مقال

بالفن، نُنقذ الأرواح – التوعية بمخاطر الألغام في غزة

لم تعد المخاطر والمحن غريبة عن سكان قطاع غزة، إذ شهد القطاع المكتظ بالسكان على مدى الأعوام الخمس عشرة الماضية أربع عمليات عسكرية كبرى واندلاع عدد لا يُحصى من أعمال العنف والاضطرابات. كما تزداد الحياة اليومية لسكان غزة صعوبةً في ظل التحديات الاقتصادية والقيود التي تُعيق حركة الأفراد فيها.

وعلاوةً على ذلك، يطارد سكان غزة خطرٌ آخر غالباً ما يكون غير مرئي، ألا وهو خطر الذخائر غير المنفجرة، أي القنابل والألغام الأرضية والذخائر الأخرى التي لم تنفجر ولا يزال انفجارها يشكّل خطراً قاتلاً. إنّ العدد الدقيق للذخائر غير المنفجرة التي تنتشر في مختلف أنحاء غزة غير معروف، ولكن الخطر الذي يهدد المجتمعات هو بلا شكّ حقيقي. لقد جرى الإبلاغ عن حوادث ترتبط بالذخائر غير المنفجرة في غزة مرة واحدة على الأقل كل شهر على مدى السنوات الثلاث الماضية، وإنّه لأمرٌ مقلقٌ للغاية.

وعلى مدى السنوات الماضية، عملت طواقم متخصصة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة التربية والتعليم في غزة مع المجتمعات المحلية في جميع أنحاء غزة لتوعيتهم بمخاطر الذخائر غير المنفجرة والمساعدة في الحفاظ على سلامتهم. وقد استفاد حتى الآن أكثر من 130,000 فردٍ من سكان غزة من مثل هذه الجلسات التوعوية.

تهدف اللجنة الدولية، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إلى رفع وعي المجتمع بالمخاطر وحثّها على اتّباع السلوك الأكثر أماناً من خلال أنشطة التوعية بمخاطر الألغام التي تنفّذها. ومن أكثر الطرق فعالية لتحقيق تلك الغاية هي تنظيم الفعاليات الفنية والثقافية، إذ أن الدراما والفن وحتى الكتابة على الجدران جميعها طرق ناجحة لنشر رسائل مهمة بين أفراد المجتمع. وقد أثبتت المسرحيات فعاليتها في هذا المجال بشكل خاص.

وعلى ضوء ذلك، جرى تنظيم مسرحية جديدة بالاشتراك مع متطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بهدف رفع مستوى الوعي حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة، وقد اجتذبت جمهوراً من 600 شخص وعدد كبير من الأفراد الذين شاهدوا المسرحية عبر الإنترنت بفضل البث المباشر على المنصات الإلكترونية التابعة لكل من اللجنة الدولية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

وتقول رهام فتحي، وهي متطوعة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: "تواصل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واللجنة الدولية العمل معاً لرفع مستوى الوعي حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة". وأضافت قائلةً: "لقد وجدنا أن المسرح كان من أفضل الطرق للوصول إلى الأشخاص بتنوّع خلفيّاتهم الثقافية، إذ يضيف التفاعل الذي تتضمنه المسرحية بعداً آخر إلى برامج التوعية التقليدية لدينا. كما أنه لمن الممتع جداً رؤية رد فعل الجمهور أثناء المسرحية".

بالإضافة إلى ذلك، قام متطوعون موهوبون من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وبالتعاون مع بلدية غزة، بالرسم على الجدران عند أحد التقاطعات الرئيسية في مدينة غزة، في محاولةٍ منهم لجذب الأنظار ورفع الوعي حول خطر الذخائر غير المنفجرة. كما وزّعت اللجنة الدولية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني سوياً 2,000 كتاب تلوين على الأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة لمساعدتهم على فهم مخاطر الذخائر غير المنفجرة التي قد تكون كامنة في الملاعب والحدائق التي يلعبون فيها.

ويقول هشام أبو العجين، وهو متطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: "أطفال غزة معرضون بشكل خاص للقتل أو الإصابة في حوادث الذخائر غير المنفجرة، إذ غالباً ما يظنّون أنّ القنابل غير المنفجرة أو الذخائر الأخرى ألعابٌ أو شيء يثير فضولهم. ومن خلال استخدام أدوات مثل كتب التلوين، يسهل عليهم فهم مخاطر الذخائر غير المنفجرة، فيصبحون متيقّظين بشكل أكبر".

إنّ تطهير قطاع غزة من هذه الأخطار سوف يستغرق سنوات عديدة، وربما عقوداً من الزمن. وفي غضون ذلك، إنّ تثقيف الأفراد حول المخاطر أمرٌ بالغ الأهمية. وأضاف العجين: "إن دورات التوعية التي تنظمها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واللجنة الدولية في المدارس بالغة الأهمية".

بالمعرفة والوعي، يمكننا حقاً إنقاذ الأرواح.