مقال

قانون الحرب والقانون في الحرب

القانون الدولي الإنساني، أو القانون في الحرب ( jus in bello)، هو القانون الذي يحكم طريقة سير الحرب. ويتميز القانون الدولي الإنساني بطابع إنساني محض. فهو يسعى إلى الحد من المعاناة الناجمة عن الحرب، بغض النظر عن المسائل المتعلقة بمبررات أو أسباب الحرب، أو منع نشوبها، المشمولة بقانون الحرب (jus ad bellum).

حدث التمييز الواضح بين القانون في الحرب وقانون الحرب مؤخرا نسبيا. ولم يصبح المصطلحان شائعين في النقاشات والمؤلفات الخاصة بقانون الحرب إلا بعد مرور عقد من الزمن على الحرب العالمية الثانية. ومما لا شك فيه أن المفاهيم التي يشملانها برزت في النقاش القانوني قبل ذلك، لكن بدون التمييز الواضح الذي جلبه اعتماد المصطلحين.

والغرض من القانون الدولي الإنساني هو الحد من المعاناة الناجمة عن الحرب عن طريق توفير أكبر قدر من الحماية والمساعدة للضحايا. لذلك، فإن هذا القانون يعالج واقع النـزاع دون اعتبار لأسباب اللجوء إلى القوة أو مشروعيته. فهو يقتصر على تنظيم جوانب النـزاع ذات الأهمية الإنسانية. وهذا هو ما يعرف باسم القانون في الحرب. وتسري أحكامه على الأطراف المتحاربة بغض النظر عن أسباب النـزاع ومدى عدالة القضية التي يدافع عنها هذا الطرف أو ذاك.

بينما يسعى قانون الحرب أو قانون منع الحرب إلى تقييد اللجوء إلى القوة في ما بين الدول. وتمتنع الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة (الفقرة 4 من المادة 2). وثمة استثناءات لهذا المبدأ في حالة الدفاع عن النفس أو عقب قرار يتخذه مجلس الأمن للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع من الميثاق.   

ويصعب في أغلب الأحيان في حالة نـزاع مسلح دولي تحديد الدولة التي انتهكت ميثاق الأمم المتحدة. ولا يرتهن تطبيق القانون الدولي الإنساني بتحديد الطرف المعتدي، حيث أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى إثارة الجدل وتعطيل تنفيذ القانون، إذ سيزعم كل طرف عندئذ أنه ضحية للعدوان. يضاف إلى ذلك أن الهدف من القانون الدولي الإنساني هو حماية ضحايا الحرب وحقوقهم الأساسية بصرف النظر عن الطرف الذي ينتمون إليه. ولهذا السبب يجب أن يظل القانون في الحرب مستقلا عن قانون الحرب أو قانون منع الحرب.