مقال

الأردن: خبراء مهمتهم تلبية الاحتياجات الإنسانية في الشرق الأوسط

أهمية عمليات اللجنة الدولية في الشرق الأوسط ودور شبكة الموارد الإقليمية

استحوذت منطقة الشرق الأدنى والشرق الأوسط على 30% من عمليات اللجنة الدولية في 2021، فقد بلغ إجمالي الرقم المخصص من الميزانية 604.4 مليون فرنك سويسري. يُوجَّه الجانب الأكبر من هذا المبلغ إلى عمليات اللجنة الدولية في سورية (193.6 مليون) واليمن (149.4 مليون)، حيث يستفيد 650,000 سوري من الدعم الذي تقدمه اللجنة الدولية للمستشفيات العامة، وشمل ذلك الدعم العام الماضي إعادة تأهيل مرافق المستشفيات وإجراء إصلاحات طارئة وتوفير معدات وأدوية. وعلى الجانب الآخر، تعتبر اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، فأكثر من 24 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة. فتوفر اللجنة الدولية المواد الغذائية والمياه النظيفة والمستلزمات المنزلية الأساسية، ويشمل ذلك دعم المرافق الصحية والمساعدة في تحسين الظروف المعيشية داخل السجون اليمنية.

وقد زوَّدت اللجنة الدولية شبكة الموارد الإقليمية بخبراء فنيين مهرة ممن يوكل إليهم كثيرًا مهمة دعم العمليات الإنسانية في منطقة الشرق الأدنى والشرق الأوسط، بغرض تعزيز عملياتها الميدانية في هاتين المنطقتين وغيرهما من المناطق المشابهة التي تعمل فيها بعثاتها. ويقدم ستيفان بونامي، رئيس شبكة الموارد الإقليمية المنتهية مهمته، من مقر عمله في العاصمة الأردنية عمان، نظرة متعمقة على هذه الشبكة وكيفية تنفيذ أنشطتها دعمًا لعمليات اللجنة الدولية في المنطقة.

ستيفان بونامي مدير شبكة الموارد الإقليمية في بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأردن. تصوير: أحمد عبد الفتاح

نريد أن يطلعنا ستيفان على الهيكل التنظيمي لشبكة الموارد الإقليمية ومؤهلات العاملين بها.

 سؤال جيد. أُنشئت شبكة الموارد الإقليمية (RRN) في 2015، وكانت تُعرف في السابق باسم فريق الشؤون الإقليمية (RAT)، إلى أن تغيراسمها إلى الاسم الحالي ليتماشى مع الفروع المؤسسية الأخرى التي أُنشئت في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ويعمل في الشبكة الآن من 30 إلى 35 موظف متخصص، من بين إجمالي 70 موظفًا تقريبًا في المنطقة كلها. ويتزايد عدد موظفي الشبكة حسب الوظائف الإقليمية التي تقتضي المصلحة إلحاقها بالشبكة الإقليمية. ويعمل هؤلاء في إطار مشترك وبيئة متعددة التخصصات بغرض تحسين نوعية الإسهامات التي يقدمونها لبعثات اللجنة الدولية المطلوب دعمها.

هل يمكن أن يعطينا فكرة عن حجم البعثات الميدانية التي تدعمها شبكة الموارد الإقليمية؟

قبل كل شيء، لا بد أن نحدد ما نعنيه بكلمة "دعم". فالدعم الذي تقدمه الشبكة ذو طبيعة مزدوجة. فلدينا أولاً الدعم المباشر للبعثات، والذي قد يكون في صورة أنشطة موارد بشرية، مثل سد العجز في الموارد البشرية (أو إلحاق موظفين جدد بالعمل) أو تعزيز القدرات الفنية، أو مراجعة التدخلات الجارية في مجال حماية السكان المدنيين، أو حتى تقديم الدعم لمراجعة المشروعات الفنية، وما إلى ذلك. وهناك نوع آخر من الدعم الذي قد يستمر مدة أطول ويتضمن العمل في بيئة إقليمية بغرض المساهمة في تشكيل ملامحها والتأثير في مجرياتها بطريقة تؤدي في النهاية إلى دعم هذه البعثات خلال تأدية العمليات الميدانية اليومية. لذا فإن الشبكة تتطلع إلى تقديم الدعم إلى العمليات واسعة النطاق مثل سورية، التي تعتبر أكبر عملية ميدانية تباشرها اللجنة الدولية على مستوى العالم، وتقديم الدعم كذلك إلى اليمن التي تحتل المركز الثاني. توجد أيضًا عمليات أقل حجمًا وتحتاج إلى دعم مماثل، لكن الحجم ليس الضرورة هو العامل المحدد للحصول على الدعم، وإنما الاحتياجات هي ما يحدد ذلك فحسب. يتضمن هذا النوع البعثات في مصر أو الأردن، التي وإن كانت أصغر ميزانيةً مقارنة بسورية أو اليمن، لديها احتياجات مثلها مثل البعثات الكبيرة مثل سورية أو اليمن أو العراق. فليس حجم العمليات هو المحدد، لكن ما يحدد هو الاحتياجات وقدرة الشبكة على تقديم الدعم في هذه المناطق.

