مقال

عبر الخطوط الفاصلة بين النساء في إسرائيل والأراضي المحتلة

الثامن من مارس/ آذار هو يوم احتفالنا بالمرأة. فكيف يبدو حال المرأة في إسرائيل والأراضي المحتلة، حيث تدور رحى أطول النزاعات الحديثة أمدًا في منطقة الشرق الأوسط؟

تؤثر النزاعات الممتدة على المجتمعات والنساء اللائي يعشن في تلك المجتمعات بطرق مختلفة، بعضها واضح في مظاهر الحياة والبعض الآخر قد لا تدركه العين.

أحد الحقائق التي تَظهر على سطح النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو إلى أيّ مدى يعيش الناس من الجانبين بالقرب من بعضهما البعض وإلى أيّ مدى تفصلهما هوة عميقة. ترتفع جدران وأسيجة، وخطوط فاصلة سياسية، واحتلال، وعنف، وحالة من الاستسلام واللوم المتبادل. الخوف رابض هناك.

اقتصاد غزة يختنق وخدماته الأساسية على شفا الانهيار. ويعاني نصف عدد السكان تقريبًا من البطالة وتشهد هذه النسبة زيادة كبيرة بين النساء. ورغم ذلك، تُظهر نساء غزة مستوى مبهرًا من الصمود وسعة الفكر في استغلال الموارد في خضم هذه الأزمة. تدير "رتيبة" مطعمًا، وتقول: "لم يكن الحصول على ترخيص المطعم أمرًا يسيرًا، لكنني نهضتُ لهذا التحدي وما يفرضه من عقبات ونجحتُ. والآن صار شبه مستحيل أن يستمر مشروعي في ظل الوضع الحالي. وحتى القلة ممن يعملون في وظائف يتجنّبون إنفاق جزء من مالهم على وجبة غداء." نساء غزة يفتقرن كل شيء. يفتقرن حتى الأمل في مستقبل أكثر إشراقًا لأطفالهم.

الخروج من غزة والدخول إلى كيبوتس إسرائيلي قريب قد لا يستغرق سوى 15 دقيقة بالسيارة، لو لم يفصلهما الجدار المنيع. تبدو الصورة هناك كما لو أنك هبطتَ على كوكب مختلف: صفوف منتظمة من منازل الطبقة الوسطى تحيط بها نباتات وارفة، والأجواء العامة يحفّها الأمان والهدوء. ثم يدخل في محيط بصرك ملاجئ مضادة للقنابل موزّعة حول المكان. تقول "تامي"، وهي من السكان المحليين: "يبدو المكان كالجنة لكنها جنة يمكن أن تتحول في غمضة عين إلى جحيم عندما تبدأ صافرة الإنذار بقصف صاروخي بالانطلاق. عشتُ هنا كل حياتي لكن هذا ليس شيئًا يمكنك الاعتياد عليه. فبمرور الوقت لا يزداد الوضع إلّا سوءً. ويصير هذا التوتر جزءً منك، متأصلٌ في تكوينك."

وفي الضفة الغربية، ستجد نفسك أمام بُعدٍ آخر من هذا الواقع المركّب. فالنظام المتشابك لنقاط التفتيش والتراخيص والطرق التي لا يمكن تجاوزها عند حد معين، كل هذا يؤثر على أي شيء يفعله الناس حرفيًا، من إدارة مشروع إلى مجرد حضور حفل عيد ميلاد. تعيش "هانا" في الخليل مع شقيقتها. وبسبب عمرهما وحالتهما الصحية تواجه الاثنتان صعوبات في المشي. وبعد أن حُظر دخول السيارات والزوار إلى الحي الذي تسكنان فيه، تقضي الشقيقتان أيامهما وحيدتين في المنزل. تقول "هانا": "نجلس هنا وحسب. وتمر أيام لا نجد فيها أي شيء نقوله لبعضنا بعضًا."

ومع ذلك، عند الحديث عن معنى أن تكوني امرأة في هذا الجزء من العالم اليوم، فإن النساء الثلاث اللائي يعشن على مقربة شديدة من بعضهن البعض لكنهن لا يحظين مطلقًا بفرصة اللقاء وتبادل الحديث، يقلن الأشياء ذاتها: تحدي أن تصير المرأة ما تريد، أن تنجح في عالم يسيطر عليه الرجال، أن تكسب قوتها، أن تربي طفلًا، وأن تحقق حلمًا.             

والكثير يفصل نساء هذا الجانب عن نساء ذاك. وخبراتهن وواقعهن المحيط بهن متباينٌ أشدّ ما يكون التباين. ومع ذلك، هناك أشياء مشتركة بين نساء الجانبين، من بينها: الحق في التطلع إلى المستقبل والتمكن من المضي في حياتهن بكرامة مَصونة وتحرّر من الخوف.