مقال

عزم راسخ على إنهاء العنف ضد الرعاية الصحية

خطاب مفتوح إلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة:

نواصل دقّ ناقوس الخطر؛ فالعشرات والعشرات من العاملين في مجال الرعاية الصحية إما يلقون حتفهم أو يصابون أثناء رعايتهم للمرضى والجرحى من الرجال النساء والأطفال في أوقات النزاعات المسلحة، في حين تُمنَع أعداد لا حصر لها منهم من ممارسة مهامهم.

علينا أن نبذل المزيد من أجلهم ومن أجل السكان المدنيين المتضررين من هذه الأوضاع غير المقبولة. فهذه مسألة حياة أو موت.

ولا بدّ من إجراء حازم لوضع حد للعنف الذي يستهدف مقدمي الرعاية الصحية، وقصف المستشفيات، وتدمير مركبات الإسعاف، ما يحول دون حصول مجتمعات بأسرها على الخدمات المنقِذة للأرواح. ولا شك أن أعمال العنف هذه تُفاقم أثر الحرب على السكان، إذ تسفر عن وقوع المزيد من حالات الوفاة، والإعاقة، فضلًا عن ارتفاع معدلات المرض، وتفاقم المعاناة البدنية والنفسية. وتُخلِّف هذه الأعمال تبعات يظل أثرها لعقود. ولقد حان الوقت لنعاود التأكيد على أن ثمة حدود للحروب.

ولهذا السبب نرحب نحن – بصفتنا أعضاء في مبادرة "الرعاية الصحية في خطر" وشركاء فيها – بالتحرك الذي اتخذه مجلس الأمن لاعتماد قرار يخص هذه القضية. إذ يمثل هذا القرار فرصة ثمينة يجب ألا نفوّتها.

ونحن اليوم، 3 أيار/مايو 2016، ندعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن يدعموا بإخلاص التدابير الواردة بالتفصيل في قرار مجلس الأمن  والتدابير التي تمخّضت عنها مبادرة "الرعاية الصحية في خطر".
وتماشيًا مع القراررقم  2286 الذي اعتمده مجلس الأمن اليوم، فإننا نناشد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التأكيد مجددًا على أهمية القانون الدولي الإنساني، تلك المجموعة من القوانين القويمة التي تسعى إلى ضمان قدر من الإنسانية في خضم أوضاع لا إنسانية. وعلى وجه التحديد، نحثّ جميع الدول الأعضاء على اعتماد تدابير محددة لحماية تقديم الرعاية الصحية على النحو الذي يضمن مزيدًا من الامتثال للقانون الدولي الإنساني.

ينبغي للحكومات مراجعة تشريعاتها المحلية، واستحداث تشريعات متى اقتضى الأمر، لمنع العنف ضد المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية ومرافقها، والمركبات الطبية. إن الغرض من وجود موظفي الرعاية الصحية في مناطق النزاع هو تقديم الرعاية للمرضى والجرحى، بصرف النظر عن انتماءاتهم واستنادًا إلى احتياجاتهم وحسب. ويجب ألا يُعاقَبوا نظير أدائهم مهامهم. فهؤلاء المتخصصون الذين يتفانون في أداء عملهم يؤدون دورًا رئيسيًا في دعم مبدأ الإنسانية في خضم الحرب.

إنه لمن الضروري أن يخضع مرتكبو الهجمات ضد الرعاية الصحية والذين يَحولون دون تقديمها للمساءلة وأن يُقدَّموا للمُحاكمة، ونحن نحثّ على اعتماد تدابير محددة لتحقيق ذلك. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تُدرج الدول عقوبات جنائية، أو تأديبية، أو إدارية في تشريعاتها المحلية.

ونحن نحثّ الدول على ضمان اتساق تشريعاتها المحلية الأخرى المنطبقة على طواقم الرعاية الصحية، بما فيها القوانين الجنائية، مع واجباتها الأخلاقية وحماية هذه التشريعات استقلاليةَ وعدم انحياز توفير الرعاية الصحية بصورة ملائمة.

ومن بين التدابير الرئيسية الأخرى مراجعة القواعد العسكرية الخاصة بالاشتباك والممارسات والتدابير الميدانية، لضمان إدماج التوصيات والتدابير الخاصة بحماية عملية تقديم الرعاية الصحية للمحتاجين، وحصول الأفراد العسكريين على تدريبات بناءً على تلك التوصيات. ونحن نحثّ الدول على التعهد بهذا الالتزام.
وتقود الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر مبادرة "الرعاية الصحية في خطر"، ويدعم المبادرة خبراءُ ومتخصصون من خلفيات مختلفة، ومنهم من يعملون على خطوط الجبهة وفي الحكومات والقوات المسلحة والوكالات الإنسانية والجمعيات الدولية المتخصصة وخدمات الرعاية الصحية. ومن خلال التعاون الوثيق فيما بيننا صِغنا توصيات جوهرية وحدّدنا تدابير عملية من شأنها أن تزيد مستوى حماية خدمات الرعاية الصحية في النزاعات المسلحة وحالات الطوارئ الأخرى، إذا نفذتها جميع الأطراف المعنية.

