مقال

التعهد بجعل المستشفيات ملاذات آمنة

تجسد المستشفيات شعورنا بالإنسانية وتعاطفنا مع من يعانون. وإذا أردنا رعاية المرضى فعلينا التأكد من أن المستشفيات آمنة. وللأسف، ليست هذه هي الحال في كثير من الأحيان في النزاعات وحالات الطوارئ المعاصرة. ولقد انخرطنا، في الاتحاد، في مبادرة الرعاية الصحية في خطر لأننا نوقن بأنه يمكننا بفضل عملنا معاً أن نضمن تقديم الرعاية الصحية بطريقة أفضل وأكثر أمنا. وسيساعد هذا النهج أيضاً أعضاء اتحادنا على التعامل مع التهديدات التي يواجهونها لاستمرار مستشفياتهم في العمل ولمواصلة تقديم الرعاية المناسبة للمرضى.

المؤتمر الدولي الثاني والثلاثون - فرصة لجعل تقديم الرعاية الصحية أكثر أمنا

أعرب الاتحاد الدولي للمستشفيات عن إعجابه بتفاني المشاركين – كل ممن مثلوا الحكومات والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على حد سواء. واتضح من المناقشات أن هناك التزاماً راسخاً بالقيم الأساسية لاتفاقيات جنيف، رغم أن العديد من الحاضرين شعر - وأنا منهم - بخيبة أمل بسبب عدم وجود توافق في الآراء حول تأييد مشروع قرار اللجنة الدولية بشأن تعزيز الامتثال للقانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، فإن هذه المناقشات مستمرة والقرار المعتمد يحمل رسالة واضحة إلى المجتمع المدني: نحتاج إلى التحرك والقيام بدور أقوى على الصعيدين العالمي والوطني من أجل حث الحكومات على الالتزام التام بالقانون الدولي الإنساني والتحقيق بشأن أي انتهاكات والمعاقبة عليها. وهذه الدعوة للحشد والتعاون حاضرة بقوة أيضا في القرار 4 الخاص بحماية تقديم خدمات الرعاية الصحية. ويشكل تقديم تعهد بدعم مبادرة الرعاية الصحية في خطر فرصة للاتحاد الدولي للمستشفيات كي يستجيب لتلك الدعوات ويحشد جهود أعضائنا حول مسألتين رئيسيتين:

1- زيادة قدرة المستشفيات على الصمود؛
2- ضمان أن تكون المستشفيات ملاذات آمنة.

زيادة قدرة المستشفيات على الصمود

إذا كان للمستشفيات أن تتكيف مع تزايد المخاطر الناجمة عن الإنسان والبيئة، فإن عليها أن ترفع مستوى قدرتها على الصمود. وهذا يتطلب التقييم الدقيق للمخاطر والتخطيط للطوارئ، لأنه لا يمكن لأي جهة تقدم الرعاية الصحية أن تقوم بمهمتها بدون أنشطة التأهب وبدون تدريبات. ويتوقف الأمر على تغيير نمط التفكير، بجعل مفهوم القدرة على الصمود جزءا من العمليات اليومية ومن مسار اتخاذ القرارات.

لقد كان الاتحاد منخرطا إلى حد بعيد في عملية التشاور العالمية في إطار مبادرة الرعاية الصحية في خطر. وكان التأهب موضوعا رئيسيا ضمن التوصيات والتدابير التي وضعها الخبراء والمهنيون المشاركون. ونتعاون حاليا مع منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود من أجل استكشاف طرق لتحويل هذه التوصيات إلى أداة سريعة للتقييم والتخطيط في المستشفيات. ونقوم بذلك استنادا إلى الأدوات الموجودة أصلا، مثل مؤشر سلامة المستشفيات.

جنوب السودان التعليق: ولاية وسط الاستوائية، مريدي، صف انتظار الإجلاء. مرضى مع معالجيهم ينتظرون دورهم للانتقال إلى جوبا. CC BY-NC-ND/ICRC/L. Horanieh

ضمان أن تكون المستشفيات ملاذات آمنة

التأهب في زمن السلم هو الحل إذا كنا نريد اعتبار المستشفيات ملاذات آمنة وكنا نريد لها الحماية بوصفها كذلك. وهذا يتوقف على التأكد من أن السكان ككل يقبلون ويتشاطرون في زمن السلم المبدأين الأساسيين المتمثلين في حياد المستشفيات وحرمتها، وأن جميع الأطراف تلتزم بهما في أوقات النزاع، بغض النظر عن الولاءات. وهذا أمر بالغ الأهمية لأن لنا أن نفترض منطقيا أن مستويات الخطر ستكون أعلى في النزاعات المسلحة مما هي عليه في زمن السلم.

ورغم أننا لا نملك صلاحية مطالبة أعضائنا بالوفاء بالتعهد، فسنشجعهم على تقديم تقرير سنوي بشأن التدابير المتخذة.

الشراكة والعمل المتضافر عاملان أساسيان

نؤمن بأن إقامة شراكة بين جميع الرابطات المهنية الرئيسية – وهو ما تحقق على المستوى العالمي بفضل مبادرة الرعاية الصحية في خطر - هو النهج الصحيح من أجل الارتقاء بمستوى سلامة المستشفيات وقدرتها على الصمود. ويتمثل التحدي في استنساخ هذا النهج في كل بلد حيث يمكن أن تكون هذه المسائل أكثر حساسية. ولكن الحفاظ على حيز للإنسانية في النزاعات المسلحة يستحق هذا الجهد.

نبذة عن الكاتب

الدكتور إيريك دي رودينبيك هو الرئيس والمدير التنفيذي للاتحاد الدولي للمستشفيات، وهو رابطة عالمية تضم المنظمات المقدِّمة للرعاية الصحية. ويشجع هذا الاتحاد أعضاءه على تبادل المعارف والخبرات وعلى معالجة المسائل المرتبطة بعمليات مرافق الرعاية الصحية وممارساتها وسياساتها.