مقال

التحديات المعاصرة أمام القانون الدولي الإنساني – الاحتجاز لأسباب أمنية

الحرمان من الحرية لأسباب أمنية إجراء استثنائي يمكن اتخاذه أثناء نزاع مسلح بهدف إحكام السيطرة. ويتزايد على نطاق كبير استخدام الاحتجاز الإداري لأشخاص يعتقد أنهم يمثلون خطرا يهدد أمن الدولة خارج النـزاعات المسلحة. وفي كلتا الحالتين، لا تراعى الأصول الإجرائية بما فيه الكفاية في مجال حماية حقوق الأشخاص المتضررين.

يجوز فرض الاعتقال في النـزاعات المسلحة الدولية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة "لأسباب أمنية قهرية". ويجب أن ينتهي الاعتقال بمجرد زوال الأسباب الأمنية التي اقتضته أو، بأسرع ما يمكن، بعد انتهاء الأعمال العدائية.

وتتضمن الاتفاقية قواعد إجرائية تهدف إلى كفالة عدم إساءة الدولة لاستخدام الهامش الكبير للسلطة التقديرية التي لديها في تفسير الأخطار التي تهدد أمنها. وأبرزت ممارسات الدول مؤخرا في نـزاعات مسلحة دولية اختلافات كبيرة في تفسير هذه القواعد وتنفيذها، الأمر الذي أثار هاجساً خطيرا.
والموقف ليس أكثر وضوحا في النـزاعات المسلحة غير الدولية. فالمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف لا تعالج الضمانات الإجرائية للاعتقال (وتنص على إعمال الضمانات القضائية الأساسية في حالة الأشخاص المعرضين لملاحقات جنائية). ومع أن البروتوكول الإضافي الثاني يشير إلى الاعتقال فلا يوجد إلا القليل من التوجيه الإضافي بشأن ضمانات المحاكمة العادلة الواجب احترامها. وهكذا يوفر القانون الدولي الإنساني شبكة أمان أساسية يجوز تكملتها بمجموعة قوانين أخرى، لاسيما قانون حقوق الإنسان والقانون الوطني.
وخلال العمليات الأخيرة التي جرت خارج النزاعات المسلحة، أثار احتجاز أشخاص مشتبهين في ضلوعهم في أعمال إرهابية دون توجيه تهم جنائية إليهم، نقاشا كبيرا خصوصا بشأن مدى مشروعية هذا الإجراء بموجب قانون حقوق الإنسان.
وتتضمن بشكل متزايد القوانين المناهضة للإرهاب في عدد من الدول الاحتجاز الإداري كإجراء وقائي في مكافحة الإرهاب. وأثار هذا الأمر مرة أخرى أسئلة تتعلق بضمان حق الفرد في الحرية بموجب القانون الدولي وضرورة تناسق هذا النهج.
ظلت اللجنة الدولية تساهم في الجهود الرامية إلى توضيح الضمانات الإجرائية التي يتعين تطبيقها في حالتي الاعتقال والاحتجاز الإداري. ونظمت في أيلول/سبتمبر 2007 اجتماعا للخبراء تناول هذه المسألة بمشاركة جامعة "Case Western Reserve" في أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية. كما عقدت بالتعاون مع جامعة "Chatham House" في لندن في أيلول/سبتمبر 2008، اجتماعا للخبراء ناقش الضمانات الإجرائية للاحتجاز لأسباب أمنية خلال النزاعات المسلحة غير الدولية. وكان الهدف من وراء هذا الاجتماع مقارعة الأفكار بخصوص بعض المسائل القانونية والعملية المفتوحة لإرساء أساس لمناقشة أوسع نطاقا مع مختلف الجهات المعنية.
وسبق للجنة الدولية أن وضعت مبادئ توجيهية تتعلق بها كمؤسسة تعكس موقفها الرسمي وتوجه عملياتها. وقد نشرت هذه المبادئ تحت عنوان:  Procedural Principles and Safeguards for Internment/Administrative Detention in Armed" Conflict and other Situations of Violence".
وتعرض هذه الوثيقة سلسلة من المبادئ العريضة والقواعد المحددة تعتقد اللجنة الدولية أنه ينبغي، كحد أدنى، أن تحكم أي شكل من أشكال الاحتجاز دون توجيه تهم جنائية.