أفغانستان: إذا علّمت امرأةً، فقد علّمت أسرة كاملة
تخضع العديد من النساء في جنوب أفغانستان إلى تقاليد سائدة منذ قرون تحدد لهن ما يرتدينه ونطاق حركتهن خارج جدران المنزل. فيجب على المرأة على سبيل المثال ارتداء الحجاب عندما تخطو إلى الخارج وأن يصحبها ولي أمرها من الذكور في جميع الأوقات.
لذا، كان دخول مركز تديره إحدى الجمعيات النسائية في لشكر غاه يدعو للاستغراب والدهشة مع ارتفاع أصوات آلات الحياكة وثرثرة 40 من النساء والفتيات تملأ جنبات المكان والكل قد جاء لتعلم الحياكة، بينما التفت نحو 15 امرأة في الغرفة المجاورة حول طاولة ليشاهدن بانتباه شديد عرضًا حول تربية الماشية.
وكان مسؤول التدريب " هومايون ساميم " البالغ من العمر 32 عامًا يتحدث بلطف إلى النساء شارحًا لهن أهمية توفير ما يكفي من الملح في الطعام المقدم للأبقار. وكان مسموحًا له بصفته معلمًا بالجلوس إليهن طالما حافظن على حجابهن.
إذا علّمت امرأةً، فقد علّمت أسرة كاملة
إذا علّمت امرأةً، فقد علّمت أسرة كاملة
© ICRC / J. Barry
وانضمت اثنتان من المشاركات، "شريفة" و"نازانين"، أثناء الاستراحة الصباحية إلى الزوار لتبادل الحديث وطرح وجهة نظرهن حول التدريب.
وقالت "نازانين" التي تمتلك أسرتها رأسين من الأغنام وست دجاجات: " لقد تعلمنا أنه يجب المحافظة على نظافة المكان الذي تعيش فيه ماشيتنا وأثار اهتمامي معرفة حاجة الأبقار إلى الملح، فكنت أجهل هذا الأمر تمامًا".
وتقول "شريفة" شارحة: " تقع مهمة رعاية الماشية على عاتق المرأة بينما يخرج الآباء والأزواج والأشقاء إلى الحقول. ومن الأمور التي أثارت اهتمامي ضرورة توفير الإضاءة الكافية داخل الحظائر وأن تكون لها نافذة ".
الشغف بالتعلم
لم يكن حرص "شريفة" التي لم يتجاوز عمرها 18 سنة وتدرس في أحد المعاهد، على معرفة كيفية رعاية ماشيتها ما يميزها عن النساء الأخريات، بل حرصها الشديد على معرفة المزيد عن اللجنة الدولية، التي نظمت التدريب حول تربية الماشية وتدير دورات تدريبية مماثلة موجهة إلى المزارعين الذكور. لقد وجهت سؤالاً مباشرًا يدخل في صميم التفويض الممنوح للجنة الدولية بعد أن وضعت مسألة الماشية جانبًا لبضع لحظات: "كيف تظهرون حيادكم ؟"
إلا أن النساء قد اصطدمن بعقبة أثناء سعيهن الحثيث للتعلم عندما تعلق الأمر بأحد جوانب التدريب، فقد جرى العرف على تخصيص أحد أيام الدورة التدريبية الممتدة على مدار عشرة أيام للتدريب العملي داخل مزرعة قريبة. لكن ذلك كان ضمن الأمور المحرمة بالنسبة للنساء طالما أنها تعتبر مكانا عاما. لذا، كان الحل الوسط هو مشاهدة أفلام الفيديو حول الأعمال الزراعية داخل قاعة التدريب المظلمة وقد أسدلت ستائرها. كما شاركن في أعمال جماعية باستخدام الجداول ذات الصفحات المتتالية وساعدت "شريفة" وغيرها من النساء المتعلمات من لا يستطعن القراءة والكتابة على فهم النص والرسوم التوضيحية البسيطة.
تستمع النساء بانتباه شديد إلى مدربهم هومايون ساميم.
تستمع النساء بانتباه شديد إلى مدربهم هومايون ساميم.
© ICRC / J. Barry
لم يكن لقاء "شريفة" و"نازانين" وغيرهما من النساء اللاتي يعملن في الزراعة من بواعث السرور فحسب خلال الأيام القليلة التي أمضيناها في لشكر غاه. فقد جاءت نحو 30 متطوعة في جمعية الهلال الأحمر الأفغاني في صباح اليوم التالي لزيارة مركز تقويم العظام التابع للجنة الدولية وشاركن في نقاش حول التحديات التي تواجه النساء أثناء النزاعات بالإضافة إلى العمل الإنساني الذي تضطلع به اللجنة الدولية.
فقد كان الخجل الشديد سمة من سمات بعض المتطوعات الأصغر سنًا من غيرهن. وكانت الكثيرات منهن قد أتين بأطفالهن وجلسن أرضًا على وسائد كبيرة لهدهدتهم. وكانت واحدة أو اثنتان من النساء الأكبر سنًا يتحدثن بكل صراحة عن المعاناة التي تواجههن جميعًا. وكان البعض منهن قد حصلن على تدريب على الإسعافات الأولية على مستوى الجماعات المحلية والذي أتاحته لهن جمعية الهلال الأحمر الأفغاني.
قلن: " إن أزواجنا عاطلون ونريد اكتساب مهارات تمكننا من إعالة أطفالنا بطريقة أفضل. هل يمكنكم السماح لنا بالمشاركة في التدريبات المخصصة لتربية الماشية ؟ ".
تشجيع تعليم النساء
كثيرًا ما يقال إن التعليم يحتل مركز الصدارة لإحراز أي تقدم وكان من البديهي أن يكون ذلك هو رأي هؤلاء النساء أيضًا.
كانت السيدة "جميلة نيازي" من وزارة شؤون المرأة من مؤيدات هذا الرأي، وكان لها دور فعال في المساعدة على فتح باب الفرص أمام النساء في هلمند، وكانت تعمل قبل ذلك كمدرسة أولى في مدرسة للتعليم الثانوي.
وشرحت الموضوع قائلة: "لقد قمنا بالكثير لتشجيع القيادات الدينية والمجتمعية ووسائل الإعلام للمناداة بتعليم المرأة، وطالب الرجال بالسماح لزوجاتهم وبناتهم بالحصول على التدريب المهني. أسفر ذلك عن وصول عدد النساء اللاتي يأتين إلى هذا المركز لتعلم الحياكة أو مهارات الحاسوب إلى ألف امرأة حتى الآن. ونحن سعيدات بأن اللجنة الدولية تدرب النساء اللاتي يعملن بالزراعة". واختتمت قولها مضيفة: " إذا علّمت امرأةً، فقد علّمت أسرة كاملة".