بيان

ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني يتكاملان للحد من المعاناة وصون الكرامة

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 9 كانون الثاني/يناير 2020

البيان بالصيغة التي ألقاه بها السيد روبير مارديني، المراقب الدائم لدى الأمم المتحدة ورئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) بنيويورك

شكرًا سيدي الرئيس لعقد هذه المناقشة المهمة التي جاءت في الوقت المناسب.

سيدي الرئيس،

عندما مُنحَت جائزة نوبل لأول مرة عام 1901، فاز بها شخصان مناصفة هما: السيد «فريدريك باسي»، لجهوده في مناهضة الحرب، والسيد «هنري دونان» لجهوده في المطالبة بتوفير حماية أفضل في الحروب. وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني يضاهيان هذين الفائزين بجائزة نوبل في كثير من الخصال. فميثاق الأمم المتحدة يشمل قواعد بشأن سلوك سبيل الحرب ابتداءً؛ وهو ما يُعرف بـ «قانون مسوّغات الحرب». في حين ينطبق القانون الدولي الإنساني في الحرب، وهو ما يُعرف بـ «قانون الحرب». وهذان الفرعان المتمايزان من القانون يكمّل أحدهما الآخر لمنع الحروب من جانب، ولتوفير حماية أفضل للناس في حالة الحرب من جانب آخر.

واليوم، في الوقت الذي يشهد العالم فيه تصاعد التوترات وانعدام اليقين، سأركز في كلمتي على نقطتين رئيسيتين:

أولًا والأكثر أهمية؛ ينص القانون الدولي الإنساني على أنه لا بد من حماية المدنيين من الهجمات. إذ تقع على عاتق أطراف النزاع مسؤولية اتخاذ الاحتياطات في الهجوم والاحتياطات ضد آثار الهجمات لتفادي إصابة السكان المدنيين والأعيان المدنية. كما تحظى أعيانٌ محددة، كالوحدات ووسائل النقل الطبية، والممتلكات الثقافية، والأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين – بأشكال خاصة من الحماية.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، يتعين على أطراف النزاع إلغاء الهجوم إذا تبين أنه محظور. وعليهم الامتناع عن شن هجوم قد يُتوقع منه أن يُسبب أضرارًا في صفوف المدنيين وأضرارًا بالأعيان المدنية تتجاوز ما يُنتظر أن يُسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية. وإذا نجمت عن الهجوم أضرار على هذا النحو فذاك هجوم غير متناسب وغير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني. ويتعين على كل طرف في النزاع – إذا سمحت الظروف – أن يوجه إنذارًا مسبقًا في حالة الهجمات التي قد تمسّ السكان المدنيين. ويتعين، عندما يكون الخيار ممكنًا بين عدة أهداف عسكرية للحصول على ميزة عسكرية مماثلة، اختيار الهدف الذي يُتوقّع أن يُسبب الهجوم عليه أقل خطر على أرواح المدنيين وعلى الأعيان المدنية.

ثانيًا؛ من مقاصد الأمم المتحدة، وفقًا لما ورد في الفقرة 3 من المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة: حل المسائل الدولية ذات الصبغة الإنسانية. وتحقيقًا لهذا الغرض، يعالج مجلس الأمن الشواغل الإنسانية المرتبطة بالنزاعات المسلحة، ويؤدي دورًا مهمًا في الحفاظ على السلام والأمن الدوليَّين ومعالجة الشواغل الإنسانية.

واللجنة الدولية، بوصفها إحدى أقدم وأكبر المنظمات الإنسانية، تعي تمامًا المعاناة التي تحلّ عندما يندلع نزاعٌ مسلحٌ. وفي عالم اليوم الذي يشهد تصاعد التوترات وطول أمد النزاعات، يتعين على مجلس الأمن وعلى المجتمع الدولي على النطاق الأوسع مضاعفة الجهود من أجل منع وقوع الحروب ابتداءً. ولا يقل عن ذلك أهمية ضرورة أن يبذلا كل ما بوسعهما – إذا ما وقعت الحرب وصارت أمرًا واقعًا – من أجل أن تحترم  أطراف النزاع، ومن يدعمهم، القانون الدولي الإنساني وأن تكفل احترامه. فهذا، عمليًّا، يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وصون الكرامة الإنسانية.

شكرًا سيدي الرئيس.