بيان

الأسلحة النووية: تزايد المساندة العالمية لمعاهدة حظر الأسلحة النووية

ملاحظات على مراسم توقيع معاهدة حظر الأسلحة النووية والتصديق عليها في الدورة الرابعة والسبعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة

 السيد رئيس الجمعية العامة، أصحاب السعادة، السيدات والسادة.. 

جاء اعتماد معاهدة حظر الأسلحة النووية منذ عامين شاهدًا على بداية النهاية لحقبة تلك الأسلحة.

وجاءت المعاهدة تلبية لنداءِ ظل صداه يتردد لعقودِ من الزمن، مُنذ روعنا أثرها مع بداية استخدامها، فأصبحت أداة لا غنى عنها لضمان عدم العودة لاستخدامها أبداً.

إنني أثني على الدول التي انضمت اليوم للسبعين دولة الموقعة على المعاهدة، وأشجعها على المُضيّ قدمًا بالخطوات الفعلية لتصبح أطرافًا فيها. واللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها على أتم الاستعداد لتقديم كُل ما بوسعها لمساندتكم.

نحن نحتاج لهذه المعاهدة والدليل على هذا يفرض نفسه بقوة، فحتى المواجهة "المحدودة" بالأسلحة النووية يترتب عليها معاناة جسيمة، بدءً من أثرها المباشر والممتد على صحة الإنسان، وعلى المجتمعات بصفة عامة وعلى أنظمة الرعاية الصحية والبيئة وكوكب الأرض كله.

 شهدت اللجنة الدولية والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 1945 العواقب الإنسانية الوخيمة لاستخدام تلك الأسلحة وعايشتها، إذ عملنا بظروفِ عصيبة في تقديم العون للمحتضرين والجرحى في هيروشيما وناغازاكي. أما بوقتنا الحالي، وبعد مُضي حوالي 75 عامًا على تلك الواقعة، فإن الأسلحة النووية لم تعد أقوى فحسب، بل أصبح أثرها لا يُمكن تخيله.

 عندما نتطلع للذكرى الخامسة والسبعين من القصف النووي لهيروشيما وناغازاكي العام القادم، فعلينا أن نبذل أقصى ما في وسعنا لنُبقي دليل نتائج الأسلحة النووية الإنسانية الكارثية محور نقاشاتنا. فمسألة حظر تلك الأسلحة ذات الأثر الإنساني الكارثي والقضاء عليها نهائيًا، لا يجب أن يكون أمرًا خلافيًا. فما تخلفه الأسلحة النووية من تدميرِ ومعاناة بشرية يفوقان الوصف، هو أقوى مبرر لحظرها.

 وتأتي المفارقة في أن اهتمام المصالح العسكرية والسياسية المتعلقة بالأسلحة النووية تنبع من تلك القدرة التدميرية الهائلة. فالعديد من الأمم أغدقت أموالها الطائلة على تحقيق نظريات "الردع النووي" و"الدمار المُتبادل المؤكد"، ولكن في نهاية المطاف أدى ذلك إلى خلق "توازن" غير مستقر من الخوف النووي، يُهدد بدوره البشرية كافة.

 إن الجهود المستمرة لتطوير أنواع جديدة من الأسلحة النووية، وضعف الاتفاقيات والمعاهدات القائمة التي تنص على نزع السلاح النووي وعدم انتشاره، والاتجاه الذي يدعو لقلق بالغ نحو سباق التسلح النووي، دلائل على الخطر الحقيقي لهذا "التوازن" المزعوم.

 ومنذ نهاية الحرب الباردة لم يكن تسليط الضوء على العواقب الإنسانية المهولة للأسلحة النووية ملحًا كما هو حاليًا. ولابد أن نشدد بجلاء ووضوح على أن استخدامها مرفوض تمامًا تحت أي ظرف من الظروف لاعتبارات إنسانية وأخلاقية وقانونية. وأصبح من الضروري أن نُفعل المعاهدة بوصفها قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي الإنساني. ويجب أن نُكرس طاقتنا بالكامل للالتزام ببنودها لأقصى درجة مُمكنة.

 وترسل الدول من خلال توقيعها هذا المعاهدة والتصديق عليها إشارة واضحة أن استخدام تلك الأسلحة أو التهديد باستخدامها أو حيازتها أمورٌ غير مقبولة، لما لها من عواقب إنسانية فادحة.

 اعتمدت اتفاقيات جنيف منذ سبعين عامًا بغرض حماية الناس من أسوأ عواقب الحروب، ولكن استمرار وجود الأسلحة النووية وزيادة خطورة استخدامها يزيد من مخاطر النزاعات القائمة ويهدد بدمار عالمي لن يكون أحد في مأمن منه. فلا يجب أن نرى امتلاك أسلحة ذات عواقب إنسانية فاجعة وسيلة لضمان الأمن.

 إن الدول، بتوقيعها معاهدة حظر الأسلحة النووية والتصديق عليها، تلتزم بمسؤولياتها تجاه حماية الإنسانية من الكوارث النووية. فبقاؤنا جميعًا وبقاء الأجيال القادمة، يعتمد على هذا الالتزام.

شُكرًا لكم.