بيان

مضاعفة الاستجابة الطارئة للأزمة السورية

كلمة السيد "بيتر ماورير" رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمام "المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية"

صاحب السمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، معالي السيد الأمين العام، أصحاب الفخامة، السيدات والسادة،

أتشرف اليوم بتوجيه كلمتي لكم باسم الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، بمكوناتها الثلاثة وهي الجمعيات الوطنية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

فمع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، يعز الشعور بالتفاؤل تجاه المستقبل.

فما كان يعد اضطرابات قصيرة المدى في البلدان ذات الدخل المتوسط قبل خمسة أعوام، تحول إلى إخفاق على المدى الطويل في توفير الخدمات الأساسية لسكان أفقرتهم نزاعات باتت اليوم طويلة المدى أو طال أمدها.


فالاضطرابات المؤقتة تحولت إلى سلسلة من الإخفاقات المستمرة تلقي بظلالها الكثيفة على الملايين من السكان الذين يفتقرون إلى الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي والغذاء والسكن.

فقد بلغ حجم المعاناة التي يقاسيها السوريون مستويات هائلة كما نعلم جميعًا، وبحسب الإحصائيات فإن ما يزيد على 200000 شخص قد لقوا حتفهم بينما أصيب مليون شخص وفر سبعة ملايين من البلاد، ما ألقى بأعباء كبيرة على البلدان المجاورة سواء من الناحية المادية أو الاجتماعية.

فنحن أمام أزمة إقليمية فاق حجمها كل الأزمات.

وبات تجاهل القواعد التي تكفل الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أمرًا عاديًا. فالمستشفيات والمدنيون لا يسلمون من الاستهداف وأصبح المستضعفون الذين لهم الحق في الحصول على أكبر قدر من الحماية القانونية الصريحة هم الأغلب بين الضحايا.

فنحن أمام أزمة إقليمية فاق حجمها كل الأزمات.

إلا أن هناك أحيانًا بصيصًا من الضوء وسط عتمة هذه الأوضاع المثبطة للهمم.


فمكتبنا في دمشق تلقى مؤخرًا رسالة بالبريد الإلكتروني من المشفى الوحيد للأطفال الذي لا يزال يعمل في شرق حلب، مرفقة معها صورة لحضّانات الأطفال حديثي الولادة التي تنقذ حياتهم عند خروجهم إلى النور.

فهذه الحضّانات تعمل حاليًا بفضل مولد الكهرباء الذي جلبته اللجنة الدولية بمساعدة متطوعي الهلال الأحمر العربي السوري عبر الخطوط الأمامية.

إنها مجرد قصة نجاح صغيرة تحققت بفضل قدراتنا على التفاوض كوسيط إنساني محايد من أجل الوصول الآمن لبعض المناطق.

فخلال العام الماضي، تضاعف عدد المرات التي تمكنت فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري من عبور الخطوط الأمامية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف لنا أن نستمر في تحقيق هذه النجاحات الصغيرة في ظل تزايد الاحتياجات واستمرار العراقيل التي تحول دون وصولنا لمن هم بحاجة إلى المساعدة؟

وأنا أخشى من نفاد موارد السوريين والمجتمعات المضيفة لهم والحكومات في المنطقة وكذلك من نفاد صبرهم جميعًا.

فنحن نعلم أن النزاع لن ينتهي بين ليلة وضحاها وأن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم لن تلوح قريبًا في الأفق.

فأمامنا ما لا يقل عن خمس سنوات أخرى من العمل الإنساني المكثف بالرغم من التقدم المحرز، في أفضل الحالات، لإجراء مفاوضات سريعة ومهمة من أجل التسويات السياسية.

الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على استعداد كامل لمضاعفة استجابتها التي تبلغ بالفعل مستويات عالية للأزمة في سورية وفي المنطقة أيضًا بفضل مساعدتكم

لقد تحدثت هنا منذ عام مضى عن الصعوبات الكبيرة التي تقابلنا للوصول إلى الضحايا التي بات نقص التمويل ضعيفًا أمامها. واليوم وبرغم تعاظم التحديات التي تعترض سبيلنا حققنا بعض التقدم في الوصول للضحايا واكتسبنا ثقة جميع الأطراف وتمكنّا من تكثيف أنشطتنا في جميع أنحاء البلد وفي المنطقة أيضًا. فالحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، بمكوناتها الثلاث، وهي الجمعيات الوطنية والاتحاد الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، على استعداد كامل لمضاعفة استجابتها التي تبلغ بالفعل مستويات عالية للأزمة في سورية وفي المنطقة أيضًا بفضل مساعدتكم.

صاحب السمو، إننا أمام نزاع عنيف لا يزال مستمرًا بلا هوادة.

وبات الأمر يتطلب منا تغيير الاتجاه.

فنحن بحاجة الآن إلى تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني الذي يميز بين المقاتلين وغير المقاتلين.

نحن بحاجة إلى حماية المستضعفين والخدمات الطبية. وينبغي تمكين العاملين في المجال الإنساني من تولي المهام الموكلة إليهم في أمان.

ومن هذا المنبر، أناشد كل من لهم تأثير على أطراف النزاع بضمان احترام هذه القواعد المهمة.

واسمحوا لي في نهاية كلمتي أن أقدم لكم كل الشكر باسم الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر لدعمكم لنا.