مقال

المبادئ الأخلاقية التي تسترشد بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في شراكتها مع القطاع الخاص

تهدف هذه المبادئ التوجيهية إلى وضع إطار عمل شفاف للعلاقة بين الشركات واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

أولًا-الغرض

الهدف المتوخى من المبادئ التوجيهية المشار إليها هو وضع إطار عمل شفاف للعلاقات التي تربط بين الشركات واللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي تنطوي على دعم مقدم من القطاع الخاص للجنة الدولية (مثل التبرعات النقدية أو العينية والرعاية والترويج المرتبط بقضية والمساعدة التقنية). يشمل مصطلح" الشركات" الشركات الخاصة ومؤسساتها والشركات المملوكة للدولة.

وينبغي للشراكة أن تعزز من حيث المبدأ قدرات المنظمة على تنفيذ أنشطتها في جميع أنحاء العالم وفقًا للتفويض المحدد الممنوح لها وفي ضوء مبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (المشار إليها فيما يلي بـ " الحركة الدولية") وألا تقوضها بأي حال من الأحوال.

ثانيًا-استراتيجية اللجنة الدولية المتعلقة بالقطاع الخاص

تتعامل اللجنة الدولية عادة مع الدول منذ نشأتها في عام 1863 وبعد الحرب العالمية الثانية، عززت تعاملها مع الهيئات غير الحكومية كجماعات المعارضة والمنظمات غير الحكومية بالنظر إلى تزايد أهمية دور القطاع الخاص في العلاقات الدولية مع ظهور العولمة. فحكومات العديد من الدول المتضررة من العنف الداخلي أو النزاع المسلح فقدت قاسمًا من امتيازاتها بينما يتزايد تأثير بعض الشركات متعددة الجنسيات على أطراف النزاع. واعتمدت اللجنة الدولية استراتيجية شاملة لتطوير علاقاتها مع القطاع الخاص على نحو متسق ومنسَّق يرمي بالأساس إلى مواصلة توفير الحماية والمساعدة بشكل فعال لضحايا النزاع في ظل هذه الظروف الجديدة.

التركيز على مجالين رئيسيين

  • تعزيز المبادئ الإنسانية والحوار الإنساني مع الشركات العاملة في المناطق المعرضة للنزاع

 

تسعى اللجنة الدولية في هذه الحال إلى إقامة علاقات مع شركة ما، لما لها من تأثير مباشر أو غير مباشر على أوضاع ضحايا الحرب. وهي لا تهدف إلى الحصول على دعم مادي أو مالي وتخاطب الشركات بغض النظر عن مدى اتساق سياستها وأنشطتها مع "المبادئ التوجيهية" المشار إليها أدناه. فهذه المبادئ لا تنطبق على العلاقات مع القطاع الخاص القائمة في إطار هذا الهدف الأول.

  • السعي للحصول على دعم القطاع الخاص لتعزيز قدرات اللجنة الدولية على العمل بكفاءة.

 

وترى اللجنة الدولية أن الخبرات والقدرات المالية لقطاع الأعمال التجارية من شأنها مساعدتها على بلوغ أهدافها الإنسانية. وتتطبق فقط المبادئ أدناه على العلاقات مع الشركات المشار إليها تحت العنوان الثاني. وتعقد اللجنة الدولية شراكات مع الشركات التي تتسق سياستها وأنشطتها مع هذه المبادئ.

وتتبع اللجنة الدولية في تعاطيها مع القطاع الخاص نهجًا متسقًا ومحدد المبادئ. فالاتساق يعد أيضًا هدفًا مهمًا تتوخاه الحركة الدولية لا سيما عند عقد شراكات ذات تغطية دولية ربما لها آثار على البلدان المعرضة للعنف. وأظهرت التجربة أنه في عصر العولمة تتدفق المعلومات الخاصة بالشراكات بطريقة آنية عبر الحدود وتؤثر على الرأي العام والقادة السياسيين.  علاوة على ذلك، تميز الشركات المتعددة الجنسيات بالكاد بين المكونات المختلفة للحركة. فاهتمامها ينصب على ربط اسمها بالعلامة المميزة للصليب الأحمر/الهلال الأحمر.

ثالثًاالمبادئ التوجيهية

تستند معايير اختيار اللجنة الدولية لعقد شراكة مع شركات على ثلاثة مصادر أساسية:

 1. مبادئ الحركة الدولية

2. النظام الأساسي للحركة الدولية

3. التفويض المحدد الممنوح للجنة الدولية

1.مبادئ الحركة الدولية

تهدف الحركة الدولية بموجب مبدأ الإنسانية إلى "حماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان".

ويقضي مبدأ عدم التحيز "بألا تمارس الحركة أي تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو المعتقدات الدينية أو الوضع الاجتماعي أو الآراء السياسية".

