مقال

ليبيا: أجوبةٌ تمر بنا ومن خلالنا في اليوم العالمي للمفقودين

تعمل مروى لهيوي في مجال إعادة الروابط العائلية لبعثة اللجنة الدولية في ليبيا، وفيما يلي شهادتها على التعامل مع هذه القضايا الصعبة.

عندما انضممت إلى اللجنة الدولية، لم يكن لديّ أدنى فكرة عن شعور المرء بالانفصال عن أحبائه. لقد عرّفني عملي هنا على قصص آلاف الأشخاص الذين لم أقابلهم من قبل، ولكن حياتهم والمعاناة التي يخوضونها كانت أمامي. أتحدّث عن أولئك الذين يواصلون البحث عن أقاربهم المفقودين والذين انفصلوا بسبب الصراع أو تبعاته. 

زميلتنا مروى لهيوي أثناء عملها في مكتب بعثتنا في قسم لم شمل العائلات

خلال عملي، أقوم بمعالجة المعلومات التي جُمعت من أفراد الأسرة، تأتي هذه المعلومات مكتوبة أو عبر المكالمات الهاتفية. غالبًا ما تتركني قراءة هذه القصص والإصغاء إليها في حالة بكاء وحزن شديد، ولكن بالتأكيد لا يُقارن هذا بالألم الفعليّ لهؤلاء الأشخاص الذين لا يحصى عددهم. ذات مرة اتصلت بأبٍ غادر ابنه ليبيا على متن قارب، ولم يكن لديه أخبار عنه. اتصل الصليب الأحمر الإيطالي بالابن فور وصوله وتلقيّنا من خلالهم رسالةً تفيد بوصوله الآمن. حينها، كلّفت بإيصال هذا الخبر للأب المنتظِر. عندما سمع بالنبأ، صار صوته عاطفيًا وشعرتُ في صوته بمزيج من البهجة والحزن في آنٍ واحد. كان الأب سعيدًا بخبر وصول ضناه بأمان، وربما ظنّ أن لديه فرصةً لحياة أفضل الآن، ولكن من جهة أخرى، انفصاله عن ابنه وغياب أية فرصة في الأفق القريب للم الشمل، جعلاه يشعر بالضياع والحُزن.

القصص التي تواجهني خلال عملي تمتد على مدار سنواتٍ عديدة، لا يشعر بطول أيامها أحدٌ مثل أسر المفقودين؛ وبينما يبقيهم الأسى صاحين حتى ساعات الليل المتأخرة، يحذوهم الأمل كُل صباح في أن يجدوا إجابة ما حول مصير أحبائهم، أملهم هذا هو سبب استمرارنا في البحث أيضًا.

كنت أنتظر دائمًا قراءة رسالة أحد المحتجزين ممن نساعدهم في التواصل مع عائلتهم، فتلك الرسائل -رغم إيجاز كلماتها- تنقل أحاسيس عميقة تلامس القلب؛ في إحداها كُتب:

 

تمر من خلالنا هذه الرسائل والمكالمات الهاتفية يوميًا، وخلف كل منها شخصٌ مشتاق، عائلة منقسمة ومعاناة وحيرة بالغة. في لحظاتهم المظلمة، لديهم الأمل ويتحلون بالصمود، أملهم وصمودهم يمنحنا القوة لمواصلة البحث عن ذويهم المفقودين. بالفعل، عملية البحث مهمة شاقة وتستهلك وقتًا طويلًا، إذ لا تكون النتائج مضمونة في غالب الأحيان، ولكن حق العائلات في المعرفة أمر حتميّ أنا وزملائي ملتزمون بمساعدتهم في البحث عن أجوبة عن مصير أحبائهم.