مقال

جنوب السودان: عودة مستشفى ماريدي للعمل – واللجنة الدولية للصليب الأحمر تعزز دعمها

كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أول مستجيب، بالتعاون مع الصليب الأحمر في جنوب السودان، عقب انفجار صهريج الوقود في ماريدي الشهر الماضي. ونَجَم عن هذه الكارثة مقتل مائتي شخص على الأقل وإصابة وتضرّر عدد مماثل ضررًا بالغًا. أُرسل فريقان جراحيان و10 أطنان من المعدات والإمدادات الطبية وكذلك مستلزمات للإيواء العاجل لعائلات الضحايا إلى المستشفى المحلي قبل مرور 24 ساعة على الحادث.

وبعد مرور ثلاثة أسابيع على الحادث مايزال المصابون في طور التعافي. وبدأ كثيرون عملية العلاج الطويلة التي تتطلب رعاية طبية مستمرة. وألزمت اللجنة الدولية نفسها بدعم مستشفى ماريدي لمدة ثلاثة أشهر تالية. وأوضح مارتن أجي نورجارد، وهو أحد الجراحين الذين وُظّفوا أثناء الطوارئ: "وهذا في المتوسط هو الوقت الذي تحتاجه معظم الجروح الخطيرة حتى تشفى."

وقال نورجارد، وهو طبيب دانماركي وصل إلى هذا البلد قبل أسابيع قليلة فقط من وقوع الحادث الأليم: "يحتاج المصابون بالحروق إلى تغيير الضمادات بانتظام حتى يلتئم الجرح ويتجنب المصاب العدوى. وهناك احتياج لعدد كبير من العاملين المدرَّبين جيدًا لأداء هذه المهام."

وفي غرفتيْ العمليات اللتين أقامتهما اللجنة الدولية في ماريدي ينظف الجراحون، مثل نورجارد، جروح 20 مصابًا ويقومون بتغيير الضمادات كل يوم. وقد عُقدت شراكة مع كلية التمريض المحلية لتأهيل الطلاب لمساعدة الفريق الطبي. وقد انضمت أيضًا مجموعة من أطباء العلاج الطبيعي لتيسير إعادة تأهيل الضحايا.

وعقب المصادمات الأخيرة تعرض المستشفى للنهب وغادره العاملون في مجال الصحة. وفي إطار استجابة اللجنة الدولية لكارثة انفجار صهريج الوقود، تعاونت مع متطوعي الصليب الأحمر في جنوب السودان وفاعلين آخرين في مجال العمل الإنساني، بما فيهم "أطباء بلا حدود" و"المنظمة الدولية للمعاقين"، على تشغيل المستشفى بسرعة.

بعد الأسابيع الحرجة الأولى افتُتح قسم العيادات الخارجية مرة أخرى بدعم من منظمة العمل الدولية لمساعدة أفريقيا، ما سمح للسكان المحليين بالتمكن من الحصول على الرعاية الصحية من جديد. وفي الوقت الحالي، مايزال 64 مصابًا بالحروق يتلقون الرعاية في منشأة صحية بينما تلقى 165 مصابا العلاج حتى الآن. وماتزال أيضًا عشرات الحالات الطبية الجديدة، سواء من المصابين في حوادث الطرق أو حالات الولادة القيصرية وغيرها، تتلقى الرعاية الطبية على أيدي اللجنة الدولية وشركائها.

وبالاتفاق مع وزارة الصحة تدير اللجنة الدولية بصورة مؤقتة أعمال المستشفى وصيدليتها وتتولى توفير المواد الطبية وغير الطبية حتى نهاية العام الحالي. وتضمن فِرَقنا أيضًا توفير الدعم الجراحي والعلاج الطبيعي بينما تعتني فرق الصليب الأحمر في جنوب السودان بمرضى العنابر ليلاً.

مجتمع قادر على التعافي

ويوضح نورجارد: "تأثرت كثيرًا بقدرة المصابين على التحمل على الرغم من الموقف المروّع والألم الحاد الذي يواجهون". وتأثَّر نورجارد على نحو خاص بالطفل أليكس البالغ من العمر 7 سنوات الذي فَقَد كلا أبويه في حادث الانفجار وكان في المستشفى مع شقيقته الكبرى.

وأضاف قائلاً: "ولحداثة سنّه اضطررنا لتغيير الضمادات دون إعطاءه مخدرًا. كان شجاعًا وأمسك بيدي طوال تلك الفترة دون شكوى على الإطلاق. وقد شعرت بحزن بعد ذلك. في البداية كنت أخشى من أن عددًا كبيرًا من المصابين سيلقون حتفهم لكن مرت الأيام وبدأت تتّحسن حالات الغالبية منهم، بمن فيهم أليكس الذي سُمح له بمغادرة المستشفى بعد ذلك بوقت قصير."

وأضاف: "نحن نعمل باستخدام وسائل بسيطة ولكن أجسام البشر لها قدرة مذهلة على علاج ذاتها. لكنها مع ذلك تحتاج إلى مساعدة بسيطة. وأعتقد أن جهودنا تصنع الفارق بالنسبة للمرضى."