مقال

معركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر: ننحاز دائماً إلى جانب الناس

معركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر لم تكن يوماً محايدة تماماً: لقد كنا ننحاز دائماً إلى جانب الناس

موفقنا غير القابل للتفاوض حتى لو وجدنا أنفسنا في كثير من الأحيان، وأحياناً على وجه التحديد بسبب هذا الموقف، في قلب الاضطراب والجدل الجيوسياسي وحتى لو وجد فريق عملنا ومتطوعونا أنفسهم في طريق الأذى بينما يستجيبون للاحتياجات الإنسانية. اليوم، في مولد حركتنا الدولية، نحتفل بالمبادئ الأساسية التي تحكم عملنا في الميدان. هذه المبادئ التي كتبت بعد قرن من إنشاء الحركة الدولية للصيب الأحمر وتظل ملائمة أكثر من أي وقت مضى. على الرغم من تغير المشهد بشكل كبير، يحتاج كل منا النظر حوله اليوم في الشرق الأوسط. على الرغم من التحديات، لا أحد يجسد هذه المبادئ أفضل من متطوعي حركتنا فهم يتمسكون بهذه المبادئ والقيم في كل الظروف ليس ضد أي أحد ولكن من أجل الناس أولئك الذين يحتاجون المساعدة.

تأسس الصليب الأحمر قبل 150 عاماُ مستوحىً من معاناة الجرحى بعد معركة سولفرينو. وهذا كان مولد الإنسانية التي نعرفها اليوم لتوفير المساعدة المحايدة المستقلة غير المتحيزة لجميع الأشخاص المحتاجين لها بغض النظر عن أي اعتبار آخر. هذه المبادئ هي القيم الأساسية التي توجّه عملنا حتى الآن في العالم أجمع، بما في ذلك إسرائيل والأراضي المحتلة، حيث يتم اختبارها يومياً.

منذ ان ولدت الحركة الدولية لا زالت المعاناة الانسانية هي السمة البارزة حول العالم. حاولنا بكل الجهود ان نستجيب للاحتياجات بكل الامكانيات ونتعلم من تجارب الماضي ونتكيف مع الحاضر مع الاستعداد للمستقبل. ان التحديات كانت ولا زالت ضخمة وكبيرة وهي تتنوع ما بين تأثير التغير البيئي على عدد لا يحصى من الناس إلى التهميش الذي لا يطاق على قطاعات كاملة من البشر، انتشار النزاعات والانتهاكات المتكررة للقانون الحرب في جميع أنحاء العالم، الكوارث، والهجرات، وعدم الحصول على الرعاية الصحية الأساسية أو كسب العيش الكريم، هذه هي اهم معاركنا.

في اسرائيل والاراضي المحتلة، تقوم جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني ونجمة داود الحمراء في اسرائيل (وهما اعضاء كاملي العضوية في الحركة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر) بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر بمساعدة المجتمعات الأقل حظاً خلال اوقات الهدوء واوقات النزاع. فبينما تركز اللجنة الدولية عملها على تأثير الاحتلال والنزاعات المسلحة تقدم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الإسعاف الحيوي والطارئ، والخدمات النفسية والاجتماعية والطبية لجميع التجمعات السكنية في الأراضي الفلسطينية، وتوزع مساعدات على المتضررين من النزاع. من جهتها، تقوم نجمة داود الحمراء بدمج المتطوعين القادمين من شتى المناطق والتجمعات في المجتمع الإسرائيلي، وتقدم الخدمات الطبية في حالات الطوارئ وتستجيب لاحتياجات أي شخص في جميع أنحاء إسرائيل. ان الجمعيتان تتعاونان سويةً في مهمتهم الإنسانية حيث ان عدم تحيزهم هي حقيقة واقعة تجاوزت الانقسامات السياسية.

ان الخدمة التطوعية هي حجر الزاوية في عملنا، يستحق متطوعو الحركة الدولية كل الاحترام والتقدير لجهودهم وتفانيهم وشجاعتهم التي اظهروها خلال عملهم حول العالم. خلال الزلزال المدمر في النيبال سارع متطوعو نجمة داود الحمراء بالذهاب الى هناك للمساعدة، في سوريا تسعى جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني جاهدةً لمساعدة مخيمات اللاجئين المدمرة. انها جهود تستحق الاعجاب والثناء بلا شك.

في عالمنا اليوم، تواجه القيم والقواعد الإنسانية التحديات، ويدفع عناصرنا ثمناً باهظاً. نشعر مع عائلات المتطوعين والمسعفين من الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة ومخيم اليرموك الذين قتلوا أثناء مساعدة الآخرين. كما ونتذكر أيضا جميع أعضاء الحركة الذين فقدوا حياتهم في مناطق أخرى في العالم، مثل اليمن ومالي وسوريا في الأسابيع القليلة الأخيرة.

في الوقت الذي نحيي به اليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، يشكّل كل متطوع ومتطوعة مصدر إلهام لنا جميعاً. غالباً ما يعملون في ظل ظروف صعبة، نزاعات وكوارث، في المدن الكبرى والمناطق الريفية النائية، وغالبا ما تكون بعيدة عن الأضواء والأولويات السياسية، وبدون الحصول على الاعتراف الكامل الذي يستحقونه. واصِلوا تقديم الخدمة لبعضكم البعض، واجمعوا العالم من أجل الإنسانية! جنبا إلى جنب مع 189 جمعية وطنية في جميع أنحاء العالم، نحتفل بقرن ونصف القرن من العمل الإنساني المشترك. ننظر الى الحاضر بوضوح وشفافية وإلى المستقبل بأمل. يجب أن نستمر – معكم – وأن نعمل بعزم ثابت لإحداث تغيير في حياة الأشخاص الذين يحتاجوننا.