مقال

ملاعب كرة القدم .. أفقٌ جديد لذوي الإعاقة في العراق

يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديات مختلفة، بعضها واضح وبعضها الآخر خفي. فهم يمرون بمجموعة من العقبات النفسية والعاطفية، بدءً من الشعور بالضعف وتناقص الشعور بقيمة الذات فضلًا عن مواجهة التمييز والتنمر وعدم تكافؤ الفرص مقارنة بالآخرين.

تدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشكل نشط الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق منذ عام 1993، بما يتماشى مع مهمتها المتمثلة في مساعدة ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة.
ويتمثل جزء من الدعم الذي تقدمه اللجنة الدولية في برنامج الإدماج الاجتماعي الذي تنفذ فيه وتدعم مجموعةً متنوعة من المبادرات التي تهدف إلى مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية على مشاركتهم في المجتمع مشاركة كاملة. ويعني هذا في كثير من الأحيان إزالة الحواجز الملموسة وتغيير المواقف حتى يتمكن الناس من إدراك وتحقيق إمكاناتهم الكاملة في جميع جوانب المجتمع.
ويشمل ذلك برامج رياضية لتحقيق التأقلم، وزيادة فرص الحصول على التعليم، ودعم التطور الوظيفي، ومبادرات الاقتصاد الجزئي لبناء الثقة والعمل الجماعي ومهارات القيادة، مع خلق وعي مجتمعي أكبر والحد من الوصم الطويل الأمد.

الاتحاد العراقي لكرة قدم فاقدي الأطراف

يتحدث محمد عدنان، مؤسس اتحاد كرة القدم لمبتوري الأطراف في العراق عن إعاقته قائلًا: "أكثر ما افتقدته بعد بتر ساقي هو لعب كرة القدم. فرغم قدرتي على المشي والذهاب إلى العمل بفضل الطرف الاصطناعي، يؤلمني أن لعب كرة القدم لم يعد في مقدوري."

© ICRC - Layla Merzah

فقد محمد ساقه اليمنى في عام 2014 من جراء الحرب. ورغم التحديات، استأنف محمد حياته وأتيحت له الفرصة لاستكمال درجة الدكتوراه في القانون في بريطانيا.
وفي أثناء دراسته في بورتسموث بإنجلترا، سَرَّه وجود اتحاد كرة القدم لمبتوري الأطراف وهو مجموعة من الأفراد الذين يواجهون ظروفًا مماثلة ويمارسون الرياضة التي يحبون. انضم محمد للفريق فشارك في عدة مباريات من بينها الدوري الإنجليزي.
ألهمته هذه الممارسة فكرةً فقرر إنشاء تجمّع مماثل في العراق في عام 2021. وعندما تواصل مع الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، سرَّته المكالمات العديدة التي تلقاها على غير توقع منه.
يطمح محمد إلى كفالة احترام الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير خدمات مصممة خصيصًا لإمكاناتهم وإبداعهم. وهو يتطلع إلى تكافؤ الفرص في التعليم والتوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة "لأنهم يستحقون ذلك"، على حد تعبيره.

كريم حسن – جناح أيمن

© ICRC - Layla Merzah

يقول كريم، وهو جندي سابق وأحد أعضاء فريق الاتحاد العراقي لكرة قدم فاقدي الأطراف: "لقد عادت حياتي إلى طبيعتها بالكامل بعد انضمامي إلى فريق كرة القدم، وأنا الآن فخور بإعاقتي". فقد كريم ساقه اليمنى في أثناء تأدية الخدمة العسكرية في عام 2014

ويتأمل كريم حياته عقب الإصابة. ففي تلك الفترة كان نادرًا ما يغادر منزله وظل على ذلك الحال نحو 6 سنوات، إلى أن انضم إلى الفريق. في البداية كان يشعر بالخجل من إعاقته الجسدية وامتنع عن استخدام العكاز. يقول كريم: "الآن يمكنني الركض بسهولة باستخدام العكاز."

