مقال

عمليات نقل الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة: ماذا يقول القانون

تتغذى النزاعات الدائرة في وقتنا الحاضر على سيل متدفق من الأسلحة والذخائر وقطع الغيار. ويظل التمسك باحترام القانون الدولي الإنساني وتعزيز العمل المسؤول والانضباط في التجارة الدولية بالأسلحة ضرورات إنسانية ملحة، تحول دون وقوع الأضرار المدمرة الناجمة عن توافر الأسلحة على نطاق واسع وإساءة استعمالها.

ما المخاوف الإنسانية التي يثيرها تدفق الأسلحة إلى مناطق النزاع؟

رغم أن التجارة الدولية بالأسلحة الدولية لم يسبق لها أن خضعت لضوابط تنظيمية واسعة النطاق كما هي الآن، ما تزال الأسلحة والذخائر تتدفق سرًا وعلانية إلى بعض من أشد النزاعات المسلحة وحشية.

وتسهم عمليات النقل هذه في توافر الأسلحة على نطاق واسع وإساءة استعمالها، ما يوقع خسائر بشرية غير مقبولة، سواء بإزهاق الأرواح أو إحداث تغيرات دائمة في حياة الأفراد بسبب الإصابات أو الصدمة وفقدان سبل كسب العيش، فالمدنيون هم من يتحملون وطأة العنف. وإن عدم كفاية إجراءات مراقبة إمدادات الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة يهيئ المجال لانتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويعوق إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، ويطيل أمد الحروب ويفاقم حدتها، ويفضي غالبًا إلى تصاعد مستويات انعدام الأمن والعنف حتى بعد انتهاء النزاع. ومن مظاهر ذلك العنف ضد الأطفال والعنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي، الأمر الذي يعوق جهود إعادة الإعمار والتعافي والمصالحة في فترة ما بعد النزاع، وكذلك التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية-الاقتصادية على المدى الطويل.

ما القواعد المنظمة لتوريد الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة، في القانون الدولي الإنساني؟

على الصعيد العالمي، تحدد معاهدة تجارة الأسلحة معايير دولية مشتركة لتنظيم الإتجار في الأسلحة التقليدية والذخائر والأجزاء والمكونات. والهدف الإنساني من المعاهدة هو الحد من المعاناة الإنسانية وتعزيز العمل المسؤول والشفافية في التجارة الدولية في الأسلحة (المادة 1). وتسعى المتطلبات والأعمال المحظورة المنصوص عليها في المادتين 6 و7 إلى منع ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي حال توريد الأسلحة. وتُلزم معاهدة تجارة الأسلحة الدول الأطراف، من جملة أمور أخرى، بتقييم خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو تيسير ارتكابها باستخدام الأسلحة المنقولة، والامتناع عن تنفيذ عمليات النقل في ظروف معينة (انظر "متى يُحظر نقل الأسلحة إلى طرف ما في نزاع مسلح؟").

تقيِّد صكوك إقليمية معينة أيضًا عمليات نقل الأسلحة لأسباب إنسانية، وتُلزم بإجراء هذا التقييم في سبيل ذلك. فعلى سبيل المثال، بموجب الموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوروبي 2008/944/CFSP، يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تُخضع طلبات تصدير الأسلحة للاعتبارات المتعلقة باحترام حقوق الإنسان في بلد المقصد النهائي، وكذلك احترام ذلك البلد للقانون الدولي الإنساني.(المعيار رقم 2). وهذا التقييم لازم أيضًا لتنفيذ المادة 5 من اتفاقية أفريقيا الوسطى لمراقبة الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وذخائرها وأجزائها ومكوناتها التي يمكن أن تُستخدم في صنع هذه الأسلحة وإصلاحها وتركيبها والمادة 6 من اتفاقية الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المتعلقة بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وذخائرها وغيرها من المواد ذات الصلة.

وتفرض المعاهدات المتعلقة بأنواع معينة من الأسلحة وغيرها من قواعد القانون الدولي حظرًا محددًا إضافيًا وقيودًا أخرى على نقل الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة (انظر "متى يُحظر نقل الأسلحة إلى طرف ما في نزاع مسلح؟").

