مقال

قصة بلال تاغيروف: "نرجوكم ساعدونا نجد ولدنا"

شعرنا بسعادة غامرة لعودة الطفل بلال تاغيروف، وعمره أربع سنوات، لوالدته في الشيشان بعد العثور عليه في الموصل وذلك بمساعدة السلطات الروسية. كانت والدته زليخة قد لجأت إلينا للمساعدة فباشرنا العمل على هذه الحالة مع الفريق الموجود في العراق.

تروي لنا الزميلة لويزا هازغيرييفا والتي تعمل حاليًا في مدينة أوش في قيرغزستان، ما حدث:

"أيقظني اتصال لا ينقطع على الواتس آب في وقت متأخر من تلك الليلة وحين رأيت أن الرقم يحمل بدالة روسية تأرق مضجعي على الفور وتساءلت لماذا يتصل بي شخص ما من الديار في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ وفجأة سمعت صوتًا مرتعدًا يتحدث معي على الهاتف باللغة الشيشانية: "هذه انت لويزا؟ زميل لي أعطاني رقمك وأخبرني أنك تعملين لدى الصليب الأحمر ونصحني بالتواصل معك حول ...ابننا ... إنه في العراق... لقد تعرفنا عليه حين ظهر بفيديو على الانستغرام"

"إنه هو بالتأكيد فوالدته تعرفت عليه وهي في غاية القلق، رجاء ساعدينا لنعثر عليه"

بعدما أكدت لنفسي أن هذا لم يكن حلمًا وأنني لا زلت في قيرغزستان، طلبت منها أن تشرح لي كل شيء من البداية بما أنني لا أعرف أي شيء عن الموضوع. وتابع الصوت قائلًا:

"قبل سنيتن تقريبًا انفصلت ابنة أختي عن زوجها، ثم أخذ ابنهما، وكان عمره سنتين حينها، معه إلى سورية أو إلى العراق. وذات يوم رأت والدة الطفل ابنها في فيديو عرض على شبكات التواصل الاجتماعي وهو بين الركام ويتوسط أشخاصًا يحملون الأسلحة وكانوا يخبرونه شيئًا باللغة العربية. ويظن البعض أن هؤلاء جنود عراقيون ولكننا لا نفهم أي شيء من الفيديو باستثناء أن ذلك الطفل هو ابننا".

بعد ذلك أرسلت لي المتصلة فيديو للطفل وهو يحمل تفاحة كبيرة ومن الواضح أنه حصل عليها من أولئك الجنود. ثم أرسلت لي صورًا عائلية للطفل، يبدو أنها التقطت له حين كان لا يزال مع والدته وجدته.

أنقذت في السابق أطفالًا من أماكن غير آمنة، ليلتئم شملهم مع والديهم أو اقاربهم في حال لم يكن الوالدان على قيد الحياة، ولكن جرى ذلك في إفريقيا. كنت في ذلك الوقت في مهمة عادية في قيرغزستان، لذلك لم أكن أتخيل أن أتلقى طلبًا لإعادة طفل شيشاني من العراق!

وبقدر ما سمح به الموقف، شرحت لمحدثتي التي كانت تنتظر ردي على طلبها أنني لن أستطيع مساعدتها بشكل مباشر من قيرغزستان. إلا أني طمأنتها أننا سنرسل طلبها لزملائنا في العراق وروسيا والذين بدورهم سيبذلون كل ما في وسعهم لمساعدتها. لكنها عادت لقلقها مجددًا، "لويزا افعلي شيئًا أرجوكِ".

"لقد طلبنا المساعدة من الجميع، وحاولنا أن نلفت انتباه الجميع لمشكلتنا، لكننا لا نعرف ما الخطوة التالية ونرجو منك مساعدتنا كمواطنة شيشانية".  

حاولت أن أطمئنها أن زملائي في البلدان الأخرى سيفعلون كل ما في وسعهم؛ إذ أننا في الصليب الأحمر نعمل على جمع شمل العائلات بغض النظر عن الجنسية أو العرق أو الديانة.

وبعدما وعدتها أنني سأتصل بزملائي في اليوم التالي وبأن أخبرها بالخطوة القادمة، أنهينا المكالمة.

وفي الحال قمت بتحضير كل المعلومات لزملائي لتجنب إضاعة الوقت في الصباح، وعدت بعدها للنوم.

وبسبب فرق التوقيت الكبير (3 ساعات بين قيرغزستان وكلا بغداد وموسكو) والذي بدى أكبر بكثير من المعتاد في ذلك الوقت، لم يكن انتظار زملائي في العراق وروسيا ليباشروا عملهم بالأمر السهل. وبالفعل فبعد أن استلم الزملاء كل المعلومات المتعلقة بالطفل باشروا بالعمل على حل المشكلة وسرعان ما التقى مندوبو الصليب الأحمر ببلال.

في البداية، اطمأنوا أنه بصحة جيدة وليس في خطر، ثم بدأوا بالترتيب لإعادته لموطنه. وأثناء زيارة الزملاء في العراق لبلال أُطلعت والدته في غروزني على وضع ابنها وعلى العمل الذي اضطلعنا به.

 ولكن بعد بضعة أيام وصلنا تسجيل فيديو مصور من والدة بلال وخالته تظهر فيه سعادة الأم وهي تحتضن طفلها في مطار غروزني، ويبدو بلال مستغربًا لما يحدث. واتضح بعدها أن ممثلي الرئيس الشيشاني رمضان قديروف تدخلوا لحل المشكلة بسرعة وأعادوا الطفل إلى وطنه.

أعدت مشاهدة الفيديو عدة مرات فقط لأرى المشهد الذي تسلمت فيه الأم الطفل بيديها، ثم أرسلت الفيديو لزملائي. وفي الصباح التالي، ظل جميع الزملاء الذين عملوا على هذه القضية سواء في بغداد وموسكو وأربيل وغروزني يتبادون الرسائل في سعادة "لقد عاد"، فهم يعرفون بحكم التجربة كم تتطلب هذه العمليات من قوة ومثابرة.

نواصل في اللجنة الدولية للصليب الأحمر زيارة وتسجيل الأطفال الذين يتم العثور عليهم في مناطق النزاع بما فيها الموصل. ونحن على أهبة الاستعداد للعمل على مساعدة الأطفال من أجل عودتهم إلى ذويهم.

الرجاء نشر هذه المعلومات. إذا كنتم تبحثون عن أطفال غير مصحوبين بذويهم في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، بإمكانكم الاتصال ببعثتنا في موسكو على رقم 074596265426 أو مكتبنا في غروزني على رقم 078712223128.