مقال

الصليب الأحمر النرويجي: المساعدة في ضمان الحصول على الرعاية الصحية بشكل آمن في البلدان الأخرى

على الرغم من أن النرويج بلد ينعم بالسلام والاستقرار، إلا أن الصليب الأحمر النرويجي (نوركروس) يُعدّ من أنشط الجمعيات الوطنية المشاركة في مشروع الرعاية الصحية في خطر.

منذ عام 2013، يعمل الصليب الأحمر النرويجي بالتعاون مع العديد من الجمعيات الوطنية لضمان سلامة الحصول على الرعاية الصحية في البلدان التي تنتمي إليها تلك الجمعيات. وهو المسعى الذي يشرح دوافعه مستشار برنامج الرعاية الصحية في خطر التابع للصليب الأحمر النرويجي "فريدريك سيم" قائلًا: "يعكس هذا الروح الحقيقية للحركة. فليس بالضرورة أن تكون لدينا المعرفة الميدانية المطلوبة، لذا لا نكون نحن الطرف المضطلع بنقل الخبرة الفنية. بيد أن لدينا خبرة في تهيئة الأجواء المواتية للآخرين ليتناقلوا المعرفة فيما بينهم. ولقد قررنا المساعدة لأننا نؤمن أن الجمعيات الوطنية الشقيقة –لا سيما من المنطقة ذاتها- بوسعها إحداث فرق في مجال حماية تقديم الرعاية الصحية، عبر البناء على خبراتنا المتبادلة".

وقد ركز الصليب الأحمر النرويجي على تنفيذ التوصيات الصادرة ضمن إطار مشروع الرعاية الصحية في خطر، بهدف حماية توفير الرعاية الصحية، وضمان الحصول عليها بشكل آمن. وفي هذا السياق، عمد الصليب الأحمر النرويجي إلى صياغة دليل إرشادي يستند إلى التقرير المُعنوَن: خدمات الإسعاف والرعاية ما قبل الوصول إلى المستشفى في حالات الخطر. يحتوي التقرير توصيات قيّمة للحد من المخاطر التي يتعرض لها المستجيبون الأُوَل. ولأن جميع التوصيات المتعلقة بمشروع الرعاية الصحية في خطر تتطلب ضمنيًا "تطويع الاستجابات حسب السياق"، بدأ الصليب الأحمر النرويجي في التعاون مع الصليب الأحمر الكولومبي، والصليب الأحمر اللبناني لتصميم وتيسير ورش عمل للجمعيات الوطنية في الأمريكتين وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباعًا، مع أخذ احتياجات كل منطقة ومشكلاتها الخاصة في الاعتبار. ومن المقرر عرض نتائج هذه الورش في الدليل الجديد الذي أصدره الصليب الأحمر النرويجي بعنوان: أفضل الممارسات فيما يتعلق بخدمات الإسعاف في حالات النزاع والخطر المشار إليه آنفًا. ويحتوي الدليل كذلك مبادئ توجيهية يمكن أن تستعين بها الجمعيات الوطنية في صياغة إجراءات عمل ملائمة لسياق كل منها.

إضافة إلى ما تقدم، أطلق الصليب الأحمر النرويجي مبادرة "التأثير السريع"، التي تتألف من عدة مشروعات قصيرة المدى ذات أهداف مُحددة جدًا. ففي لبنان، تبرع الصليب الأحمر النرويجي بأجهزة هاتف تعمل عبر الأقمار الاصطناعية (هواتف ساتلية)، نظرًا للحاجة إليها بسبب ضرورة الحفاظ على اتصال دائم بين سيارات الإسعاف وقواعدها، إذ لا يمكن الاعتماد على شبكات الهواتف المحمولة في أوقات الأزمات. وفي كولومبيا، يساعد الصليب الأحمر النرويجي الجمعية الوطنية هناك في وضع مؤشرات لقياس الإنجاز فيما يتعلق بمشروع الرعاية الصحية في خطر. وأخيرًا، يدعم الصليب الأحمر النرويجي كذلك أنشطة التدريب المتعلقة بمشروع الرعاية الصحية في خطر لمتطوعي الجمعيات الوطنية، بما يؤهلهم لممارسة أنشطة الترويج للمشروع في مجتمعاتهم المحلية. كما يُقدم وحدة تدريبية مُكمّلة حول التعامل مع الضغوط وتجنب العنف الشخصي، يتولى تقديمها "مندوب متنقل" (انظر مربع النص أدناه).

