مقال

الخليل: منطقة H2 تروي قصصًا يومية

تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967. فعلى مدار خمسين عامًا، تقدم المساعدات للسكان خلال أوقات الشدة. وكشف التقييم الأخير للمشاريع المقامة منذ أربع سنوات لدعم سبل كسب الرزق الأساسية للأسر المستضعفة أن الكثير منها لا يزال يعمل. 

مروان جابر، مزارع 

مروان جابر، فلسطيني يبلغ من العمر 48 عامًا ويقيم في المنطقة المعروفة باسم H2 في مدينة الخليل القديمة في الضفة الغربية. عانى خلال عام 2012 هو وشقيقاه حازم وعاطف الكثير لإعاشة أسرهم.

ولكن بفضل مبادرة اللجنة الدولية لإقامة مشاريع اقتصادية صغيرة، تمكن أولاد جابر من تحسين مزرعتهم وبناء دفيئة للحصول على محاصيل أفضل. واليوم، يزرعون أنواعًا مختلفة من الخضروات على مدار العام وأصبحوا قادرين على إعالة جميع أفراد الأسرة ومجموعهم 20 فردًا.

قال مروان: "لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن أدير مشروعًا تجاريًا جيدًا، ولم أكن أحلم سوى بزيادة زراعات الفراولة القليلة التي زرعتها في عام 2010 إلى أقصى حد. وكان مشروع اللجنة الدولية علامة فارقة في حياتنا".

صورة لمزرعة مروان الواقعة في المنطقة المعروفة باسم H2 في مدينة الخليل القديمة

"نحن نزرع حاليًا الخيار ونبيعه طازجًا في السوق. ولكننا سنزرع مكانه الفاصوليا الخضراء بعد أسابيع قليلة. ونطوع استخدام الدفيئة بحسب الطلب في السوق ونستخدمها على مدار العام بأكمله".

ساعدت اللجنة الدولية في عام 2012 عائلات مختلفة في المنطقة المعروفة باسم H2 لبدء مشاريع تجارية صغيرة أو تحسين القائم منها. ويصل العائد الذي أدرته جميع هذه المشاريع حتى يومنا هذا إلى 15,300   دولار شهريًا بمتوسط قدره 1,020   دولارًا أمريكيًا لكل مشروع. وزاد إجمالي الدخل من10,500  دولار أمريكي في عام 2011 إلى 18,700  دولار أمريكي في عام 2014.

مروان وولده عبد الله ذو الست سنوات في الدفيئة أثناء فحص الإنتاج الحالي من الخيار.

اللجنة الدولية قدمت لمروان غالبية ما يحتاجه لإقامة مزرعة صغيرة لإعالة أسرته.

مروان يراجع جدول البيانات ليطلع على الإنتاج الشهري.

بسام الجعبري، صانع أحذية

بسام الجعبري، صانع أحذية يبلغ من العمر 49 عامًا ويعيش مع أسرته المؤلفة من 10 أفراد في أحد الشوارع الرئيسية بمنطقة H2  في مدينة الخليل القديمة.

كان بسام بحاجة قبل أربع سنوات إلى استبدال ماكينات الخياطة التي يمتلكها لزيادة إنتاجه ودعم الأسرة بأكملها. وتلقى في عام 2012 اثنتين من ماكينات الخياطة الجديدة في إطار مبادرة اللجنة الدولية لتوسيع نطاق المشاريع التجارية والارتقاء بها في منطقة H2 التي تعد واحدة من أكثر المناطق حساسية.

 

بسام أثناء إعداد الجلد قبل إرساله إلى المصنع في الخليل لإتمام عملية التجميع النهائي 

يمتلك بسام حاليًا ورشة بجوار منزله حيث يخيط الأحذية. وهو يتولى إعداد الجلد قبل إرساله للتجميع النهائي في أحد مصانع الأحذية في الخليل.

أطفال بسام يساعدونه خلال العطل المدرسية.

قال بسام: "لا يوجد هنا في منطقة H2 مكان يلعب فيه الأطفال، لذا هم يساعدونني في عملية الإنتاج ويتعلمون المهنة في آن واحد بدلاً من تركهم في الشوارع عرضة للمشاكل". 

أطفال بسام يساعدون والدهم في المشروع الأسري أثناء العطلة الصيفية

وبعيدًا عن الدعم الاقتصادي، يطرق بسام وأسر أخرى أبواب اللجنة الدولية عندما تشتد موجات العنف في منطقة H2.

وعن ذلك قال بسام: "أعرف أنه بإمكاني الاتصال باللجنة الدولية في أي وقت، فبابها مفتوح دائمًا. وهذا الأمر أكثر أهمية بالنسبة للمقيمين في منطقة H2 من المشاريع التي تمولها أو المساعدة التي تقدمها لنا".

ساعدت مبادرات اللجنة الدولية لإقامة مشاريع اقتصادية صغيرة في زيادة دخل عائلات أخرى في منطقة H2 لدفع الرسوم المدرسية والادخار في بعض الحالات. 

