بيان

تحقيق مستقبل خالٍ من الأسلحة النووية بات ممكنًا وليس مجرد محض خيال

ندوة بشأن الصحة العالمية عبر الإنترنت بمناسبة بدء دخول معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز النفاذ، عقدتها رابطة الأطباء الدولية لمنع نشوب حرب نووية

قدمتها السيدة "فيرونيك كريستوري"، كبيرة مستشاري الحد من التسلح، اللجنة الدولية في نيويورك

أعزائي الحضور،

تتشرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) بالانضمام إلى هذا الحدث المهم.

غدًا يوم 22 يناير نحتقل بانتصار تاريخي للبشرية. إذ يبعث دخول معاهدة حظر الأسلحة النووية حيز النفاذ برسالة قوية مفادها أن استخدام الأسلحة النووية أمر لا يمكن قبوله. فهي ليست مقبولة كوسيلة للحرب أو كأداة لإدارة الدول. كما أنها غير مقبولة من منظور أخلاقي وإنساني، والآن قانوني.

ومنذ عام 1945، دأبت الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على الدعوة إلى حظر الأسلحة النووية والقضاء عليها. فقد شهد أطباء وممرضون ومندوبون باللجنة الدولية والصليب الأحمر الياباني بأنفسهم المعاناة التي يعجز عنها الوصف من جراء إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي. إذ قُتل 80٪ من الأطباء و90٪ من الممرضين في هيروشيما. بينما جاهد من كُتبت لهم النجاة لتقديم الغوث للمصابين والمحتضرين. لقد عملوا في مستشفيات خاوية على عروشها وبدون أدوية.

وبعد مرور سبعة عقود، تواصل مستشفيات الصليب الأحمر الياباني علاج عدة آلاف من الضحايا المصابين بالسرطان الناجم عن التعرض للإشعاع، وهو تأثير مأساوي طويل الأمد للأسلحة النووية.

فوجود الأسلحة النووية يطرح بعض الأسئلة الأكثر عمقًا في ما يتعلق النقطة التي يتعين أن تتنازل عندها الدول عن حقوقها خدمة لمصالح البشرية، وقدرة الجنس البشري على التحكم في التكنولوجيا التي يستحدثها، وتأثير القانون الدولي الإنساني، ومدى المعاناة البشرية التي نرغب في إنزالها أو السماح بها وقت الحرب.

وإذا كان مقررًا أن تنفجر أسلحة نووية في منطقة مأهولة بالسكان أو بالقرب منها في وقتنا الحاضر، فقد أظهرت دراسات أجرتها اللجنة الدولية والأمم المتحدة أنه لا توجد حكومة وطنية أو منظمة دولية لديها القدرة على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة التي ستنجم عن ذلك. فأعداد الذين سيحتاجون إلى العلاج ستكون ضخمة، ومن المحتمل أن تدمر معظم المرافق الطبية المحلية، وستُزهق العديد من الأرواح بين غمضة عين وانتباهتها.

وأظهرت جائحة كوفيد-19 أوجه قصور في أنظمة الرعاية الصحية العامة عند التعامل مع حالة طوارئ صحية عامة واسعة النطاق. وسيترتب على استخدام الأسلحة النووية عواقب إنسانية ذات أبعاد كارثية. ومن ثم، سيقف المجتمع الدولي عاجزًا عن تقديم المساعدة الكافية للتعامل مع حجم الدمار والمعاناة.

لنتذكر أيضًا أن قوة العديد من الرؤوس النووية الحالية البالغ عددها 13,000 هي أعظم بكثير من القنبلتين اللتين أُسقطتا في عام 1945. والآلاف منها في حالة تأهب قصوى. وستكون العواقب الكارثية لإطلاقها أسوأ مما شهدناه في عام 1945.

ولكن اعتبارًا من الغد، ستصبح معاهدة حظر الأسلحة النووية أول صك للقانون الدولي يرمي إلى المساعدة في تخفيف حدة العواقب الإنسانية الكارثية للأسلحة النووية، لا سيما من خلال مطالبة الدول بمساعدة ضحايا التجارب النووية واستخدامها، وتطهير المناطق الملوثة.

الزملاء الأعزاء،

إذا كان التاريخ يعلمنا أي شيء فهو أن ما قد يبدو غير واقعي اليوم يمكن أن يصبح واقعيًا غدًا. وهذا التحول، من غير الواقعي إلى الواقعي، هو نتيجة عدم استعداد الناس - وغالبًا الشباب - لقبول القول الذي يزعم بأن العالم لا يمكن أن يتغير.

نحن مدينون بهذا الإنجاز أولاً وقبل كل شيء للناجين ولجميع من تكاتف لجعل هذا الإنجاز ممكنًا. وبعد غد، نبدأ العمل الجاد متطلعين إلى اليوم الذي تستيقظ فيه الأجيال القادمة على عالم خالٍ من هذه الأسلحة اللاإنسانية.

ويدل التوصل إلى أكثر من 50 تصديقًا على المعاهدة على أن هذا المستقبل ليس مجرد محض خيال، وإنما يمكن تحقيقه من خلال الجهد الجماعي.

تهنئ اللجنة الدولية الدول التي صدّقت عليها، وتتطلع إلى الاجتماع الأول للدول الأطراف وتناشد جميع قادة العالم الآخرين التحلي بالشجاعة والانضمام إلى الجانب الصحيح من التاريخ.

شكرًا لكم.