برأيه ما مدى تأثير الدعم الذي تقدمه الشبكة؟

نعمل كثيرًا على مراجعة التأثير المترتب على أعمالنا، ونسعى إلى الحصول على ملاحظات من البعثات على التأثير الذي تحدثه الوظائف الإقليمية في عملياتها. فإذا نظرنا فقط إلى الدعم المباشر للبعثات، فمن الأهمية بمكان هو رصد الأصوات المتنوعة في البعثات من أجل الحصول على ملاحظات تعبر عن الحقيقة، ومن اللافت أننا أجرينا ثلاث دراسات استقصائية في العامين الماضيين، أظهرت أن المناصب الإقليمية المرتبطة بالشبكة حظيت بمستوى جيد من التقدير من 80% من المشاركين في المتوسط، حيث قالوا إن تلك الوظائف مثلت قيمة مضافة إلى العمليات الميدانية. فيمكن القول بأن التأثير كان جيدًا بناءً على وجهات النظر التي أعربت البعثات عنها، مع وضع الأصوات المتنوعة التي استُطلعت آراؤها في الاعتبار. وفي المقابل، يصعب رصد تأثير النوع الآخر من الدعم الذي نقدمه. وعندما أتحدث عن الدعم طويل الأمد، فإنما أقصد العمل الذي نؤديه بناءً على الأولويات الإقليمية - الإطار الاستراتيجي الإقليمي - في الشؤون المتعلقة بالنزاعات وبيئة العمل، وخطة العمل الإقليمية المتعلقة بالمفقودين (ما يتعلق مثلاً بالمفقودين بسبب النزاع الدائر في سورية)، حيث نسعى إلى رفع القدرات الإقليمية في ما يتعلق بتحليل البيانات مثلاً، وهنا يصعب رصد التأثير، لكني آمل أن نتمكن من تحقيق ذلك عند المضي في تنفيذ خطة العمل هذه قدمًا في الأسابيع القادمة.

كيف يرى سبل مواصلة الدعم، وما مقترحاته لزيادة تأثير هذا الدعم؟

أود أن أقول في البداية أن أهمية الدعم لا تكمن في الدعم بحد ذاته، وإنما نوعية الأفراد الذين يقدمون هذا الدعم، ثم يأتي بعد ذلك الربط بين نوعية الأفراد والاحتياجات التي تعبر عنها البعثات. فقد يكون لديك أفضل العاملين على المستوى الإقليمي، لكن إذا لم يكونوا مناسبين لتلبية احتياجات البعثات، فستُهدر مهاراتهم، فيجب أن تتواءم أعمالنا أيًّا كانت طبيعتها مع احتياجات البعثات، ولا بد أن نجعل ذلك المبدأ محور الدعم المباشر، والدعم طويل الأمد كذلك. وتتمتع هذه الشبكة بالأهمية للسببين اللذين ذكرتهما، إلى جانب العمل الجماعي الذي يبذله العاملون في بيئة تشجع على تطبيق نهج متعدد التخصصات وتعززه في العمل. فنحن نحاول في الواقع استغلال الخبرات الفنية المتنوعة لتقديم الدعم المطلوب إلى البعثات وتحقيق الأولويات الإقليمية في الوقت ذاته، وهو ما يعني أننا ننجز العمل بأسلوب تراكمي يأخذ جميع الأبعاد في الاعتبار.

 كُلِّف ستيفان بونامي بمهام ميدانية متعددة لصالح اللجنة الدولية في جمهورية الكونغو الديموقراطية وأفغانستان والعراق وسويسرا (المقر الرئيسي للجنة الدولية) ونيويورك (بصفته مندوبًا لدى الأمم المتحدة) والولايات المتحدة الأمريكية (بعثة اللجنة الدولية في المتحدة الأمريكية وكندا) قبل أن يتولى منصب رئيس شبكة الموارد الإقليمية من مقرها في الأردن.