وتكمّل هذه الصكوك القيود القائمة المفروضة على عمليات نقل الأسلحة، التي تترتب على التزام كل دولة باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في جميع الأحوال (المادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949، والمادة 1 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف. انظر أيضًا المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للصليب الأحمر والهلال الأحمر، القرار رقم 2، خطة العمل، الهدف 5 (ص 33)). وبناءً على ما تقدم، يتعين على الدول الامتناع عن نقل الأسلحة حال وجود خطر واضح بأن يسهم ذلك في وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، ويتعين عليها أن تبذل قصارى جهدها على نحو معقول، وتتخذ خطوات إيجابية لضمان احترام أطراف النزاعات المسلحة للقانون الدولي الإنساني.

 إن واجب الدول في احترام القانون الدولي الإنساني وضمان احترامه في جميع الأحوال مبدأ رئيسي تنبني عليه معاهدة تجارة الأسلحة (الديباجة). ويتعين على الدول الأطراف مراعاة ذلك عند تنفيذ معاهدة تجارة الأسلحة والصكوك الإقليمية المتعلقة بنقل الأسلحة.

ويمكن أن تمارس الدول التي تورد أسلحة إلى طرف ما في نزاع مسلح دائر، تأثيرًا خاصًا في مسألة كفالة احترام القانون الدولي الإنساني، لما لها من قدرة على توفير الوسائل المطلوبة لخوض الحروب وارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، أو منع وصولها إلى هذا الطرف أو ذاك. بل قد تتمتع الدول في بعض الحالات بوضع نافذ لأنها تستورد أسلحة من أحد أطراف نزاع مسلح أو لأسباب أخرى. وعلى الدول استغلال هذا النفوذ للحث على احترام القانون الدولي الإنساني، وخاصةً إذا كان ثمة خطر منظور بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ويعد وضع شروط أو قيود على عمليات نقل الأسلحة، أو حتى وقفها، وسائل عملية تقدر الدول الناقلة للأسلحة على اتخاذها لمنع وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو إيقافها. ولا بد للدول ذات النفوذ من اتخاذ إجراءات إيجابية حتى في حالة عدم استعمال الأسلحة التي توردها في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.

متى يُحظر نقل الأسلحة إلى طرف ما في نزاع مسلح؟

لا تفرض معاهدة تجارة الأسلحة ولا القانون الدولي الإنساني حظرًا على عمليات نقل الأسلحة بذاتها إلى طرف ما في نزاع مسلح دائر. وإنما يحظران عمليات النقل هذه في ظروف معينة، بل وتحجم بعض الدول عن نقل الأسلحة إلى أطراف نزاعات مسلحة دائرة لاعتبارات تتعلق بالقوانين أو السياسات الوطنية.

ويُحظر على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة الإذن بتصدير الأسلحة والذخيرة والأجزاء والمكونات، واستيرادها ومرورها العابر وإعادة شحنها والسمسرة فيها إذا كانت على علم بأن هذه الأسلحة أو الأصناف ستُستخدم لارتكاب جرائم حرب أو غيرها من الجرائم الدولية (المادة 6). ويُحظر أيضًا على الدول الأطراف في المعاهدة تصدير الأسلحة أو الأصناف في حالة وجود خطر بيِّن باستعمال هذه الأسلحة في ارتكاب انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، أو تيسير ارتكابه (المادة 7).

وعلى المنوال ذاته، يمكن أن يقود تطبيق الموقف الموحد لمجلس الاتحاد الأوروبي 2008/944/CFSP، واتفاقية أفريقيا الوسطى، واتفاقية الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المذكورة آنفًا إلى حظر عمليات نقل الأسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح دائر في ظروف معينة (انظر: ما القواعد المنظمة لتوريد الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة، في القانون الدولي الإنساني؟).

إضافةً إلى ذلك، يُحظر على الدول كافة بموجب التزامها باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في جميع الأحوال (المادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949)، نقل الأسلحة إلى أطرف نزاع مسلح، سواء أكانت دولاً أو جماعات مسلحة غير تابعة للدول، حال وجود خطر واضح بأن يسهم ذلك في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.

وتنص المعاهدات المعنية بأسلحة محددة، والتي تحظر أنواعًا معينة من الأسلحة لأسباب إنسانية، على حظر صريح يقضي بعدم نقل الأسلحة المعنية بأي حال من الأحوال، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وينطبق ذلك على المعاهدات التي تحظر أسلحة الدمار الشامل (معاهدة حظر الأسلحة النووية (المادة 1)، واتفاقية الأسلحة البيولوجية (المادة 3)، واتفاقية الأسلحة الكيميائية (المادة 1)) وكذلك اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد (المادة 1)، والاتفاقية بشأن الذخائر العنقودية (المادة 1). ويُحظر بناءً على ما تقدم نقل هذه الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة. وبالمثل، تُفرض قيود على نقل ألغام معينة بموجب البروتوكول الثاني المعدّل (1996) المرفق بالاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة (المادة 8).

