وسيط محايد: دورنا إنقاذ الأرواح

يمثل النهج المحايد الذي تنتهجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر أداة محورية تمكننا من مساعدة الناس في بعض أشد مناطق العالم خطورة وتعقيدًا، وهي أماكن لا يصل إليها كثير من المنظمات الأخرى.

People embrace and shed tears during a prisoner release operation in Yemen, facilitated by the ICRC as a neutral intermediary.

مبدأ الوسيط المحايد

يشكل العمل الإنساني المحايد والمستقل وغير المتحيز في سياقات النزاع المسلح والعنف الداخلي لبّ مهمتنا وهو جزء أساسي من هويتنا. إذ تسعى اللجنة الدولية إلى إقامة حوار مع جميع الجهات الفاعلة المشاركة في نزاع مسلح أو عنف داخلي وكذلك مع الناس الذين يعانون من عواقبها من أجل كسب قبولهم واحترامهم. يتيح لنا هذا النهج عمومًا إمكانيات أوسع نطاقًا للوصول إلى ضحايا العنف وكذلك الجهات الفاعلة المعنية. كما يسمح لنا بضمان سلامة موظفينا. ونكون بهذه الطريقة قادرين على الوصول إلى جميع الأشخاص على جانبي خطوط المواجهة في مناطق النزاع النشطة حول العالم. 

وعلى هذا الأساس ينهض دورنا في الوساطة المحايدة؛ فالتزامنا بعدم الانحياز إلى أي طرف في النزاع والحفاظ على حيادنا واستقلالنا يمكننا من تنفيذ مهمتنا المتمثلة في حماية المحتاجين ومد يد العون لهم، مع رأب الصدوع وتيسير العمل الإنساني. ويقتضي ذلك في العديد من الحالات التفاوض مع الأطراف المعنية على إمكانية وصول الإعانات الإنسانية إلى ساحات المعركة أو المستشفيات مثلًا، من أجل تسهيل إيصال الخدمات الإنسانية للناس الذين يعانون من ويلات النزاعات.

اضطلاعنا بدور الوسيط المحايد

اللجنة الدولية قادرة على العمل وسيطًا محايدًا بفضل التفويض الممنوح لها بموجب القانون الدولي الإنساني ونظامها الأساسي، الذي يحدد مبادئنا الأساسية، ومنها عدم التحيز والحياد والاستقلال. 

نحن نتحدث مع العديد من الجهات صاحبة المصلحة ويمكننا أن نضطلع بدور الوسيط المحايد بين العديد من الجهات الفاعلة المختلفة. ووفق النهج الذي تتبعه اللجنة الدولية لتعزيز العمل الإنساني، لا يوجد جهات صاحبة مصلحة "خيّرة" و/أو أخرى "شريرة"؛ بل نتحدث مع الجميع بهدف تخفيف المعاناة الناجمة عن النزاع. ولكن ليس بوسعنا التصرف إلا بموافقة الأطراف المعنية.

إعادة الروابط العائلية

لوساطتنا المحايدة دور فعال في تنظيم تبادل الأخبار العائلية عبر خطوط المواجهة والحدود، وحيثما أمكن، أيضًا في الترتيب للمّ شمل العائلات. ومن خلال التعاون مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، نضطلع بتسليم مئات الآلاف من رسائل الصليب الأحمر كل عام لطمأنة الأحبة. وغالبًا ما تكون هذه الرسائل وسيلة الاتصال الوحيدة بين أفراد العائلات الذين فرَّقتهم خطوط المواجهة أو الحدود، وقناةَ الاتصال الوحيدة بين العائلات وأقاربهم المحتجزين.

أسرى الحرب والمحتجزون والرهائن

اللجنة الدولية وسيط محايد، وهي تعمل من هذا المنطلق بين أطراف النزاع لتيسير الإفراج عن أسرى الحرب والمحتجزين والرهائن أو تبادلهم، تمهيدًا لعودتهم إلى عائلاتهم.

إجلاء المدنيين وإعادتهم إلى أوطانهم

يمكننا تيسير إجلاء المدنيين أو الجرحى من المواقع التي يدور فيها قتال. ويمكننا أيضًا تمكين المدنيين من عبور خطوط المواجهة أو تزويدهم عبر خطوط المواجهة بالمواد التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة.

المساعدة والخدمات الأخرى

نحن نعمل وسيطًا محايدًا لمد يد العون وتقديم الخدمات لمن يحتاجون إليها في حالات النزاع المسلح. ويمكن أن تشمل هذه الخدمات: الدعم الطبي، والمشاريع الهندسية لإصلاح أنابيب المياه المتضررة والخدمات الأساسية، وإيصال المواد الغذائية، والدعم الاقتصادي والحملات الإعلامية التوعوية بشأن مخاطر الأسلحة – مثل الألغام الأرضية – التي تشكل تهديدًا للسكان.

دعم عملية السلام

يمكننا تيسير حوار إنساني بين الأطراف المشاركة في النزاعات. إن حيادنا وتمتعنا بالقبول يتيحان لنا العمل كحلقة وصل بين الأطراف المتنازعة، ما يهيء حيّزًا مواتيًا لإجراء حوار والتوصل إلى اتفاقات تضمن سلامة المتضررين من جراء النزاع.

أمثلة حديثة عن أثر دور الوسيط المحايد في إنقاذ الأرواح

اضطلعت اللجنة الدولية في النزاع الدائر في اليمن بدور حاسم في تيسير إيصال مواد إغاثة إنسانية ومساعدات طبية. واضطلعنا بدور فعال في التفاوض على وقف إطلاق النار للسماح بالمرور الآمن للمساعدات والعاملين الطبيين. وتوسَّطنا في اتفاقين في عام 2019 ثم مرة أخرى في عام 2023 لتبادل محتجزين بين الأطراف المتحاربة، ما يسَّر لمّ شمل مئات العائلات بذويها.

اليمن

شاركت اللجنة الدولية في جهود وساطة لإجلاء زهاء 300 طفل من دار للأيتام في الخرطوم بعد وفاة 60 طفلًا هناك. كما يسَّرنا التواصل بين أطراف النزاع للتفاوض بشأن إتاحة ممرات آمنة للمدنيين ومواد الإغاثة الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني.

السودان

اضطلعت اللجنة الدولية بدور الوسيط المحايد لتيسير إجلاء أكثر من 100 مدني، بينهم نساء وأطفال ومسنّون، من مصنع أزوفستال للصلب في ماريوبول في أيار/مايو 2022، بعد أن أمضوا شهرين في ملجأ تحت الأرض وسط قتال عنيف في المدينة المحاصرة.

أوكرانيا

تنشط فرق اللجنة الدولية في سورية حيث تسبب النزاع الذي طال أمده في معاناة هائلة. تفاوَضنا على وقف إطلاق نار محلي وهدنات مؤقتة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق محاصرة ومناطق يصعب الوصول إليها، بما في ذلك في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد عام 2023. وعملت اللجنة الدولية أيضًا على تيسير تبادل أسرى بين مختلف المجموعات المشاركة في النزاع.

سورية