مقال

الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني: المبادئ المشتركة بين النظامين القانونيين

حتى الحرب لها حدود. وهي محددة في القانون الدولي الإنساني الذي يلزم بحماية جميع الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية، كما يحد من وسائل وأساليب الحرب. لا شك أن قواعد وقوانين الحرب لها جذور تاريخية أعمق. فهي مشتقة من القيم الإنسانية الأساسية التي تعد جزءًا لا يتجزأ من جميع فلسفات العالم ودياناته.

تضمن الشريعة الإسلامية لضحايا النزاع المسلح الحق في الحماية والاحترام والمعاملة الإنسانية الكريمة. كما تدعو إلى حماية المرافق والممتلكات المدنية. وتقيد الشريعة الإسلامية أساليب ووسائل الحرب إلى حدود الضرورة العسكرية.

كل هذا يتوافق بشكل كامل مع أحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. وهكذا، فإن أوجه التشابه بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية ليست من قبيل المصادفة، بل دليل على وجود قيم عالمية وأنها جزء مهم من معظم وجهات النظر الدينية وغيرها في العالم.

أوجه التماثل والاختلاف في القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية هو الموضوع الرئيسي للكتاب المنشور بعنوان "الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني". والكتاب إنتاج مشترك للتعاون طويل الأمد بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر في البوسنة والهرسك وكلية الدراسات الإسلامية في جامعة سراييفو.

نتجت البحوث الأكاديمية المنشورة في الكتاب عن أحداث مشتركة نُظِّمت على مدار السنوات الماضية، لاسيما المؤتمر العلمي الذي عقد في أيلول/سبتمبر 2018 في سراييفو. ويجيب مؤلفو البحوث، الذين قضوا معظم عملهم الأكاديمي في تناول القانون الدولي الإنساني أو الشريعة الإسلامية، عن الأسئلة التي برزت كأمر محوري في المناقشات.

تم تنظيم الترويج للنسخة البوسنية من الكتاب في شباط/فبراير 2020 في كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو.

في هذه المناسبة، أكد عميد كلية الدراسات الإسلامية، الدكتور زهدي حسانوفيتش، على أهمية النقاش حول الحرب والدين في البوسنة والهرسك، حيث كان كثيرًا ما يُساء بشدة استخدام المشاعر الدينية. يقول حسانوفيتش: "يسمو الدين الصحيح فوق سوء الفهم وكل أشكال التحيزات الثقافية والاجتماعية للعقل البشري المحدود. وفضلا عن ذلك، فإنه يتوخى إقامة علاقة جيدة دائمة بين الناس من خلال تعزيز مشاعر المساواة، والأخوة، والوحدة في التنوع. والإيمان الحقيقي بالله هو محاولة لمحبة مخلوقاته، وليس ارتكاب جرائم ضدهم".

تحافظ اللجنة الدولية على إقامة حوار منتظم مع المثقفين والأكاديمين الإسلاميين في جميع أنحاء العالم.

يقول إلمير كاميتش، رئيس بعثة اللجنة الدولية في سراييفو: "نعمل على تكثيف هذا الحوار في البوسنة والهرسك منذ عام 2016، نظرا للأهمية التاريخية والسمعة التي يتمتع بها المجتمع الإسلامي المحلي وكلية الدراسات الإسلامية في سراييفو حتى خارج حدود هذا البلد وهذه المنطقة. لم تكن مناقشاتنا المثمرة ذات طبيعة مجردة فحسب، بل نتناول أيضًا موضوعات إنسانية ملموسة تمامًا مثل الأشخاص المفقودين. ونحن مقتنعون أن تجميع المواد المتناظرة يمكن أن يسهم أكثر في تعزيز المبادئ الإنسانية العالمية، بل وأيضًا في تحسين العمل الإنساني في أنحاء العالم".