسبة لمحمد وكثيرين غيره ممّن يحاولون إعادة بناء حياتهم، كلّ يوم هو بمثابة كفاح من أجل إعادة إحياء الأمل. يقول محمد: "في غزة، نكافح لعيش حياة طبيعية. دُمّر الاستوديو الخاص بي جزئياً مرة أخرى في أحد الأيام العصيبة في يوليو 2022. سأفقد عقلي إذا فكّرت لثانيةٍ أخرى لماذا حدث ذلك لي مجدداً. كيف يمكنني مواصلة المشوار؟ لم يكن أمامي خيار سوى إعادة بناء الاستوديو لإحياء

حلمي ومصدر رزقي من جديد. لقد أصبح الاستوديو اليوم معروفاً بين سكان غزة، فيرتاده العديد من الأزواج لالتقاط الصور في يوم زفافهم، وكذلك الطلاب المحتفلون بتخرجهم، والآباء المحتفلون بأعياد ميلاد أطفالهم".

ويضيف محمد: "هذا الاستوديو بمثابة ملاذ آمن بالنسبة لي. بمجرد دخولي إليه، أشعر وكأن جميع همومي قد اختفت. عائلتي هي مصدر قوّتي وعزيمتي، أنا ممتن لأنهم جميعاً بخير. إنّ تعويض الخسائر المالية ممكن، ولكن إعادة أحبائنا إلى الحياة إن خسرناهم مستحيل. وما زلت أخشى أن أستيقظ في يوم من الأيام لأجد مشروعي مدمراً مرة أخرى".