ويستطرد السيد "سيم" قائلًا: "لم نكن وحدنا في المشهد، فقد أدركت وزارة الخارجية النرويجية أهمية التصدي لهذه المشكلة الإنسانية الكبيرة، ووقعت اتفاقية مع الصليب الأحمر النرويجي مدتها ثلاث سنوات لتمويل أنشطة مشروع الرعاية الصحية في خطر".

من النموذج النرويجي نستخلص أن ثمة دور لنا جميعًا؛ فمن الممكن أن تتعاون الجمعيات الوطنية في الدول التي تعيش حالة سلم وفي الدول المتضررة من النزاعات معًا لتحديد المشكلات والعمل على إيجاد الحلول. ويمكننا بتضافر الجهود أن نضمن توفير الرعاية الصحية بشكل آمن.

CC BY-NC-ND / ICRC / D. Revol

مبادرة الرعاية الصحية في خطر للمندوب المتنقل

يتمثل دور المندوب المتنقل التابع للصليب الأحمر النرويجي في توفير دعم تقني مباشر يهدف للحيلولة دون حدوث عنف ضد بعثات اللجنة الدولية والجمعيات الوطنية في البلدان المختلفة، ويتم ذلك بصورة رئيسية من خلال التدريب وحلقات العمل حول "الرعاية الصحية في خطر". يقول "فردريك سيم"، مستشار "الرعاية الصحية في خطر" التابع للصليب الأحمر النرويجي: "وجدنا أن هناك هيكل أدبيات متنام يُكتب حول العنف ضد المنشآت الصحية وخدمات الإسعاف، والفضل في ذلك يرجع إلى مبادرة "الرعاية الصحية في خطر". لكن المكتوب حول العنف الشخصي الموجه ضد مقدمي الرعاية الصحية قليل للغاية. إذ أحيانًا ما يتملك الخوف أو الإحباط أو السخط على الخدمات الطبية من المرضى أنفسهم أو أقربائهم فيلجؤن إلى العنف. يحدث هذا الأمر في كل مكان بل وفي المراكز الصحية في النرويج."
ويجهز المندوب المتنقل في الوقت الحالي أدوات تدريب سوف تزود أفراد الرعاية الصحية بمهارات أساسية معينة لاحتواء العنف الموجه ضدهم.
ويقول "كريستيان غراو"، المندوب المتنقل التابع للصليب الأحمر النرويجي: "انتهجنا استراتيجية تدريب المدرب. وهذا النهج تشاركي ولا يرتكز على النظرية وحسب. يؤدي المشاركون تدريبات تبادل أدوار قائمة على حالات فعلية. ثم يحللون سلوكهم - يلاحظون سلوك وانفعالات بعضهم البعض أثناء التدريب - ويطورون مجموعة ممارسات ناجحة يمكن أن تطبَّق في بيئتهم الاجتماعية الثقافية الخاصة. والميزة الرئيسية لمثل هذا العمل الجماعي هي أن المشاركين يطورون آليات التأقلم بحسب خبراتهم."
ويضيف "غراو": "وكل مسألة نوقشت من مسائل الرعاية الصحية في خطر لها سمات تجعلها مميزة بالنسبة لبيئتها وتتطلب استراتيجية تأقلم خاصة. ويدفع هذا الحركة إلى التفكير بشكل غير تقليدي وربما المساعدة على تعزيز تعاوننا مع الجمعيات الوطنية الأخرى."