مقال

الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين بسبب حروب المدن: دليل للجماعات المسلحة

يتيح الاتصال المباشر بالجماعات المسلحة والحوار معها الوصولَ إلى المناطق التي تبسط سيطرتها عليها والناس الواقعين في نطاق سيطرتها، كما يتيح للّجنة الدولية مساعدة المتضررين من النزاعات المسلحة. وغالبًا ما تدور رحى المعارك التي تخوضها الجماعات المسلحة داخل المدن، وهو ما دفع اللجنة الدولية إلى إصدار دليل لهذه الجماعات المسلحة بُغية الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين بسبب حروب المدن.

في عام 2022، حددت اللجنة الدولية 524 جماعة مسلحة في أفريقيا والأمريكتين والشرق الأدنى والأوسط وآسيا يثير نشاطها شواغل إنسانية؛ ويعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الجماعات إما بشكل كامل أو بشكل نسبي ما لا يقل عن 175 مليون شخص.

أصبحت المناطق الحضرية، التي تمنح مزايا تكتيكية واستراتيجية للأطراف المتحاربة، ساحاتِ معارك مفضلة للجماعات المسلحة. ونظرًا لما ينجم عن أساليبها غير النظامية والارتجالية في حروب المدن من ضرر عرضي ومتعمد للمدنيين، أصدرت اللجنة الدولية مجموعة جديدة من الإرشادات للجماعات المسلحة من غير الدول، يحمل عنوان "الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين بسبب حروب المدن: دليل للجماعات المسلحة".

وقد جاء الدليل ثمرة حوار مع الجماعات المسلحة في جميع أنحاء العالم وتحليلٍ موسّع لممارساتها، وهو يركز على وضع تدابير عملية في جوانب العقيدة العسكرية والتدريب والمعدات والتخطيط وسير الأعمال العدائية، من شأنها التخفيف من الضرر الذي يلحق بالمدنيين في حروب المدن، وفقًا للقانون الدولي الإنساني وللمعايير الأخرى ذات الصلة.

 

يقدم هذا الدليل تدابير عملية يمكن للجماعات المسلحة من غير الدول من خلال تطبيقها تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين في حروب المدن، إذا كانت لديها النية للامتثال.

تغطي التوصيات مسؤوليات القيادة وتوجيهات بشأن العمليات، وجمع معلومات دقيقة، ومراعاة بيئة المدن عند التخطيط لشن هجوم، وكيفية القيام بعملية عسكرية قانونية في المدن، بالإضافة إلى الأنشطة والسلوكيات التي يجب الالتزام بها بمجرد انتهاء الأعمال العدائية، وأفضل ممارسات التدريب في مجال القانون الدولي الإنساني، والتدريب التكتيكي، والتدريب على التعامل مع الأسلحة، والمعدات.

كما يوضح الدليل مسؤوليات القادة والمقاتلين ومن يدعمونهم، والتزاماتهم القانونية، وفوائد الامتثال للقانون الدولي الإنساني، حتى لو لم يمتثل العدو أو الجماعات والقوات الأخرى.

شاهد فيديو تلخيصي مدته 4 دقائق باللغات العربية والإنجليزية والفارسية والفرنسية والهوسا والصومالية والإسبانية والسواحيلية والأردية.

 

ومع ذلك، لا يخوض طرفٌ الحروبَ منفردًا؛ فنصف الجماعات المسلحة التي حددتها اللجنة الدولية (49٪/298 مجموعة مسلحة) تدعمها دول دعمًا سياسيًا وماليًا بالأساس، أو من خلال نقل الأسلحة. لذلك، يجب على الدول التي تقرر دعم شريك لها في حرب أن تقيِّم دائمًا، كشرط مسبق، ما إذا كان هذا الشريك يتخذ جميع التدابير الضرورية لحماية المدنيين، وإلا فقد يساهم هذا الدعم في وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وتَفاقُم المعاناة الإنسانية.

أخيرًا، يؤكد هذا الدليل على الدور الحاسم للأقران والشركاء وغيرهم من الأطراف المؤثرة (أفراد القبائل والعشائر والزعماء الدينيين والروحيين والشخصيات السياسية والاقتصادية والمنظمات النسائية والنقابات العمالية والمجموعات الطلابية والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات والمنظمات الدولية، إلخ) الذين يمكن أن يضطلعوا بدور عندما يناصرون نهجًا إيجابيًا تجاه المدنيين ويدعمونه، ما يزيد احتمالية أن يستوعبه المقاتلون فيصبح جزءًا من هويتهم باعتباره "الشيء الصحيح الذي يجب فعله".

 

انضم إلى المجتمع المعني من أجل تقديم حماية أفضل للمدنيين في حروب المدن.