مقال

سورية: صعوبة الحصول على المياه لأكثر من عقد من الزمان

نصف مرافق المياه في سورية لا تعمل

في سورية تحتاج إلى خطة مسبقة لأخذ حمام ساخن أو غسل ملابسك أو تعبئة مياه للطبخ. وذلك لأن المياه عملة نادرة لملايين السوريين بعد نزاع بدأ منذ أكثر من عشر سنوات ومستمر حتى الآن.

ففي 2010 كانت المياه متوفرة بشكل مستمر وثابت لـ98% من سكان المدن و92% من سكان الريف. أما الآن؛ فحوالي 50% من مرافق المياه والصرف الصحي لا تعمل في جميع أنحاء سورية.




وفي بلد تمثل فيه الزراعة أحد أهم مصادر الدخل، تضرر المزارعون بشكل كبير بسبب نقص المياه مما يزيد من سوء الحالة الاقتصادية في بلد يعيش 90% من سكانها بالفعل تحت خط الفقر.

تعددت الأسباب والأزمة واحدة

 

تعقد أزمة المياه في سورية من الأمثلة الواضحة لتأثير الحروب المباشر وغير المباشر في حياة سكان مناطق النزاع:

  • فبشكل مباشر تسببت أعمال العنف في تدمير محطات معالجة مياه الصرف التي تخدم مدينتي حلب ودمشق عام 2012،  أدى ذلك  إلى تسرب مياه الصرف دون معالجة للبيئة؛ مما يلوث موارد المياه الجوفية،وهو التأثير غير المباشر للحرب على موارد المياه الجوفية في سورية.
  • وبشكل غير مباشر؛ تسببت الحرب في الأزمة عندما فقدت مرافق المياه الكوادر من المهندسين والعمال القادرين على تنفيذ أعمال الصيانة المناسبة للمحطات. حيث يقدر أن محطات المياه والصرف الصحي فقدت نحو 30-40% من هؤلاء الموظفين، فمنهم من غادر البلاد ومنهم من تقاعد دون نقل خبراته للأجيال الجديدة.
  •  وبشكل غير مباشر أيضًا؛ أدى تضرر محطات الكهرباء من النزاع إلى نقص المياه. وذلك لأن البنية الأساسية لنظام المياه تعتمد على الكهرباء، والتي انخفضت القدرة على توليدها بنسبة 60-70%، فأصبح غياب الكهرباء سببًا آخر لغياب المياه. وما يزيد الطين بلة؛ أن محطات الكهرباء ستحتاج وقت ومجهود  لإعادة تشغيلها، فعلى سبيل المثال؛ سيستغرق إعادة تأهيل محطة كهرباء حلب المدمرة خمس سنوات على الأقل، وذلك فقط إن استقرت الأوضاع.

كيف يتعامل السكان مع نقص المياه؟

في أقل من دقيقة ينقل لنا السيد أحمد صطفوف معاناته مع المياه. عاش صطفوف سنوات في النزوح، وتنقل من مكان لآخر مع أسرته المكونة من 9 أفراد. يعيش الآن سيد صطفوف في البويضة الشرقية في ريف حمص، ويحكي كيف اضطر مع أسرته لحمل الحاويات الفارغة بحثًا عن المياه في القرى القريبة، والقيام بهذه المهمة الشاقة أربع أوخمس مرات في اليوم الواحد.

 

لا أحد يستحق أن يبذل كل هذا الجهد من أجل الحصول على المياه، أليس كذلك؟

وفي محافظة الحسكة شمال شرق سورية يعيش عدد كبير من النازحين داخليًا، بالإضافة إلى اللاجئين الذين جاءوا من العراق منذ زمن بعيد. وبسبب ندرة المياه تزيد معاناة هؤلاء السكان، حيث يعاني يوميًا ما لا يقل عن 700 ألف شخص في الحسكة بسبب نقص المياه.

صورة أرشيفية من الحسكة شمال شرق سورية من مشروع للهلال الأحمر العربي السوري يوفر خزانات مياه لآلاف السكان. تصوير: عدنان حزام

يلجأ السكان إلى استخدام مصادر بديلة للمياه مثل مياه الآبار الجوفية، أو خزانات المياه. ولكن مياه الآبار ملوثة بالفعل وغير صالحة للشرب أو للتنظيف.
أما الخزانات فلا توفر إلا نسبة ضئيلة جدًا من احتياجات المياه، خاصةً في فصل الصيف. 

استجابة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

 

صورة من لقاء فريقنا مع 120 شخص من قرى سورية لتقييم احتياجات السكان في هذه القرى. تصوير: عفاف ميرزو 

استجابت فرقنا خلال السنوات العشر الماضية من خلال تنفيذ مئات المشاريع الهندسية لتقديم المياه بشكل طارئ، وذلك لسد الفجوة التي خلفها تراجع الخدمات المقدمة.

في 2021 فقط تعاوننا مع الهلال الأحمر العربي السوري وساعدنا أكثر من 17 مليون شخص في الحصول على المياه النظيفة، وذلك بإعادة تأهيل محطات ضخ المياه في المناطق الأكثر تضررًا. كما استفاد من هذه المشاريع المزارعون الذين تمكنوا أخيرًا من ري أراضيهم واستعادة مصادر دخلهم.

كما ندعو دائمًا أطراف النزاع إلى الحفاظ على وتحييد البنية التحتية بموجب القانون الدولي الإنساني.

التحديات في سورية كبيرة وتتطلب جهدًا سياسيًا وماليًا وإنسانيًا ضخمًا وتعاونًا منظمًا ومثمرًا بين المنظمات الإنسانية من أجل توفير حياة كريمة يستحقها كل سوري.