إن الانضمام إلى الفريق بث في قلب كريم شعورًا بالانتماء والتواصل مع الأفراد ذوي الإعاقة نفسها. فهذا الفريق مثَّل له جماعة دعم، دائرة اجتماعية يفهم أفرادُها حقًا ما يمر به.

© ICRC - Layla Merzah

يشجع كريم جميع الوافدين الجدد والأعضاء الشباب على الاستمرار ويوجه الدعوة للآخرين من ذوي الإعاقة للانضمام إلى الفريق.
"كنت قد نبذت الحياة وبدأت أكره ذاتي. لكن عندما انضممتُ إلى هذا الفريق، لم أعد أرى نفسي شخصًا ذا إعاقة ولم أعد أشعر بأنني مختلف."

علاء عبود – حارس مرمى

© ICRC - Layla Merzah

فقد علاء ذراعه اليسرى عندما كان طفلًا بسبب خطأ طبي كان له أثر في تنشئته بإعاقته. ورغم ذلك، فهو يلعب كرة القدم منذ طفولته في مركز حارس المرمى. عند انضمامه إلى الفريق، اعتقد الجميع أن لديه خبرة في اللعب في الخارج بسبب مهاراته البارزة.
ورغم أنه لم يشعر أبدًا بأنه مختلف عن غيره، فقد كان سعيدًا باكتشاف هذا التجمع الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة.
يتذكر علاء باعتزاز إحدى أعظم لحظات حياته عندما تصدى بنجاح لضربة جزاء خلال الدقائق العشر الأولى من المباراة الأولى في كأس العالم لكرة القدم لمبتوري الأطراف في عام 2022 في إسطنبول بتركيا.
يتوجه علاء إلى جميع الأشخاص ذوي الإعاقة قائلًا: "لا تفترض أن الإعاقة هي نهاية حياتك، بل على العكس تمامًا. مكِّن نفسك حتى ترتقي واستكشف العالم وتحدى العقلية التي تظن أن الأشخاص ذوي الإعاقة أقل قدرة من غيرهم. تحرر من القيود."

اضطلع "الاتحاد العراقي لكرة قدم مبتوري الأطراف" بدور محوري في تغيير حياة الأفراد الذين كانوا يترددون في المغامرة وجعلَهم أعضاء واثقين من أنفسهم ويفخرون الآن بإعاقتهم الجسدية ويشاركون الصور الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورغم الظروف المتنوعة التي أدت إلى وقوع إصابات لهؤلاء الأشخاص، نجح "الاتحاد العراقي لكرة قدم مبتوري الأطراف" في توحيد الأفراد من جميع أنحاء البلاد. فهؤلاء مرتبطون بعضهم ببعض بفعل التحديات المشتركة والشغف بكرة القدم الذي يجمعهم.

إنجازات الاتحاد العراقي لكرة قدم مبتوري الأطراف

"رغم كونه اتحادًا جديدًا نسبيًا، حقق فريق كرة القدم إنجازًا رائعًا بالوصول إلى كأس العالم لكرة القدم لمبتوري الأطراف 2022 وتحقيق الانتصارات ضد ثلاثة فرق قوية هي ألمانيا وأوروغواي وأيرلندا. فقد تنافس الفريق العراقي ضد فرق تتمتع بخبرة تتراوح بين 20 و30 عامًا، وحصل على المركز التاسع عشر. يقول محمد، مؤسس الفريق، بكل فخر: "كان طموحنا أولًا المشاركة لا أكثر لكننا فعلنا أكثر من مجرد المشاركة فقد تمكنا من تحقيق انتصارات على بعض الفرق. وهذا بحد ذاته إنجاز كبير بالنسبة لنا."
وفي إطار برنامجها للإدماج الاجتماعي، تدعم اللجنة الدولية "الاتحاد العراقي لكرة قدم مبتوري الأطراف" وتمول أحدث بطولة بين فرق الاتحاد في جميع أنحاء العراق في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.