ما المؤشرات ومصادر المعلومات التي ينبغي للدول مراعاتها عند اتخاذ قرارات بشأن نقل الأسلحة؟

ترى اللجنة الدولية أنه ينبغي أن يتضمن أي تقييم شامل لخطر استعمال الأسلحة أو الذخائر، أو الأجزاء والمكونات المزمع نقلها، في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو تيسير ارتكابها، تحقيقًا في الجوانب التالية:

  • سجل الجهة المتلقية في احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في الماضي والحاضر،

  • نوايا الجهة المتلقية على النحو الذي تعبر عنه الالتزامات الرسمية،

  • قدرة الجهة المتلقية على ضمان استخدام الأسلحة أو الأصناف المنقولة بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وعدم تحويلها أو نقلها إلى وجهات أخرى قد تُستخدم فيها لارتكاب انتهاكات جسيمة لهذين القانونين.

وينطوي توريد أسلحة إلى جهة متلقية منخرطة في نزاع مسلح دائر على خطر ملموس وقائم، إذ يُحتمل استخدام الأسلحة أو الذخائر أو الأجزاء والمكونات الواردة في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو تيسير ارتكابها. ولأغراض تقييم المخاطر المقترنة بنقل الأسلحة، لا تعد الحوادث المنعزلة للانتهاكات السابقة بالضرورة مؤشرًا ذا دلالة على موقف الجهة المتلقية من القانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. لكن أي نمط واضح للانتهاكات، أو عدم اتخاذ الجهة المتلقية خطوات مناسبة لوضع حد للانتهاكات السابقة وللتصدي لها بشكل كافٍ، ولمنع تكرارها، لا بد أن يشكل مصدر قلق بالغ. وقد تشير الأدلة على الانتهاكات التي وقعت مؤخرًا ولم يُتخذ إجراء بشأنها، عادةً إلى وجود خطر واضح.

ينبغي أن يستند القرار النهائي إلى تقييم شامل للوضع بعد دراسة كل مؤشر على حدة. وينبغي أن تستند التقييمات إلى كل المعلومات المتاحة من المصادر المفتوحة والمغلقة، بما فيها البعثات الدبلوماسية في الدولة المتلقية، والتبادلات بين المؤسسات العسكرية، وتقارير الأمم المتحدة والوكالات الأخرى العاملة في الدولة المتلقية، والتقارير الإعلامية، والتقارير الصادرة عن الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان، وتقارير المنظمات غير الحكومية، والأحكام والقرارات الصادرة عن السلطات القضائية الدولية والوطنية، والعقيدة والتعليمات العسكرية في الدولة المتلقية.

هل يحظر القانون الدولي الإنساني نقل الأسلحة إلى جماعات مسلحة غير تابعة للدول؟

لا تفرض معاهدة تجارة الأسلحة ولا القانون الدولي الإنساني حظرًا على عمليات نقل الأسلحة إلى الجماعات المسلحة غير التابعة للدول حال انخراطها في نزاع مسلح، ولا إلى كيانات أخرى من غير الدول عمومًا. لكن تُحظر عمليات النقل هذه في ظروف معينة (انظر: "متى يُحظر نقل الأسلحة إلى طرف ما في نزاع مسلح؟")، بل وتحجم بعض الدول عن نقل الأسلحة إلى جماعات مسلحة غير تابعة للدول لاعتبارات تتعلق بالقوانين أو السياسات الوطنية.

وقد تفرض قواعد أخرى في القانون الدولي، مثل حظر التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى والمعاهدات المتعلقة بأنواع معينة من الأسلحة، حظرًا على نقل الأسلحة إلى أطراف فاعلة من غير الدول.

ويتعين إجراء تقييم لخطر استعمال الأسلحة المنقولة في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، أو تيسير ارتكابها، بصرف النظر عما إذا كانت الجهة المتلقية دولة أو كيانًا من غير الدول.