ويقضي مبدأ الاستقلال بأن تتمتع اللجنة الدولية "بالقدرة على التصرف في كل الأوقات وفقًا لمبادئ الحركة".

وينص مبدأ الحياد على أنه "لكي تحتفظ الحركة بثقة الجميع، تمتنع عن تأييد أي طرف من الأطراف في الأعمال العدائية أو المشاركة، في أي وقت، في الخلافات ذات الطابع السياسي أو العرقي أو الديني أو الأيديولوجي".

وتعني العالمية أن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر هي حركة عالمية تعمل في جميع أنحاء العالم.

والقصد من الوحدة هو أنه لا يمكن أن تكون هناك سوى جمعية واحدة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر في البلد الواحد. ويجب أن تكون مفتوحة للجميع، وأن يمتد عملها الإنساني إلى جميع أراضي البلد.

جميع المكونات المختلفة للحركة الدولية هي منظمات لا تستهدفالربح.

2.النظام الأساسي للحركة الدولية

ينص النظام الأساسي للحركة الدولية في ديباجاته على أن مهمة الحركة تكمن في "... حماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان (خاصة في أوقات النزاع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى)، ... والعمل على الوقاية من المرض وتعزيز الصحة والرعاية الاجتماعية".

3.التفويض المحدد الممنوح للجنة الدولية

يتمثل التفويض المحدد الممنوح للجنة الدولية في تعزيز القانون الدولي الإنساني وحماية ضحايا النزاعات المسلحة ومساعدتهم. لذا، تعكف اللجنة الدولية على دراسة تعامل الشركات في المناطق المعرضة للحرب وعلاقاتها مع الحكومات والمجتمعات المحلية.

ثالثًا-المعاييرالأخلاقية

تستند المعايير الأخلاقية لشراكة اللجنة الدولية مع الشركات على المصادر الأساسية الثلاثة المشار إليها. ثمة معايير إيجابية وسلبية تسترشد بها اللجنة الدولية عند اتخاذها القرار الخاص بإقامة هذه العلاقات. ويتخذ هذا القرار في ثلاث خطوات مرتبة بحسب الأولوية:

1. كأولوية مطلقة، لا تقبل اللجنة الدولية أي دعم من شركة إذا كان من شأن هذا الدعم أن يعرّض للخطر قدرة المنظمة على الاضطلاع بالتفويض الممنوح لها وفقًا للمبادئ المذكورة أعلاه.

2. تسعى اللجنة الدولية للحصول على وتقبل الدعم من القطاع الخاص شريطة ألا تتناقض بشكل أساسي سياسات وأنشطة الشركة المعنية مع المبادئ التوجيهية المشار إليها أعلاه.  يستهدف هذا المعيار الشروط المنصوص عليها في المادة 23   من لائحة الحركة الدولية بشأن استخدام شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر التي تقضي بـ ".] ألا يمارس شريك في مجال الأعمال[   بأي حال من الأحوال ... أنشطة تتعارض مع أهداف الحركة ومبادئها أو ما يعتبره الجمهور أمراً مشكوكاً فيه ومثيراً للجدل".

3. تجري اللجنة الدولية تقييماً للأثر المحتمل للشراكة على صورتها العامة وسمعتها.

واستنادًا إلى ما ذكر أعلاه، تتمثل المعايير الأخلاقية فيما يلي:

أ. لا تسعى اللجنة الدولية إلى ولا تقبل دعماً من الشركات التي تعمل بشكل مباشر في صناعة الأسلحة أو بيعها، أو تمتلك أسهماً غالبة في مثل هذه الشركات.

ب. لا تسعى اللجنة الدولية إلى ولا تقبل دعماً من الشركات التي تشارك في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني تعلم بها اللجنة الدولية بناء على المعلومات المتاحة لديها من خلال تواجدها في المناطق المعرضة للنزاعات في مختلف أنحاء العالم.

ج. لا تسعى اللجنة الدولية إلى ولا تقبل دعماً من الشركات التي لا تراعي حقوق الإنسان ومعايير العمل الأساسية المعترف بها دولياً، ولا سيما تلك الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.

د. لا تسعى اللجنة الدولية إلى ولا تقبل دعماً من الشركات التي يُعرف على نطاق واسع أن منتجاتها ضارة بالصحة، أو توجد ادعاءات موثوقة بعدم التزامها بالقواعد والأنظمة المتعارف عليها على نطاق واسع، كتلك التي تضعها منظمة الصحة العالمية.

هـ. تولي أيضاً اللجنة الدولية اهتماماً لما إذا كان هناك جدل عام مهمأو شكوك ترتبط بمنتجات الشركة، أو سياساتها، أو أنشطتها وتستند في حكمها إلى التقارير وعمليات التقييم التي تقدمها وكالات تقييم مهنية وإلى غيرها من المعلومات المتاحة من مصادر موثوقة.

