مقال

لا تزال اللجنة الدولية تشعر بالقلق إزاء الزيادة المستمرة في أعداد المفقودين في جميع أنحاء العالم

بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أكتوبر / تشرين الأول ألقاه السيد إيان ماكدونالد، مستشار الشؤون الإنسانية باللجنة الدولية للصليب الأحمر.

سيدي الرئيس،

تعرب اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) عن امتنانها لإتاحة الفرصة لها للإدلاء ببيان أمام اللجنة الثالثة.

لا تزال اللجنة الدولية تشعر بالقلق إزاء الزيادة المستمرة في أعداد المفقودين في جميع أنحاء العالم. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، زادت الحالات التي سجلتها اللجنة الدولية بنسبة 80 في المائة ليصل العدد حاليًا إلى أكثر من 180000 شخص.

ونحن ندرك أن هذا ليس سوى غيض من فيض، فهناك العديد من الحالات التي لم تُسجل معنا. كما نلاحظ أن الدول، في أغلب الأحيان، ليست مستعدة بما يكفي للحيلولة دون دخول الأشخاص في عداد المفقودين، وتوضيح مصيرهم وأماكن وجودهم عند حدوث ذلك، وتلبية احتياجات أسرهم. وبينما يدخل الأشخاص في عداد المفقودين في مجموعة واسعة من الظروف، تظل النزاعات المسلحة عاملاً حاسمًا يدفع هذه الأعداد المتزايدة باستمرار.

وفي ضوء ذلك، سيدي الرئيس، فإننا نوجه ثلاث نداءات إلى الدول.

أولًا، ندعو الدول إلى الالتزام بالقواعد التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني لمحاسبة الأشخاص، والحيلولة دون تشتت شمل العائلات ودخول الأشخاص في عداد المفقودين، وضمان معاملة الموتى بكرامة وتحديد هويتهم بشكل صحيح في النزاعات المسلحة. في النزاعات المسلحة الدولية، يجب على الدول حصر الأشخاص المشمولين بالحماية، ولا سيما من خلال تبادل المعلومات ذات الصلة بأسرى الحرب والجرحى والمرضى والقتلى من العسكريين وغيرهم من الأشخاص المشمولين بالحماية الذين يقعون في أيديهم عبر مكاتب المعلومات الاستعلامات الوطنية الخاصة بهم، مع الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية، على أن تُرسل هذه المعلومات إلى البلد المعني والعائلات. في هذه النزاعات، يُلزم القانون الدولي الإنساني الأطراف بمنح اللجنة الدولية إمكانية الوصول الفوري والمنتظم إلى جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم، بمن فيهم أسرى الحرب، للتحقق من ظروف احتجازهم واستعادة الاتصالات بينهم وبين عائلاتهم.

تكتسي هذه التدابير أهمية حاسمة للحيلولة دون دخول الأشخاص في عداد المفقودين وإعمال حق العائلات في معرفة مصير أقاربها وأماكن وجودهم. وفي الحالات التي تنجح فيها هذه التدابير، تتلقى العائلات المعلومات بصورة سريعة بدلًا من مواجهة حالة عدم اليقين المؤلمة. أما عندما تتعرض للتجاهل، فإنها تؤدي عادة إلى الإسهام في إنشاء أعباء ثقيلة وطويلة الأجل من ملفات الأشخاص المفقودين التي يمكن أن تظل تقض مضاجع الأشخاص المتضررين على مدى عقود ويمكن أن تتحول إلى عقبات تعترض تحقيق السلام والمصالحة. ونشعر بالأمل لأن الجمعية العامة ما برحت تسلط الضوء على خطورة هذه الحالات.

ثانيًا، ندعو الدول أيضًا إلى تسهيل ودعم الولاية التقليدية والقانونية للجنة الدولية والدور المنوط بها هي ووكالتها المركزية للبحث عن المفقودين، والعمل الذي تضطلع به أكثر من 190 جمعية وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. تعمل اللجنة الدولية في الوقت الراهن في أكثر من 60 سياقًا لدعم الأشخاص المفقودين وعائلاتهم. وفي إطار هذه المشاركة، نسدي المشورة بشأن سبل تعزيز الأطر القانونية والسياساتية، وتطوير الأنظمة الطبية والقانونية، وإنشاء مكاتب الاستعلامات الوطنية، وإنشاء آليات للبحث عن الأشخاص المفقودين وتحديد هويتهم. وما فتئت اللجنة الدولية تلتزم تمامًا بالعمل مع الدول ودعمها في الجهود التي تبذلها في هذا الصدد.

ثالثًا، نتيجة للعمل الذي نضطلع به بالتعاون الوثيق مع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، تحتفظ الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين ببيانات شخصية عن مئات الآلاف من الأشخاص الأكثر ضعفًا في جميع أنحاء العالم. وكانت هذه البيانات هدفًا لعملية سيبرانية متطورة وقعت في وقت سابق من هذا العام. وتود اللجنة الدولية أن تكرر دعوتها إلى الدول لاحترام هذه البيانات وحمايتها والتأكد من عدم الوصول إليها أو طلبها أو استخدامها لأغراض تتعارض مع الطبيعة الإنسانية لعملنا، أو بطريقة من شأنها تقويض ثقة الأشخاص الذين نقدم إليه خدماتنا، أو استقلالنا وحيادنا وعدم تحيزنا.

وفي الختام، نود أن نعرب عن تقديرنا لقيادة الدول العشر التي اجتمعت في التحالف العالمي من أجل المفقودين للعمل بشكل جماعي، ومع اللجنة الدولية، لتعزيز الاستجابة الدولية للأشخاص المفقودين وعائلاتهم، وهي قضية لا تزال قائمة وتستلزم قدرًا أكبر من الاعتراف والاهتمام والعمل.

شكرًا لكم على حسن استماعكم