هل تخضع عمليات نقل الأسلحة، التي تتخذ شكل مساعدات عسكرية للحلفاء أو الشركاء الموثوق بهم، لهذه القواعد؟

تنظم معاهدة تجارة الأسلحة عمليات التصدير والمرور العابر وإعادة الشحن والاستيراد والسمسرة، ويشار إليها مجتمعةً في المعاهدة بكلمة "نقل" (المادة 2). وتنظم المعاهدة جميع أشكال النقل بصرف النظر عن وجود تبادل تجاري من عدمه في العملية. وعليه، يتعين على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة تطبيق معايير النقل المنصوص عليها في المعاهدة على أي عمليات نقل أو مساعدات وهدايا عسكرية بين الحكومات.

وبالمثل، فإن الالتزام باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه يسري في جميع الأحوال، وعلى كل أشكال النقل الموجَّهة إلى أطراف النزاعات المسلحة، ويشمل ذلك بصفة خاصة تقديم المساعدات العسكرية.

وإن وجود استثناءات في عمليات نقل الأسلحة، ومنها ما يتخذ شكل مساعدات لحليف عسكري أو شريك سياسي أو دولة تنتمي إلى منطقة التجارة الحرة ذاته أو الاتحاد الجمركي ذاته، بناء على تقييم شامل للمخاطر، تتعارض مع متطلبات المادتين 6 و7 من معاهدة تجارة الأسلحة والقانون الدولي الإنساني.

هل تنطبق هذه القواعد على توريد الأسلحة "الدفاعية" والأسلحة "غير القاتلة"؟

يمكن استخدام الأسلحة التقليدية والمعدات العسكرية، أيًّا كان نوعها، لارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو تيسير ارتكابها.

ويتعين على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة تطبيق ما ورد بشأن الأعمال المحظورة والمتطلبات في المادتين 6 وعلى كل الأسلحة والأصناف التي يشملها نطاق المعاهدة (المواد 2 و3 و4)، بصرف النظر عما إذا كانت هذه الأسلحة توصف بأنها "دفاعية" أو "غير قاتلة" أو "معدات عسكرية أخرى" أو على أي نحو غير ذلك في القوانين أو السياسات الوطنية.

ولا بد للدول كافة من إخضاع التوريدات التي تتخذ شكل معونات أو مساعدات، أيًّا كان نوعها، إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح، بما فيها أي أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية، لاعتبارات القانون الدولي الإنساني بمقتضى التزامها باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في جميع الأحوال (المادة 1 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949).

ورغم اختلاف خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني على خلفية توريد الأسلحة، والتدابير المتاحة للتخفيف من حدة هذا الخطر، باختلاف نوع المواد المزمع توريدها، يتعين إجراء تقييم شامل للمخاطر في ضوء القانون الدولي الإنساني حسب كل حالة على حدة. وبصرف النظر عن أسلوب تصنيف الأسلحة أو الأصناف، ينبغي أن يتقصى هذا التقييم عن عدد من المؤشرات الموائمة للسياق المختلفة، بما فيها سجل احترام الجهة المتلقية للقانون الدولي الإنساني، ونواياها وقدرتها على ضمان استخدام المواد الواردة بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني. (انظر: "ما المؤشرات ومصادر المعلومات التي ينبغي للدول مراعاتها عند اتخاذ قرارات بشأن نقل الأسلحة؟")

هل يخضع تصدير أجزاء الأسلحة أو مكوناتها لهذه القواعد؟

يتعين على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة تطبيق ما ورد بشأن الأعمال المحظورة والمتطلبات في المادتين 6 و7 على الأجزاء والمكونات التي يشملها نطاق المعاهدة (المادة 4). ولا تنظم المعاهدة إعادة تصدير الأجزاء والمكونات من دولة ليست طرفًا فيها، ولا قيام هذه الدولة بدمج الأجزاء والمكونات المستوردة في منتج نهائي وتصدير ذلك المنتج. لكن يتعين أن يتقصى تقييم شامل للمخاطر في ضوء القانون الدولي الإنساني وبمقتضى المعاهدة عن نوايا الجهة المتلقية وقدرتها على ضمان عدم تحويل الأجزاء والمكونات أو نقلها إلى وجهات أو جهات متلقية أخرى ربما تستخدمها لارتكاب انتهاك للقانون الدولي الإنساني.

