مقال

جنوب السودان: من جندي إلى بستاني، دانيال يغرس جذور الصمود

يتفانى دانيال في عمله؛ ففي حين يتجنب معظم الأشخاص الخروج للعمل تحت الشمس الحارقة، يفضل دانيال أن يعمل بلا كلل في الأرض المحيطة بمركز التأهيل البدني التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في جوبا، بجنوب السودان.

دار روتينه اليومي لأكثر من عامين حول بقعة الأرض تلك، يزيل الأعشاب الضارة ويزرع الفواكه والخضراوات بغير أن يمر يوم دون أن يرويها.

CC BY-NC-ND / ICRC / Florian Seriex

عبر دانيال بوابات مركز التأهيل البدني لأول مرة مريضًا. كان جندياً في ذلك الوقت، ثم أصيب وتغيرت حياته. بُتِرَ جزء من ساقه اليسرى وزوِدَ بطرف صناعي وتلقى علاج طبيعي. ورغم أن الحياة لم تعد كما كانت، رفض دانيال الاستسلام. فحين استرد عافيته، اشترك في مشروع يهدف إلى تدريب المرضى السابقين على زراعة حدائق الخضراوات. الرجل الذي كان جندياً في الماضي أصبح مزارعاً وفي وقت قصير صار من أكثر المتدربين حماساً.

عند انتهاء المشروع، تطوع لرعاية المساحة الواسعة المحيطة بالمركز التأهيلي. فبداية بقطعة أرض صغيرة، ظل يتوسع شهراً بعد شهر متمسكاً بطموحه.

CC BY-NC-ND / ICRC / Florian Seriex

يقول دانيال: "أريد زراعة أكبر مساحة ممكنة". يُباع معظم ما يزرعه دانيال بين موظفي مركز التأهيل البدني ويجد ما يتبقى من الإنتاج طريقه إلى السوق المحلي.

ولكن الطعام ليس الشئ الوحيد الذي يوفره البستاني.

يشارك المرضى الآخرون الذين فقدوا طرفاً أو أكثر من أطرافهم دانيال في العمل في الحديقة كجزء من مشروع جديد يسمح لهم بالتطوع وتعلم كيفية التعايش مع إعاقتهم. وإلى جانب تبادل النصائح حول زراعة الحدائق، يتحدث دانيال أيضاً عن حياته وما يدفعه للاستمرار.

بينما توجد قصص ومواقف أكثر تعقيداً من غيرها، بات هؤلاء الذين بُتِرت أطرافهم مؤخراً يؤمنون بضرورة استمرار حياتهم ويتمسكون بأحلامهم وذلك بفضل دعم دانيال.

تقول كريستين لوند، مديرة برنامج التأهيل البدني التابع لجنة الدولية للصليب الأحمر: "التأهيل الوظيفي عنصر مهم في عملية التأهيل بشكل عام، سواء من الناحية البدنية أو من أجل بناء الثقة والتحفيز. ودانيال قدوة يحتذي بها المرضى الآخرين."

منحت اللجنة الدولية دانيال الرعاية والدعم اللذين احتاجهما من أجل الاستمرار في حياة طبيعية قدر الإمكان. ومن ناحيته، يجاهد دانيل لتقديم نفس الدعم للآخرين، ليساعدهم على بناء قدرتهم على الصمود.