بيان

حماية حقوق الأطفال: بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر للأمم المتحدة، 2015

عندما تتعرض مدرسة للهجوم أو عندما يمنع الأطفال بطريقة أو أخرى من الحصول على التعليم، فإن الضرر الذي يقع على هؤلاء الأطفال وعائلاتهم ومجتمعاتهم يكون بالغا وطويل الأمد في أغلب الأحيان. وكل يوم يمر دون أن يستطيع الأطفال الذهاب إلى المدرسة يتسبب في عبء هائل في المستقبل. ويرجح أن يواجه الأطفال خلال النزاعات المسلحة قيودا كبيرة تحول بينهم وبين التعليم. وقد تعزى هذه الموانع لا إلى حالة انعدام الأمن العامة أو إلى العمليات العسكرية المشروعة فحسب، بل أيضا إلى العديد من انتهاكات القانون الدولي الإنساني والمعايير الأخرى ذات الصلة، التي كثيراً ما ترتكب في النزاعات المسلحة. ولما كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) منظمة تتخذ من معالجة احتياجات المتضررين من النزاعات المسلحة وحالات استضعافهم هدفاً لها، فهي للأسف تدرك تماما ما يمكن أن يترتب على ذلك من عواقب سلبية على حياة الأطفال.

وانطلاقا من خبرة اللجنة الدولية في الميدان، نرى أن مباني المدارس تستهدف استهدافا مباشرا أو تدمر تدميرا عارضا أو تستخدم لأغراض عسكرية. وتخزن أحيانا الأسلحة والذخائر في المدارس أو تترك قربها أو داخلها، فتكون هذه المباني عرضة لخطر الهجوم بوصفها أهدافا عسكرية محتملة أو لخطر الضرر العرضي. كما أن وجود الأسلحة والذخائر فيها يؤدي إلى تعريض الأطفال بصفة مباشرة للخطر إلى أن تتم إزالتها تماما، وقد يستغرق ذلك سنوات في بعض الأحيان. وتأتي أطراف النزاع المسلح أيضا إلى المدارس تحديدا لتجند الأطفال؛ أو يتعرض الأطفال أحيانا للاغتصاب أو لأنواع أخرى من العنف الجنسي في المدارس أو في نواحيها. ونتيجة لكل هذه العوامل، قد يمنع الأهل أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة وقد يتوقف المدرسون عن الحضور إلى العمل.

إن الأطفال النازحين بسبب النزاع المسلح مستضعفون بوجه خاص. وما يشغل بال اللجنة الدولية هو أن هؤلاء الأطفال يستبعدون غالبا من النظام التعليمي لفترات زمنية طويلة.

وفي الوقت نفسه، قد يؤدي استخدام المدارس لإيواء النازحين خلال النزاعات المسلحة إلى عرقلة حصول الأطفال المقيمين على التعليم. وعلينا أيضا أن نسلط الضوء على مسألة الأطفال المحرومين من حريتهم الذين يعانون من عدم كفاية فرص التعليم.

واللجنة الدولية تقوم بأنشطة تعليمية عديدة للأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة مثل تشجيع احترام القانون الدولي الإنساني، وتحديدا أحكامه المتعلقة بالحصول على التعليم، من خلال الحوار المستمر مع أطراف النزاعات المسلحة. وتعمل اللجنة الدولية أيضا على ضمان أن يستطيع الأطفال الذهاب إلى المدرسة بأمان مثلا عبر إقامة أماكن آمنة لأغراض تعليمية، وعبر إعادة بناء المدارس المدمرة في النزاعات المسلحة، وعبر العمل مع المدرسين والتلاميذ لتعزيز قدرتهم على التخفيف من تعرضهم للعنف وضعفهم إزاءه. وتدعم اللجنة الدولية أيضا السلطات المحلية في جهودها الرامية إلى ضمان حصول الأطفال النازحين والأطفال المحرومين من حريتهم على التعليم.

إن للتعليم أهمية بالغة بوجه خاص للأطفال الذين كانوا في السابق منتسبين إلى قوات مسلحة أو جماعات مسلحة. وينبغي إعداد برامج تدريبية تعليمية ومهنية وتنفيذها لغرض محدد يتمثل في إعادة إدماج هؤلاء الأطفال في عائلاتهم ومجتمعاتهم.

والقانون الدولي يتضمن عددا من الأحكام المهمة التي تنص صراحة على ضرورة أن تحرص أطراف النزاعات المسلحة على أن يحصل الأطفال على التعليم، سواء في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، وتهيب اللجنة الدولية بأطراف النزاعات المسلحة أن تفي بهذه الالتزامات. وتناشد اللجنة الدولية أيضا أطراف النزاعات المسلحة أن تمتثل لجميع الأحكام الأخرى الواردة في القانون الدولي الإنساني، بما فيها تلك التي تحكم سير العمليات القتالية. وتحظر هذه الأحكام بوجه خاص الهجمات على المدنيين (ويشمل ذلك الأطفال والمدرسين) والأعيان المدنية كالمدارس، إلا إذا فقدوا الحماية من الهجوم وطوال فترة فقدانها. وتقتضي هذه الأحكام أيضا من أطراف النزاعات المسلحة أن تتخذ احتياطات عند الهجوم ولمواجهة آثار الهجوم.

وعلاوة على ذلك، فإننا نرى أنه ينبغي لأطراف النزاعات المسلحة أن تبذل كل جهد ممكن في ظل الظروف السائدة من أجل منع استخدام المدارس لأغراض يمكن أن تفقدها الحماية المكفولة لها باعتبارها أعيانا مدنية. وفي هذا الشأن، تابعت اللجنة الدولية باهتمام المبادرات التي أطلقت حديثا لمنع تحويل المدارس والجامعات إلى جزء من ساحات المعارك، والتي يمكن الاسترشاد بها في معرفة ما يمكن اتخاذه من خطوات عملية مقبلة للحد من استخدام المرافق التعليمية للأغراض العسكرية.

إن النزاعات المسلحة تكبد الأطفال معاناة هائلة. ويمكن تجنب قسط كبير من هذه المعاناة عبر الارتقاء بمستوى الإلمام بقواعد القانون الدولي الإنساني واحترامه.

وتناشد اللجنة الدولية أطراف النزاعات المسلحة أن تفي بالتزاماتها المرتبطة بالتعليم في سياق النزاعات المسلحة وأن تضمن احترام الأطفال وحمايتهم في جميع الظروف.