وبمقتضى القانون الدولي الإنساني، يتعين على الدول كافة الامتناع عن نقل الأجزاء والمكونات إلى أحد أطراف نزاع مسلح حال وجود خطر واضح بأن يسهم ذلك في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. وفي حالة وجود هذا الخطر، يلزم على الدول أيضًا الامتناع عن نقل الأجزاء والمكونات إلى دولة أخرى أو كيان آخر من غير الدول، حال علمها أو وجود توقعات معقولة باحتمالية إعادة تصدير هذه الأصناف إلى ذلك الطرف أو دمجها في سلاح سيتم تصديره إليه.

ويمكن أن تمارس الدول التي تورد الأجزاء والمكونات تأثيرًا خاصًا في مسألة كفالة احترام طرف ما في نزاع مسلح للقانون الدولي الإنساني، لما لها من قدرة على توفير الوسائل المطلوبة لإصلاح الأسلحة والحفاظ على حالتها التشغيلية، أو منع وصولها إلى هذا الطرف أو ذاك. وعلى الدول استغلال هذا النفوذ للحث على احترام القانون الدولي الإنساني، وخاصةً إذا كان ثمة خطر منظور بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ويعد وضع شروط أو قيود على عمليات نقل الأجزاء والمكونات، أو حتى وقفها، وسائل عملية تقدر الدول الناقلة للأسلحة على اتخاذها لمنع وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.

ويتعين على الدول الأطراف مراعاة الالتزام باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه عند تنفيذ معاهدة تجارة الأسلحة والصكوك الإقليمية المتعلقة بنقل الأسلحة.

ما التدابير العملية التي تخفف من حدة خطر ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني؟

تشمل التدابير المحتملة التي يمكن أن تدعم امتثال الدول لالتزاماتها المتعلقة بنقل الأسلحة وضع شروط أو قيود على عمليات النقل، أو حتى وقفها، إلى جانب تدابير بناء الثقة وبرامج بناء القدرات والدورات التدريبية في هذا الصدد (في إدارة المخزونات، أو القانون الدولي الإنساني مثلاً)، والتحقق بعد التسليم، وشهادات المستخدم النهائي، والضمانات.

وينبغي للدول أن تقيِّم بحذر الخطوات القابلة للتحقيق على أرض الواقع في ظل الظروف القائمة، لتلافي خطر وقوع انتهاكات. ولا يمكن لتدابير التخفيف أن تحد من خطر وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني إلا إذا اتُخذت في الوقت المناسب، وكانت قوية وموثوقًا بها، وإذا كان المورِّد والجهة المتلقية قادرين على تنفيذها بفعالية على أرض الواقع، ويضطلعان بهذه المهمة بنية حسنة. وفي حالة استمرار وجود خطر واضح بوقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني رغم تدابير التخفيف، يتعين على الدول الامتناع عن نقل الأسلحة.

هل الضمانات التي تقدمها الجهة المتلقية للأسلحة كافية للتخفيف من خطر وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني؟ 

إن جعل توريد الأسلحة إلى الجهة المتلقية مشروطًا بتقديمها ضمانات رسمية، منها مثلاً استخدام الأسلحة أو الأصناف الواردة وفقًا للقانون الدولي الإنساني، أو تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة الثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان، قد يسهم في تحسين مستوى حماية المدنيين وغيرهم من الفئات غير المنخرطة في القتال. ويمكن أن تكون هذه الضمانات أيضًا مؤشرًا دالاً على نية الجهة المتلقية التمسك باحترام القانون الدولي الإنساني.

ومع ذلك، ينبغي التزام جانب الحذر عند تقييم الضمانات المبذولة من جانب الجهة المتلقية في ضوء سياساتها وممارساتها الفعلية. ولا تحل هذه الضمانات محل التزام الدولة المورِّدة بإجراء تقييم شامل لأي عملية نقل مقترحة (انظر: "ما المؤشرات ومصادر المعلومات التي ينبغي للدول مراعاتها عند اتخاذ قرارات بشأن نقل الأسلحة؟"). وفي حالة استمرار وجود خطر واضح بوقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني رغم الضمانات المقدمة بشأن الامتثال للقانون الدولي الإنساني، يتعين على الدول الامتناع عن نقل الأسلحة.

هل يوجد التزام بمراجعة تراخيص نقل الأسلحة الممنوحة مسبقًا؟

"تشجع" معاهدة تجارة الأسلحة على إعادة تقييم أذون التصدير الممنوحة مسبقًا إذا حصلت الدولة الطرف في المعاهدة على معلومات جديدة ذات صلة بالموضوع (المادة 7-7).

