مقال

كيف استطاع لاجئ سوري في الأردن تحمل وطأة تأثير الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19

"بالنسبة لي، ساعدني الدعم الذي تلقيته من اللجنة الدولية كثيرًا، فقد أصبحت أشتري البضائع بالجملة، بخلاف ما كان من قبل. وباتت قطع الغيار متوفرة دائمًا، ولم أعد بحاجة للذهاب إلى المدينة من أجل كل جهاز يحتاج إلى صيانة".

تقع محافظة المفرق شمال شرقي المملكة الأردنية الهاشمية، وهي إحدى المحافظات الاثنتي عشرة التي تتألف منها الأردن. ويبلغ تعداد سكان المحافظة أكثر من 500,000 نسمة ويحدها من الشرق العراق، وسورية من الشمال، والمملكة العربية السعودية من الجنوب والجنوب الشرقي. وكانت مدينة المفرق تُعرف سابقًا بـاسم «الفدين»، ثم غُيّر الاسم لاحقًا إلى «المفرق» لوقوعها على مفترق طرق دولية تربط المملكة بجمهورية العراق عبر معبر الكرامة الحدودي، في حين يربطها معبر جابر الحدودي بالجمهورية العربية السورية. ويمر خط سكة حديد عمّان-دمشق عبر المدينة.

وتحتضن المفرق العديد من المواقع التاريخية، لا سيما من عصر الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية. وتتضمن كنائس أثرية وسدود مياه بناها الرومان. وعلى وجه التحديد، يشتهر أحد هذه السدود - سد جاوا - بأنه أقدم سد معروف في العالم بأسره إذ يعود تاريخ إنشاؤه إلى عام 3,000 قبل الميلاد.

اليوم تسكن الرياح في مديرية منشية بني حسن بالمفرق. ويغطى السحاب الشمس بينما تغرد الطيور وهي تُحلق في الأفق. يشاهد محمد محمود الصبيحي هذا المنظر وهو مسترخٍ على كرسيه. محمد لاجئ سوري يدير مشروعًا صغيرًا لصيانة الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الأخرى.

يتكئ محمد على كرسيه أكثر ويحكي لنا بعضًا من تجاربه. يقص ذكريات موجزة عن كيفية بدء مشروعه، وتأثير جائحة كوفيد-19 عليه وكيفية تأقلمه مع الوضع منذ ذلك الحين.

وصل محمد إلى الأردن في أيلول/سبتمبر 2012. اضطر إلى ترك تعليمه عندما رأى أهوال الحرب في سورية على بعد خطوات منه ومن أسرته. فهرب إلى الأردن، بدافعٍ من اليأس، وكما هو حال الكثيرين ممن فروا من القتال في وطنهم، كان عليه أن يجد مكانًا آمنًا ومضيافًا يلجأ إليه.

محمد أثناء قيامه بعمله حيث يقوم بإصلاح أحد الهواتف. تصوير: رفاه الحديدي - اللجنة الدولية

أردنا أن نعرف كيف توصل إلى فكرة مشروعه وكيف بدأ الأمر.

بدا وجهه مشرقًا. وقال: "كانت هوايتي قبل مجيئي إلى الأردن. خطرت الفكرة ببالي لأن أكثر الوظائف المتاحة في الوقت الذي أتيت فيه كانت في مجال البناء وكانت منهكةً بالنسبة لي غالبًا لأنني عندما كنت في سورية كنت في المدرسة ولم أكن أعمل، ناهيك عن أن مثل هذه الوظائف تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا. لذلك، فكرت مليًا في العمل الذي أريده وفضلت الحصول على دورة تدريبية في كيفية إصلاح الهواتف المحمولة. ثم أعددت مشروعًا وقدمت خطتي إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية). ولحسن حظي، لقي مشروعي موافقة، وبدأت العمل".

سألنا محمد لمعرفة كيفية تأثير جائحة كوفيد-19 والإغلاق على مشروعه؟

صمت بُرهةً، محاولًا على ما يبدو تجميع أفكاره. ثم قال: "على صعيد العمل، كان التأثير الأكبر للإغلاق على قطاع الصيانة من وجهة نظري هو الزيادة الناجمة عنه على جميع الأسعار. أعتقد أن هذا كان بسبب تعليق الاستيراد والتصدير. علاوة على ذلك، فقد كان للإغلاق تأثير على التنقل، ولأنني أعيش في الريف كان الأمر صعبًا عليّ فقد كنت أحتاج إلى السفر إلى المدينة في كثيرٍ من الأحيان لأن قطع الغيار لا تتوفر سوى هناك لكن لم أستطع ذلك. بطبيعة الحال، كانت هذه مشكلة بالنسبة لي وعمومًا، أثرت هذه العوامل سلبًا على عملي".

هل ساعد الدعم الذي قدمته اللجنة الدولية في تخفيف الآثار الناجمة عن الجائحة على مشروع محمد؟

بدأ محمد بالقول: "بالنسبة لي، ساعدني الدعم الذي تلقيته من اللجنة الدولية كثيرًا، فقد أصبحت أشتري البضائع بالجملة، بخلاف ما كان من قبل. وباتت قطع الغيار متوفرة دائمًا، ولم أعد بحاجة للذهاب إلى المدينة من أجل كل جهاز يحتاج إلى صيانة".

كان من الواضح، من تجربة محمد محمود الصبيحي، أن المنح التي قدمتها اللجنة الدولية لبعض اللاجئين السوريين الذين جرى تسجيلهم في مبادرة المشاريع الاقتصادية الصغيرة ساعدتهم بشكل كبير على تخفيف الآثار المترتبة على الجائحة على مختلف أعمالهم التجارية الصغيرة. ويتوقع الكثيرون في جميع أنحاء العالم تقلص جائحة كوفيد-19 بشكلٍ كبير حتى تعود الأمور إلى طبيعتها من جديد ونتمكن جميعًا من العودة إلى حياتنا الطبيعية كما كانت من قبل.