بيان

سورية: يجب على الدول تحقيق التوازن بين الأمن والمعاملة الإنسانية للسكان

ملاحظات إلى الاجتماع رفيع المستوى حول الأزمة السورية في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يستضيفها الاتحاد الأوروبي

ألقاه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيد "بيتر ماورير"

سيدي الرئيس، السادة وزراء الخارجية،

طُرِحت اليوم بالفعل جملة من التحديات الملحة التي تواجه سورية.

الاحتياجات هائلة: لذا، فإن دعمكم الوثيق من أجل عمل إنساني محايد وغير متحيز، والوصول دون عراقيل إلى جميع الأماكن ذات الاحتياجات الإنسانية أمر بالغ الأهمية.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ملتزمتان بدورهما نحو سورية على المدى الطويل. فسورية تمثل أكبر عملية للجنة الدولية على مستوى العالم. ونحن نواصل حوارنا السري والثنائي مع الحكومة السورية والسلطات المحلية التي نعوِّل عليها لنتمكن من تسليم المساعدات والوصول إلى المناطق المتنازع عليها.

نعمل على تلبية الاحتياجات العاجلة للسكان: الغذاء والمياه والمأوى؛ إلى جانب تقديم المساعدة على المدى الأطول بإصلاح البنية التحتية الأساسية وإقامة مشاريع لفتح سبل الرزق. كما نساعد ملايين النازحين سواء قرروا البقاء حيث هم أو العودة. ومستمرون في زيارة المحتجزين والسعي للوصول إليهم جميعًا، بمن فيهم أولئك الموجودين في الشمال الشرقي، سواء كانوا سوريين أو عراقيين أو مواطني بلدان أخرى.

ويتزايد قلقنا بشأن المجتمعات المعرَّضة للوصم بسبب انتماءاتها، المتصوَّرة أو الحقيقية، إلى الجانب الآخر. وكثيرًا ما يجري تصويرها على أنها متورطة في العنف، وتتعرض حقوقها للانتهاك أو التهديد.

ورغم الأهمية القصوى للأمن والمساءلة، ترى اللجنة الدولية أن جميع التدابير يجب – ويمكن – أن تتم في توازن مع معاملة الناس بإنسانية وفي حدود القانون.

في مجتمع فرَّقته سنوات من العنف، تعدُّ مسألة المفقودين لبنة أساسية حاسمة في طريق المصالحة. عشرات الآلاف من الأشخاص، على الأقل، صاروا في عداد المفقودين أثناء النزاع. وتنتظر أسرهم الإجابات، ويتعذر عليها الحداد.

في هذه الأحوال، تتحول الحياة اليومية أيضًا إلى صراع، وتتعرض الأسر لخطر الوقوع في الفقر بعد فقد عائلها.

تتلقى فرق اللجنة الدولية فيضًا من طلبات الأسر للبحث عن أحبائها. ونعمل مع أطراف النزاع لإجلاء مصير المفقودين، وتقديم خبرتنا في مجال الطب الشرعي والصحة النفسية. كما نقدم العون على الجانب العملي بدعم المشروعات الصغيرة على سبيل المثال.

يجب أن تكون مسألة المفقودين مسألة إنسانية في المقام الأول، وليست جزءًا من أي أجندة سياسية. ونطالب الدول وجميع أطراف النزاع باحترام القانون الدولي الإنساني وضمان احترامه في عملياتها – وأن تفي بالتزاماتها بالبحث عن المفقودين وتولي إدارة الموتى بانتظام واحترام.

الزملاء الأعزاء، عندما يُقوَّض النسيج الاجتماعي كما حدث في سورية، تكون جهود الجميع مطلوبة لضمان الوصول إلى حل سياسي لبناء الاستقرار والأمن والمصالحة.

نقدّر الجهود الدؤوبة للسيد "غير بيدرسن"، ونأمل أن تتجسد الأخبار السارة الأخيرة في عمل ملموس.

اسمحي لي سيدة "فيديريكا" أن أقول كلمة أخرى واحدة حول ما يُطلَق عليه مسألة المقاتلين الأجانب وأسرهم.

لا يمكن للدول أن تُحجِم عن الاضطلاع بمسؤولياتها. ويجب على المجتمع الدولي العمل مع الدول المعنية لإيجاد حلول طويلة الأمد.

ندرك تمامًا مخاوف الدول ومسؤوليتها في اتخاذ تدابير لضمان أمنها. ولكن، يمكن الموازنة بين الأمن والمساءلة من جانب ومعاملة الناس بإنسانية من جانب آخر.

تستحث اللجنة الدولية الدول على إعادة مواطنيها من مناطق النزاع – سواء كانوا مقاتلين سابقين أو مدنيين – والتعامل معهم وفقًا للأُطر القانونية الدولية والوطنية القائمة. ومن الضروري للغاية الحيلولة دون جعل الناس – وخاصة الأطفال – أناسًا بدون جنسية.

نعلم أنه لا وجود لحلول سهلة، فهذه تحديات ذات طبيعة عالمية ولا يمكن أن تحلها دولة بمفردها. وليس هناك من سبيل جاد وراسخ للمضي قدمًا إلا بالعمل المتضافر بين الدول والجهات الفاعلة الإنسانية. واللجنة الدولية جاهزة للمساعدة في تلك العملية.

شكرًا جزيلًا لكم.