وتسعى اللجنة الدولية إلى إقامة شراكات مع الشركات التي تلتزم باحترام المعايير المذكورة أعلاه. وتؤيد كذلك إقامة شراكات مع الشركات التي تقدّر وتنفذ المبادئ الأساسية للتنمية المستدامة والإدارة "الصديقة" للموارد البيئية وتلك الداعمة بشكل نشط التنمية المستدامة على مستوى الميدان.

رابعًا -مصادرالمعلومات

تتميز العولمة بعمليات الدمج والتملك واستثمارات الحافظات المالية المعقدة التي لا تسمح على الإطلاق للجنة الدولية بتقييم نطاق الأنشطة والسلوك الأخلاقي للشركات. لذا، تعتمد اللجنة الدولية على اثنتين على الأقل من وكالات التقييم المهنية للسلوك الأخلاقي للشركات، والتي ينبغي أن تكون منظمات تتمتع بالاستقلال ولا تهدف للربح.

وتقدم وكالات التقييم المشار إليها للجنة الدولية وصفًا مفصلًا لأنشطة الشركات وسلوكها الأخلاقي مثل تحليل للمبيعات بحسب القطاع والأداء الاجتماعي والبيئي، والعلاقات مع الموظفين والمجتمعات المضيفة والشفافية وسياستها المتعلقة بالإفصاح، بالإضافة إلى المسائل المرتبطة بحقوق الإنسان. وتفيد وكالات تقييم السلوك الأخلاقي أيضًا في حال وجود خلافات عامة وبما تبذله الشركة من جهود لحلها.

وتجمع أية بيانات إضافية عند الاقتضاء من الهيئات الدولية الرسمية ذات الصلة مثل منظمة الصحة العالمية. وفي حالة تبقي أية شكوك، تسعى اللجنة الدولية إلى إزالتها من خلال مناقشة المسألة مباشرة مع الشركة عند حوارها معها بشأن إبرام اتفاق شراكة.

خامسًا. أشكال الشراكة

ويقضي مبدأ الاستقلال بألا يعطي أي ترتيب بين اللجنة الدولية والشركة انطباعًا بأن اللجنة الدولية تؤيد الشركة أو منتجاتها أو سياساتها أو خدماتها. فاللجنة الدولية لا تمنح رسميًا أية "امتيازات" لأي شركة في إطار شراكة مقامة بينهما.

ولا يعد شعار اللجنة الدولية للصليب الأحمر علامة تجارية، ولا يسجل بهذه الصفة، كما لا تشمله الحماية المكفولة بموجب قوانين العلامات التجارية. يحمل شعار اللجنة الدولية شارة الصليب الأحمر المحمية بموجب القانون الدولي (اتفاقيات جنيف) .  وبداية، يعد الشعار رمزَا للحماية أثناء النزاعات المسلحة معترفًا به دوليًا. وتتحمل جميع مكونات الحركة الدولية مسؤولية المساعدة على قدرة الحماية الفريدة التي توفرها الشارة. ويجب أن تخضع جميع الاتفاقات مع الشركات للقواعد المطبقة بشأن استخدام رمز اللجنة الدولية على النحو الوارد في لوائح الحركة الدولية لعام 1991بشأن استخدام الشارة.

وينبغي أن تدون خطيًا اتفاقات الشراكة التي تخول شركة ما باستخدام اسم وشعار اللجنة الدولية، مع تحديد أدوار ومسؤوليات كل طرف في بوضوح. ويجب أن تتضمن هذه الاتفاقات بندًا يجيز للطرفين إنهاء الاتفاق. وتحتفظ اللجنة الدولية دائمًا بحق الانسحاب من شراكة ما في غضون مهلة قصيرة، إذا علمت بأن الشركة الشريكة لم تعد تفي بالمعايير الأخلاقية المبينة في القسم ثالثًا.

رابعًا-التنفيذ

تمتلك اللجنة الدولية وحدة تعرف بـ "وحدة الشراكة مع الشركات" ترفع تقاريرها مباشرة إلى المدير العام وتتولى مهمة استعراض هذه المبادئ التوجيهية وتنفيذها. وتتخذ القرارات استنادً إلى تقييم مدى توافق سياسات الشركة وممارستها مع المعايير المبينة في القسم ثالثًا. وفي حالات استثنائية حينما تعجز وحدة الشراكة مع الشركات من تقديم توصيات نهائية تعرض المسألة على مجلس الجمعية الخاص باللجنة الدولية لاتخاذ قرار نهائي.

حينما يتعلق الأمر بالشراكات طويلة الأجل أو في حال وجود عناصر رئيسية جديدة ينبغي أن تؤخذ في الحسبان بشأن الشركة الشريكة (مثل الدمج والتملك)، تجري اللجنة الدولية استعراضًا لتقييم ما إذا كانت الشركات الشريكة تلبي المعايير المذكورة أعلاه أو ما إذا كان ينبغي إنهاء الشراكة.