إضافةً إلى ذلك، يقع على عاتق الدول كافة التزام بموجب القانون الدولي الإنساني بمنع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والامتناع عن نقل الأسلحة حال وجود خطر واضح بأن يسهم ذلك في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ويستلزم هذا مراقبة مستمرة لطريقة استخدام الأسلحة من جانب الشركاء في تجارة الأسلحة على أرض الواقع، ومراجعة التراخيص القائمة إذا توفرت معلومات جديدة عن هذا الموضوع. فإذا أشارت المعلومات إلى وجود خطر واضح أو حقيقي بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، يجب إيقاف عمليات النقل، وتعديل الإذن أو تعليقه أو إلغاؤه.

ولا بد للدول الأطراف في اتفاقية تجارة الأسلحة أن تضع في اعتبارها الالتزام باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه، عند تنفيذ المعاهدة.

هل يجوز للدول أن تضع في اعتبارها الأمن القومي أو الحق في الدفاع عن النفس أو الاعتبارات المماثلة عند اتخاذ قرارات بشأن نقل الأسلحة؟

على الصعيد العملي، تعد قرارات الدول بشأن توريد الأسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح نتاجًا لعوامل متعددة، تتضمن الاعتبارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، أو الأمن القومي، أو حق الدولة المتلقية في الدفاع عن النفس، أو السلام والأمن الدوليين.

وتتجلى هذه الاعتبارات أيضًا في معاهدة تجارة الأسلحة التي تهدف إلى الحد من المعاناة الإنسانية، والإسهام في السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي (المادة 1). ويُحظر على الدول الأطراف نقل الأسلحة أو الأصناف، إذا كان من شأن هذا النقل انتهاك الالتزامات الواقعة على عاتقها بمقتضى التدابير التي اتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يتناول التهديدات للسلم وأعمال العدوان والحق في الدفاع عن النفس (المادة 6). ويجب على الدول الأطراف المُصدِّرة الأسلحة أيضًا تقييم احتمال إسهام الأسلحة أو الأصناف في توطيد السلام والأمن أو في تقويضهما (المادة 7).

ولا يجيز أي من هذه الاعتبارات استبعاد أو إسقاط الاعتبارات المتعلقة باحترام القانون الدولي الإنساني، حتى إذا كانت الجهة المتلقية للأسلحة تمارس حقها في الدفاع عن النفس. ويتعين على جميع الدول التي تورِّد الأسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح إيلاء الاعتبار الواجب لاحترام القانون الدولي الإنساني عند اتخاذ قرارات بشأن نقل الأسلحة على المستويات كافة، بما فيها أعلى المستويات السياسية. يصعب في واقع الأمر أن نرى كيف يمكن للأسلحة المنقولة الإسهام في توطيد السلام والأمن في الحالات التي يوجد فيها خطر واضح بإمكانية استخدامها في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. (انظر أيضًا: "هل تخضع عمليات نقل الأسلحة، التي تتخذ شكل مساعدات عسكرية للحلفاء أو الشركاء الموثوق بهم، لهذه القواعد؟".)

هل تعتبر الدول المورِّدة للأسلحة أطرافًا في النزاعات المسلحة؟

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، لا تصبح أي دولة طرفًا في نزاع مسلح لمجرد إقدامها على توريد أسلحة أو معدات عسكرية إلى أحد الأطراف المتحاربة.

وتصبح الدولة التي تورِّد أسلحة إلى دولة طرف في نزاع مسلح دولي، هي ذاتها طرفًا في ذلك النزاع إذا لجأت إلى استعمال القوة المسلحة ضد دولة أخرى منخرطة في النزاع، مثلما هو الحال عندما تشارك مشاركة فعلية في عمليات عسكرية ضد تلك الدولة.

وتصبح الدولة التي تورِّد أسلحة إلى جماعة مسلحة غير تابعة لدولة ومنخرطة في نزاع مسلح، هي ذاتها طرفًا في النزاع عندما تقوم بإمداد هذه الجماعة (بالأسلحة مثلاً) وتمويلها، بل وتضطلع أيضًا بتنسيق جهود التخطيط العام لنشاطها العسكري أو تساعد فيه، فهي بذلك تمارس سيطرة كاملة على هذه الجماعة.

