بيان

كوفيد-19 تهديد لنا جميعًا، ولكنه تهديد أكثر خطورة وسط النزاع المسلح

بيان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، اللجنة الثالثة، المناقشة العامة

بيان 8 تشرين الأول/أكتوبر 2020

ألقته السيدة ليتيسيا كورتوا، المراقبة الدائمة ورئيسة بعثة اللجنة الدولية في نيويورك  

شكرًا سيدتي الرئيسة

خلال الشهور الماضية من جائحة كوفيد-19، عرفنا مَنْ هم الأكثر ضعفًا بيننا. المسنون والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية مستبطنة هم الأضعف على نحو خاص، وكذلك الأشخاص المحرومون من حريتهم، والمهمشون بسبب الحواجز اللغوية، والافتقار إلى الفرص الاقتصادية، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

يشكل كوفيد-19 تهديدًا حقيقيًا لنا جميعًا، ولكنه تهديد أكثر خطورة على الأشخاص في المناطق التي دُمِّرت فيها الخدمات الصحية والعامة بسبب النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى. لم تعمل الجائحة وآثارها الاجتماعية والاقتصادية الثانوية على تدهور الوضع الإنساني في العديد من المناطق فحسب، بل كشفت أيضًا عن مشاكل موجودة مسبقًا خاصة بالحماية، وبالتبعات التي يعاني منها الناس عندما لا يلقى القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، الاحترام الصحيح.

سأركز اليوم على أربعة مجالات ندعو فيها إلى اتباع نهج شامل أكبر من الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، وهي: الرعاية الصحية، والاحتجاز، والمساعدات الإنسانية، ووحدة الأسرة.

أولًا، لمواجهة كوفيد-19، يجب أن نضمن أن الرعاية الصحية متاحة وآمنة، دون تمييز. على سبيل المثال، يمكن ألا يحصل اللاجئون وغيرهم من الرعايا الأجانب الأكثر استضعافًا على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية كليًا أو جزئيًا بسبب وضعهم القانوني، والتمييز، والافتقار إلى الوثائق، والموارد المالية والحواجز اللغوية.

 يحق للدول، ويجب عليها، اتخاذ تدابير لإدارة مخاطر الصحة العامة. ولكن أي تدابير تُتَخذ للتصدي لانتشار كوفيد-19، بما في ذلك فرض قيود على الحركة والإجراءات الطارئة على الحدود، لابد أن تمتثل إلى القانون الدولي المُطبَّق. وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يجب أن تكون هذه الإجراءات قانونية، وضرورية، ومتناسبة مع هدف حماية الصحة العامة، ويجب ألا تتضمن أي تمييز.

ثانيًا، نحتاج إلى تركيز أكبر على أماكن الاحتجاز وغيرها من الجهات التي يُحرَم فيها الناس من حريتهم.

يواجه المحتجزون على نحو خاص خطر الإصابة في أماكن الاحتجاز بسبب صعوبة التباعد الجسدي، ولأن تدابير النظافة ربما تكون غير كافية. وينبغي، بقدر المستطاع، تقليل الاكتظاظ لتجنب الزحام المفرط. ويجب توفير المياه النظيفة والصرف الصحي. كما يكون خطر الإصابة بكوفيد-19 كبيرًا أيضًا في مرافق الاحتجاز الخاصة بالمهاجرين، والمعسكرات، والمواقع الشبيهة بالمخيمات وأماكن التوطين الحضرية، بسبب المواقع المغلقة المشابهة.

ثالثًا، يجب علينا ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات الأكثر تهميشًا وتعرضًا للخطر.

رأينا إنه في حالات النزاعات المسلحة، تكون الجائحة بمثابة أزمة اقتصادية بقدر ما هي أزمة صحية. عندما تكون المساعدات الإنسانية ضرورية أكثر من أي وقت مضى، يجب أن تخضع إجراءات الصحة العامة للقانون الدولي، ولابد، وهذا مهم لنا، أن تشتمل على إعفاءات للمنظمات الإنسانية حتى تتمكن من الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفًا.

دعوني الآن أنتقل إلى مجموعات أخرى تواجه مخاطر مختلفة ومحددة. وهن النساء والفتيات على وجه الخصوص إذ يواجهن مخاطر متزايدة من العنف الجنسي والعنف المرتبط بالنوع الاجتماعي. وغالبًا ما تُحرَم النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على الرعاية الصحية، أو يُستَبعدون من القنوات التي توفر المعلومات عن تفشي الجائحة. وربما يتعرضون أيضًا لخطر أكبر للإصابة بالعدوى، لاسيما في مرافق الرعاية التي لا تتوفر فيها تدابير وقائية مناسبة.

 بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص، يمكن أن تعمل إجراءات الوقاية من كوفيد-19 على زيادة أوجه الضعف الموجودة. فيمكن للقيود المفروضة على الحركة، وانفصال الأسر بسبب الحجر الصحي، وانقطاع المدارس – وهي عادة أماكن حماية للأطفال – أن تزيد من مخاطر تعرضهم لسوء المعاملة والاستغلال والعنف.

يجب علينا التصدي لظروف الفئات المهمشة والمعرضة للخطر في استجابتنا وأن نحدد احتياجاتها ونلبيها.

وأخيرًا، عند اتخاذ إجراءات تتعلق بكوفيد-19، فإن الحق في الحياة الأسرية، وحماية وحدة الأسرة والروابط الأسرية أمور لها أهمية كبرى. وينبغي تعديل الإجراءات بما فيها القيود على الحركة، والعزل الطبي والحجر، بحيث تساعد على الحفاظ على وحدة الأسرة. إضافةً إلى ذلك، ينبغي على السلطات اتخاذ كافة التدابير الممكنة لحماية الأشخاص من الاختفاء وضمان كرامة الموتى، ومن بينها تسجيل الأشخاص الذي يدخلون المرافق الصحية والحجر الصحي، والتوثيق الملائم لعمليات النقل والوفاة.

أشكركم