كما ألقاه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية)، "السيد بيتر ماورير"
أصحاب السعادة، الزملاء الموقرون، السيدات والسادة،
إنه اليوم الذي طال انتظاره. إذ باتت الأسلحة النووية - وهي بعض أكثر الأسلحة التي أخترعها البشر رعبًا ووحشية على الإطلاق – محظورةً صراحة وبشكل شامل، اعتبارًا من هذا اليوم فصاعدًا، بموجب القانون الدولي.
ستنظر الأجيال القادمة إلى هذا اليوم باعتباره بداية نهاية عصر الأسلحة النووية؛ وهو اليوم الذي تغلبت فيه إنسانيتنا المشتركة على هذه الوسائل المروعة من العنف الكارثي.
أتوجه بجزيل الشكر للكثير من الدول ومنظمات المجتمع المدني والأشخاص الذين ساهموا في بلوغنا هذه اللحظة الفارقة. أهنئ الدول التي انضمت إلى المعاهدة حتى الآن وجعلت دخولها حيز التنفيذ حقيقة واقعة.
وتفخر اللجنة الدولية والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بمساهمتهما في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
ونحن مدينون بالفضل لأجيال ممن كتبت لهم النجاة من الأسلحة النووية، وعاملين متفانين في المجال الإنساني، وممارسي مهنة الطب المعنيين، ومواطنين ذوي فكر عميق، والقادة أصحاب الرؤى الثاقبة الذين أثبتوا، من خلال القيادة والعمل الشجاع، أنه بالتكاتف يمكننا التغلب على أصعب التحديات وأكثرها رسوخًا.
تنص معاهدة حظر الأسلحة النووية على المعيار النهائي الذي يجب الآن الحكم على أساسه في جميع الجهود الرامية إلى نزع السلاح النووي وعدم انتشاره. وتبعث بإشارة قوية مفادها أن أي استخدام للأسلحة النووية غير مقبول من وجهة نظر أخلاقية وإنسانية، وقانونية أيضًا.
ويشكل دخول المعاهدة حيز التنفيذ طريقًا واعدًا بأننا في يوم من الأيام سوف نتحرر من الكابوس الذي تلقي هذه الأسلحة العشوائية والوحشية بظلاله علينا.
فالأمر متروك لنا الآن للوفاء بهذا الوعد. وبينما نحتفل ببدء دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ، يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن حظر الأسلحة النووية يمثل بداية جديدة - وليس نهاية - لجهودنا.
فلا يزال هناك أكثر من ثلاثة عشر ألف سلاح نووي في العالم. عدة آلاف منها في حالة استنفار قصوى وجاهزة للإطلاق في أي لحظة. ولن تجعل المعاهدة وحدها هذه الأسلحة تختفي بين عشية وضحاها. فعملنا الجماعي لم يكتمل بعد.
لذلك يجب أن نركز اهتمامنا على المضي قدمًا.
يجب علينا تكثيف جهودنا، في الأشهر والسنوات والعقود المقبلة، لتشجيع الانضمام إلى المعاهدة وضمان تنفيذ أحكامها بأمانة. تلك هي مهمتنا الحالية.
ويجب علينا ونحن بصدد مهمتنا تلك، أن نسعى جاهدين للحفاظ على شهادات الهيباكوشا (الناجين من إلقاء القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي) والأدلة على العواقب الإنسانية الكارثية، في صلب أي حوار. وتقع على عاتقنا مسؤولية التحدث علانية وضم صوتنا لأولئك الذين يجري تجاهل تجاربهم في كثير من الأحيان.
وتظل المعاناة التي يعجز عنها الوصف والدمار الناجم عن استخدام الأسلحة النووية والتهديد الذي تشكله على بقاء البشرية ذاتها، الحجة الأقوى لحظرها وإزالتها. ولهذه الأسباب أيضًا، أصبح من المستبعد أن تُستخدم الأسلحة النووية يومًا وفقًا للقانون الدولي الإنساني.
فاليوم هو بمثابة انتصار لإنسانيتنا المشتركة. فلنغتنم هذه الفرصة - ونأخذ المعاهدة دون تحفظ نحو هدفها: وهو تحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
شكرًا لكم.