تعرف على المزيد عن الأحوال التي يمكن أن تصبح فيها دولة مورِّدة للأسلحة طرفًا في نزاع مسلح دائر، تنخرط فيه الدولة المتلقية (تعليق اللجنة الدولية على اتفاقية جنيف الثالثة، الفقرة 250 وما يليها) أو جماعة مسلحة غير تابعة لدولة (الفقرتان 298 و302 وما يليهما، والفقرات من 440 إلى 444).

ما عواقب انتهاك عمليات نقل الأسلحة لهذه القواعد بمقتضى القانون الدولي؟

قد يتعرض الأفراد، بمن فيهم المسؤولون الحكوميون وموظفو المؤسسات التجارية، الذين يتولون نقل الأسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح، في ظروف معينة، للمساءلة الجنائية عن المساعدة في ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الجرائم الدولية الخطيرة التي تُرتكب باستخدام بأسلحة الواردة.

وقد تتعرض دولة طرف في اتفاقية تجارة الأسلحة للمساءلة الدولية إذا انتهكت التزاماتها المنصوص عليها في المعاهدة. وقد تقع الدول كافة تحت طائلة المساءلة الدولية إذا انتهكت التزامها باحترام القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في جميع الأحوال (المادة 12 من مشاريع المواد المتعلقة بـ "مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا" الصادرة عن لجنة القانون الدولي).

 

إضافةً إلى ذلك، قد تتعرض الدولة التي تورِّد أسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح، في ظروف معينة، للمساءلة الدولية عن تقديم العون لذلك الطرف أو مساعدته لارتكاب فعل غير مشروع دوليًا (المادة 16 من مشاريع المواد المتعلقة بـ "مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا" الصادرة عن لجنة القانون الدولي)، أو للحفاظ على حالة إخلال خطير بالتزام ناشئ بمقتضى قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام (المادة 41-2 من مشاريع المواد المتعلقة بـ "مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا" الصادرة عن لجنة القانون الدولي).

ما المسؤولية الملقاة على عاتق شركات الدفاع التي تورِّد أسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك في نزاع مسلح؟

لا تسري معاهدة تجارة الأسلحة بشكل مباشر على شركات الدفاع أو الكيانات التجارية الأخرى، أو موظفيها أو ممثليها. ومع ذلك، يوجد عدد من الأسباب التي تجعل الكيانات التجارية الخاصة بحاجة إلى إجراء تقييم دقيق لأنشطتها التي تتسبب أو تسهم في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو حقوق الإنسان، وإلى التخفيف من مخاطر هذه الأنشطة بصورة فعالة.

  1. إن عدم امتثال أي شركة خاصة للقوانين واللوائح الوطنية التي يلزم على كل دولة طرف اعتمادها وإنفاذها بمقتضى معاهدة تجارة الأسلحة (المادة 14)، مثل عدم الامتثال لشروط تراخيص نقل الأسلحة، يضعها تحت طائلة تدابير الإنفاذ الجنائية أو المدنية أو الإدارية.

  2. يضع القانون الدولي الإنساني على عاتق الدول التزامات بكفالة احترام كل من يخضع لولايتها من أفراد وكيانات خاصة، للقانون الدولي الإنساني. وكثيرًا ما تنص القوانين الوطنية والتدابير الأخرى التي تعتمدها الدول للوفاء بهذه الالتزامات، على المسؤولية الجنائية أو المدنية التي يتحملها الأفراد والشركات الخاصة.

  3.  يمكن أن يكون الأفراد الذين يتصرفون بالنيابة عن شركة خاصة مُلزمين مباشرةً بالتقيد بالقانون الدولي الإنساني، إذا كانت الأنشطة التي يزاولونها ترتبط ارتباطًا كافيًا بنزاع مسلح. فإمداد طرف ما في نزاع مسلح بالأسلحة قد يضع مسؤولية جنائية على عاتق الأفراد المنخرطين في هذا النشاط بمقتضى القانون الدولي، إذا استخدم هذا الطرف الأسلحة لارتكاب جرائم حرب أو جرائم دولية أخرى. وإلى جانب المخاطر التي تهدد سمعة الكيان التجاري المنخرط في هذا النشاط، كثيرًا ما تنص القوانين الوطنية على أحكام عامة تضع على عاتق أرباب العمل، بما في ذلك الشركات، مسؤولية مدنية أو جنائية عن الأفعال غير المشروعة التي يرتكبها الموظفون لديهم.

  4. تتحمل الكيانات التجارية المسؤولية العامة المنوطة بالشركات في احترام حقوق الإنسان حسبما هو موضح مثلاً في المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.