وتبادلنا مع أعضاء مجلس الأمن وثيقة توجز المبادئ الأخلاقية لتوفير الرعاية الصحية في أوقات النزاع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى. وحصلت الوثيقة العام الماضي على تأييد 6 منظمات رعاية صحية كبرى تمثِّل أكثر من 30 مليون متخصص، والهدف منها حماية المرضى ومقدمي الرعاية الصحية.

ومن بين الأهداف الرئيسية للمبادئ الأخلاقية ضمان عدم إجبار مقدمي الرعاية الصحية على القيام بأعمال تتعارض مع المعايير الأخلاقية لمهنتهم. إن مهمتهم الأساسية هي حماية الصحة البدنية والنفسية للأفراد وتحفيف المعاناة دون تمييز من أي نوع. فالمرضى والمصابون يحتاجون لرعاية وعلاج، بغض النظر عن المكان الذي أتوا منه أو الجبهة التي يقاتلون عليها.

ونحن نحثّ كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن تأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي انبثقت تحت مظلة مبادرة "الرعاية الصحية في خطر" والمبادئ الأخلاقية، للإفادة منها في المبادرات المستقبلية المتعددة الأطراف.

وهنا يرسل قرار مجلس الأمن إشارة مهمة، فهو يقرّ بأهمية القانون الدولي الإنساني، وحُرمة إيصال الرعاية الصحية للمحتاجين في أوقات النزاع. وتظهِر الدول الأعضاء في مجلس الأمن للعالم، من خلال هذا القرار، أن العنف ضد الرعاية الصحية مشكلة إنسانية خطيرة تحتاج إلى مجابهة على أعلى المستويات، وأنه يجب إجراء تحرك عاجل لإعادة التأكيد على اتفاقيات جنيف التي تعدّ جميع الدول أطرافًا فيها.
ونحن نحثّ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الاستجابة لمناشدتنا والانضمام إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن في التأكيد على عزمها الراسخ على إنهاء العنف الذي يستهدف الرعاية الصحية. فحتى في أوقات الحرب، هناك مكان للإنسانية، ولا بدّ أن يكون لها.

المنظمات الموقعة:
• جمعية الهلال الأحمر الأفغاني؛
• الصليب الأحمر الأرجنتيني؛
• الصليب الأحمر الأسترالي؛
• الصليب الأحمر البلجيكي؛
• الصليب الأحمر الكندي؛
• الصليب الأحمر الشيلي؛
• الصليب الأحمر الكولومبي؛
• الصليب الأحمر التشيكي؛
• الهلال الأحمر المصري؛
• الصليب الأحمر الأستوني؛
• اللجنة الدولية للطب العسكري؛
• اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛
• المجلس الدولي للتمريض؛
• الاتحاد الدولي لرابطات طلاب الطب؛
• الاتحاد الدولي للمستشفيات؛
• جمعية الهلال الأحمر الإيراني؛
• الهلال الأحمر بكازاخستان؛
• الصليب الأحمر اللبناني؛
• الصليب الأحمر النرويجي؛
• جمعية الصليب الأحمر السنغالي؛
• الصليب الأحمر في جنوب السودان؛
• الصليب الأحمر الأسباني؛
• الصليب الأحمر السويدي؛
• الصليب الأحمر السويسري؛
• الصليب الأحمر في تيمور الشرقية؛
• الصليب الأحمر الصربي؛
•الهلال الاحمر القطري؛
• جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني؛
• جمعية الصليب الأحمر النيجيري؛
• الصليب الأحمر بمالي؛
• الاتحاد العالمي لتعليم الطب؛
• الجمعية الطبية العالمية
• جمعية الهلال الأحمر اليمني.

 

"الرعاية الصحية في خطر" مبادرة أطلقتها الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر لضمان الوصول إلى المرافق الصحية وتقديم الرعاية الصحية على نحو أكثر أماناً أثناء النزاعات المسلحة أو حالات الطوارئ الأخرى. وتدعو المبادرة إلى احترام وحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية والمركبات الطبية، وإلى تنفيذ سلسلة من التوصيات والإجراءات العملية الرامية إلى صون خدمات الرعاية الصحية واحترام المهمة الإنسانية للقائمين عليها. وتتلقى المبادرة دعماً من شركاء وأفراد ومنظمات عدة، ومن أعضاء مجتمع المهتمين بالرعاية الصحية في خطر.