مقال

الأردن: أول مهمة إنسانية لخلدون

"كان شعورًا رائعًا ومُرضيًا أن أكون جزءًا من هذا العمل الإنساني وأن أكون قادرًا على نقل المواد المطلوبة إلى المجتمع السوري" - خلدون حماشة

نجح مؤخرًا مركز الإمداد اللوجستي التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) في عمَّان في إتاحة وشحن 732 كرسيًا متحركًا (للأطفال والكبار على حد سواء) و930 مشاية (للمستضعفين ذوي الإعاقة) و325 عكازًا إلى سورية التي مزقتها الحرب، عن طريق البر. وُزِّعت هذه المواد على المرافق الطبية التي تدعمها اللجنة الدولية في جميع أنحاء البلاد.

خلدون حماشة هو واحد من سائقي قافلة المساعدات المكونة من 5 شاحنات التي نقلت هذه الأدوات المهمة إلى سورية. ولولا المهارة والانضباط اللذان يتميز بهما السائقون أمثاله، لاكتنف تنظيم قوافل المساعدات الإنسانية ونشرها الكثير من الصعاب. فبالنظر إلى وعورة التضاريس التي تجوبها هذه القوافل في كثير من الأحيان والتحديات الأمنية التي تواجهها، من المهم أن يُعهَد بتسليم المساعدات الإنسانية الأساسية إلى متخصصين أكفاء مثل خلدون.

وتتجلى خبرته الطويلة في حياته المهنية التي استهلها مبكرًا، إذ عمل سائق سيارة أجرة في سن 18 عامًا، حيث كان يعمل غالبًا لأكثر من 15 ساعة يوميًا. في تلك السن المبكرة، كان خلدون قادرًا على إعالة عائلته وتوفير احتياجاتها الأساسية. يقول: "كنت أشعر بثقل المسؤولية ولم أستطع التحرر منها أبدًا. كانت مسؤولية ضخمة". بعد العمل لمدة 6 سنوات سائق تاكسي، تمكن خلدون من شراء شاحنة خفيفة وبدأ في نقل البضائع من الأردن إلى دول منطقة الخليج العربي.

يتذكر خلدون البالغ من العمر 44 عامًا كيف أنه بدأ، بدعم من صديق له، نقل الخضراوات والفواكه إلى دبي والبحرين. اختار مسار العمل هذا لأنه لم يستطع إكمال تعليمه في المدرسة الثانوية بسبب ظروفه العائلية الصعبة. يقول خلدون: "توفي والدي عندما كنت في السنة الدراسية الأخيرة، لذا اضطررت إلى ترك الدراسة والبدء في العمل لإعالة والدتي وإخوتي". خلدون هو الابن الأكبر بين الذكور والوحيد الذي تمكن من العمل لإعالة عائلته والمساعدة في تلبية احتياجاتهم. يرى خلدون أنه عاش أفضل فترة في حياته المهنية خلال تلك الرحلات التي كان يقطعها إلى دول منطقة الخليج. وفي غضون ثلاث سنوات، تمكن من شراء منزل خاص وشاحنة ثقيلة، كما تزوج وأنشأ أسرته.

 وطوال تجربته سائقًا للشاحنة، استمتع خلدون بعمله وكان دائمًا راضيًا عن دخله. ولكن في خضم تفشي كوفيد–19، انقلبت حياته رأسًا على عقب. إذ مر خلدون لأول مرة منذ 26 عامًا بأزمة مالية؛ فلم يكن قادرًا على الحفاظ على روتين حياته وعجز عن تزويد أسرته باحتياجاتها اليومية. يقول: "عندما فرضت السلطات في الأردن الإغلاق الكامل توقفت عن العمل تمامًا لمدة 4 أشهر. خلال تلك الفترة، كنت أنفق من مدخراتي بحرص". بعد الإغلاق، تغيرت مسيرة خلدون المهنية تغيرًا جذريًا. فهو يقتصر الآن على رحلات الشحن الداخلي إذ تُفرض قيود عبر الحدود. وأوضح خلدون أن رحلات الشحن الداخلي لا تدرّ دخلًا جيدًا لأنه لا يتقاضى مالًا كافيًا.

كانت رحلة خلدون إلى سورية أول تجربة له في نقل المساعدات والمواد الإنسانية إلى بلد مجاور، وقد أعرب عن شعوره بالامتنان لمشاركته في هذه المهمة قائلًا: "كان شعورًا رائعًا ومُرضيًا أن أكون جزءًا من هذا العمل الإنساني وأن أكون قادرًا على نقل المواد المطلوبة إلى المجتمع السوري". ويتطلع خلدون إلى أن يشارك أكثر في مثل هذه المهام في المستقبل.

يعيش خلدون مع زوجته وأطفاله الستة في عمان.