بسام أثناء عمله في ورشته

محمد ديب جابر، صانع المفتول

محمد ديب جابر، رب أسرة مكونة من تسعة أفراد من منطقة H2، بدأ في 2003 إنتاج المفتول وهو الكسكس الفلسطيني التقليدي المصنوع من الدقيق والسميد. وهو طبق شعبي معروف جدًا في منطقة H2 ويكثر تناوله في الشتاء بشكل خاص.

قال محمد: "في الماضي، كانت تصنعه الجدات يدويًا أما اليوم فنحن نستخدم ماكينات خاصة، ما يسمح لنا بزيادة الإنتاج".

كان الوضع مختلفًا تمامًا قبل أربع سنوات: كان دَخْل جابر لا يكفي لتلبية احتياجات أسرته ولم يكن يستطيع تسديد الرسوم الجامعية لولده. وازداد الطين بلة مع القيود المفروضة على الحركة في منطقة H2 ، وتعقدت الأمور بالنسبة لأسرهم لإيجاد وسيلة لتحسين معيشتها.

 

شريف الابن الأكبر لمحمد يوضح شكل حبات المفتول

تلقت أسرة جابر المساعدة من اللجنة الدولية لتحسين ظروفها المعيشية. ومن بين الأدوات التي حصلت عليها موازين إلكترونية وماكينة حياكة ورافعة إلكترونية والتي يمكن استخدامها لرفع المفتول إلى السطح لكي يجف.

موازين إلكترونية وماكينة حياكة ورافعة إلكترونية، من بين الأدوات التي حصلت عليها أسرة جابر لتحسين إنتاج مشروع المفتول.

يقول محمد: "نستطيع الآن إنتاج كميات أكبر بفضل هذه الأدوات. ويُصدر المفتول حتى إلى دول الخليج. ويعمل أولادي معي ويحصلون على قوتهم. لقد بات الدخل أفضل كثيرًا من قبل".

واليوم وبعد مرور أربع سنوات على بدء مبادرات اللجنة الدولية لإقامة مشاريع اقتصادية صغيرة، لا تزال 25 أسرة من أصل 30 المستفيدة من البرنامج تدير مشاريعها. وزاد دخل عشر منها من 13300 دولار أمريكي إلى 19500 دولار أمريكي سنويًا واستثمرت جزءًا من رأس مالها لتحسين مشاريعها.

سوزان جابر، صانعة أفلام

سوزان جابر، في الأربعين من العمر وأم لتسعة أطفال، تعيش في البلدة القديمة في الخليل في منطقة .H2

أدركت قبل بضع سنوات أن الراتب الذي يتقاضاه زوجها لم يكن كافيًا لسد احتياجات الأسرة، فما كان منها إلا أن تتدرب على أساسيات فن التصوير الفوتوغرافي وتتقدم بعد ذلك للمشاركة في برنامج للتدريب المهني تدعمه اللجنة الدولية.

درست سوزان إنتاج الأفلام وتحريرها والتعليق الصوتي لمدة خمسة أشهر في كلية الهندسة في الخليل. وحصلت على آلة تصوير وكاميرا فيديو، ومسجل أقراص فيديو رقمية وأجهزة إنارة للاستوديو.

سوزان واثنان من أولادها داخل الاستوديو الخاص بها الواقع في وسط منطقة H2 في الخليل. 

كل شخص لديه حلم. يمكنك تحقيق حلمك بحصولك على دعم صغير". كلمات قالتها سوزان أثناء تحرير أحد أفلام الفيديو على جهاز الحاسوب الخاص بها.

تمكنت سوزان من إقامة استوديو للأفلام خاص بها في وسط منطقة H2 في مدينة الخليل القديمة وذلك بفضل ما حصلت عليه من تدريب استغرق خمسة أشهر ومعدات من اللجنة الدولية.

قالت سوزان بفخر: "زادت ثقتي بنفسي بفضل ما منحته لي اللجنة الدولية من تدريب ومعدات، فقررت شراء آلات تصوير مهنية والتي ما كان يمكنني شراؤها دون الحصول على ائتمان. ومع ذلك، كنت أعتقد أنني سوف أتمكن من السداد بفضل الدخل الذي تدره عليَّ آلات التصوير الجديدة".

سوزان أثناء تحرير فيلم فيديو داخل الاستديو الخاص بها في منطقة H2 

سوزان حققت حلمها من خلال صناعة الفيديو بفضل التدريب المهني المقدم من اللجنة الدولية

باتت سوزان اليوم تحصل على قوت يومها من إدارة الاستوديو الخاص بها. وأصبحت هي الأخرى تعيل أفراد الأسرة المؤلفة من 11 فردًا وتمضي وقتها بين العمل والأسرة.

قالت سوزان: "أصور الحفلات والأعراس في الخليل وبيت لحم. يمكنني العمل أكثر وكسب المزيد إلا أن أسرتي التي تعيش في منطقة صعبة في الخليل بحاجة إلى دعمي لها يوميًا. وأنا أحب أن أتواجد بجانبهم ونحن جميعًا سعداء بظروفنا المعيشية الحالية".

ساعد الدعم المقدم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن طريق التدريب المهني 15 شخصًا يعيشون في منطقة H2 في مدينة الخليل على الحصول على عمل يدر دخلاً يمّكنهم من إعالة أسرهم.

الصور: " خيسوس سيرانو" – مندوب إعلامي ومتحدث رسمي