مقال

العمل معًا لحماية الرعاية الصحية

كم من الأرواح تُفقد في حين من الممكن إنقاذها؟

إن عواقب أعمال العنف المرتكبة ضد موظفي الرعاية الصحية تفوق كثيرًا عدد حوادث العنف الفردية مجتمعةً، وهو الطرح الذي جاء به تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر الصادر تحت عنوان: "حوادث العنف التي تؤثر في تقديم الرعاية الصحية: الفترة من كانون الثاني/ يناير 2012 حتى كانون الأول/ ديسمبر 2014" (انظر صفحة 3). وإذا ما اضطرت المرافق الطبية إلى إغلاق أبوابها بسبب تعرض العاملين فيها للعنف، فإن ذلك من شأنه تعطيل منظومة الرعاية الصحية برمّتها في بلد ما في الوقت الذي يكون في أمس الحاجة إليها. وغالبًا ما تظل تبعات ذلك قائمةً لمدة طويلة بعد انتهاء النزاع.

ومن الضروري أن يُمكَّن أفراد الخدمات الطبية والصحية من توفير المساعدة المناسبة دون التعرض للتعويق أو التهديد أو لاعتداءات بدنية، وهو أمر لا يمكن التقليل من شأنه بأي حال من الأحوال. كما إنه من الضروري اتخاذ تدابير مختلفة -سواء أكانت تدابير وقائية أو غير ذلك لضمان التأهب العام- للتعامل مع التهديدات التي تواجه تقديم الرعاية الصحية. وهو ما يشكل الأساس الذي تقوم عليه النّظُم الصحية القوية والقادرة على الصمود.

وقد أعطى مشروع الرعاية الصحية في خطر زخمًا كبيرًا لقضية حماية موظفي الرعاية الصحي ومرافقها في حالات النزاع المسلح وحالات الطوارئ الأخرى، عبر الاستعانة بأفراد من خلفيات مختلفة.

وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 69/ 132، الذي اقترحته "مبادرة السياسة الخارجية والصحة العالمية". وبحسب هذا القرار– لذي عُدّ خُطوةً كبيرة على طريق ضمان حماية موظفي الرعاية الصحية ومرافقها- فإن الجمعية العامة "تدين بشدة جميع الاعتداءات على أفراد الخدمات الطبية والصحية ووسائل نقلهم ومعداتهم، وعلى المستشفيات وسائر المرافق الطبية، وتعرب عن أسفها لما لهذه الاعتداءات من عواقب طويلة الأمد على السكان وعلى نظم الرعاية الصحية في البلدان المعنية".

علاوة على ما تقدم، فقد أقرت الجمعية العامة ثلاثة قرارات أخرى تدعو الدول إلى اتخاذ تدابير لوضع حد لأعمال العنف التي يتعرض لها أفراد الرعاية الصحية والوقاية منها، وإلى "احترام سلامة أفراد الخدمات الطبية والصحية لدى القيام بواجباتهم تمشيًا مع مدونات أخلاقياتهم المهنية ومع نطاق الممارسة".
بين أيدينا اليوم مجموعة من الأدوات والتوصيات المهمة، جرى تطويرها على المستوى الدولي لتُعضّد أهداف مشروع الرعاية الصحية في خطر. ولقد حان الوقت لوضعها موضع التنفيذ. على سبيل المثال، نحن بحاجة لسنّ تشريع وطني ينسجم مع المبادئ التوجيهية المُضمّنة في الأطر المعيارية الوطنية لحماية الرعاية الصحية (صفحة 3)، بهدف تطبيق تدابير من شأنها حماية الأرواح، وتعزيز سلامة خدمات الرعاية الصحية.

إن مهمة تقديم الرعاية الصحية باتت محفوفة بالمخاطر في بقاع شتى حول العالم، واليوم، أصبح لزامًا علينا أن تتضافر جهودنا كي نضمن حماية موظفي الرعاية الصحية ومرافقها أكثر من أي وقت مضى.

 

معالي السيد "باسيرو سين"
المندوب الدائم لجمهورية السنغال لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف

منذ كانون الثاني/ يناير 2015، تولت السنغال قيادة "مبادرة السياسة الخارجية والصحة العالمية" وتضم المبادرة -أُطلقت ضمن إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006- كلًا من البرازيل، وفرنسا، وإندونيسيا، والنرويج، والسنغال، وجنوب أفريقيا، وتايلاند.

وتهدف إلى جعل الصحة قضية محورية في السياسات الخارجية والجهود الإنمائية للدول.