بيان

نحو تقييد التشغيل الذاتي في منظومات الأسلحة

فريق الخبراء الحكوميين المعني بمنظومات الأسلحة الفتاكة الذاتية التشغيل المنشأ عملا بالاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة، بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر

يسر اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تساهم بآرائها في هذا الاجتماع الثاني لفريق الخبراء الحكوميين المعني بمنظومات "الأسلحة الفتاكة الذاتية التشغيل". وتود أن تعرب عن شكرها وتقديرها لرئيس الفريق على تولي زمام القيادة في هذه المناقشات، وعن تمنياتها له بالتوفيق في الجهود التي سيبذلها هذا الأسبوع.

وبناءً على العمل القيّم الذي أُنجز حتى الآن، يتيح هذا الاجتماع فرصة للنظر بمزيد من التدقيق في التحديات المعقدة التي تطرحها منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل. ويحدونا الأمل أن يعزز الاجتماع التقدم نحو التوصل إلى فهم مشترك لخصائص هذه الأسلحة. وسيكون من المهم توسيع نطاق المناقشة في هذا الصدد.

وينبغي، من وجهة نظر اللجنة الدولية، أن يكون الغرض من تحديد خصائص المنظومات قيد النظر رصد السمات التي تميّز منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل عن تلك التي يتحكم فيها الإنسان تحكماً مباشراً، بما فيها الأسلحة الموجهة عن بُعد. ولا يلزم أن يكون الهدف من البداية تعريف المنظومات المثيرة للقلق.

ويجب، من منظور اللجنة الدولية، أن ينصب التركيز على أكثر وظائف منظومات الأسلحة صلةً بالالتزامات القانونية ودواعي القلق الأخلاقية التي تدخل في نطاق الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة، أي التشغيل الذاتي المدمج في الوظيفتين الحيويتين المتمثلتين في اختيار الأهداف ومهاجمتها. أمّا التشغيل الذاتي المدمج في الوظائف الأخرى (مثل الحركة أو الملاحة)، فليس، من وجهة نظرنا، ذا صلة بالمناقشات.

وينبغي الاستفادة من التجارب المتعلقة بمنظومات الأسلحة القائمة المدمج في وظائفها الحيوية التشغيل الذاتي من أجل تحسين فهم المشاكل القانونية والأخلاقية التي يثيرها التشغيل الذاتي المدمج في منظومات الأسلحة بوجه أعم، وطبيعة التحكم البشري في استخدام القوة، الذي يجب الإبقاء عليه تحقيقا للامتثال القانوني والقبول الأخلاقي. وترى اللجنة الدولية أنه من المهم أن تستند المناقشات إلى التكنولوجيات المستخدمة على أرض الواقع والتطورات القصيرة الأجل في مجال التشغيل الذاتي في منظومات الأسلحة. وإن لم نفعل ذلك، فإننا نجازف بإغفال التطورات المتراكمة في مجال التشغيل الذاتي التي تثير المخاوف والتي قد تتطلب استجابات قانونية وسياساتية من المجتمع الدولي.

وينبغي أن تكون درجة التحكم البشري في منظومات الأسلحة -لا تعقيدها التكنولوجي- الضابط في هذه المناقشات. فالبشر هم من يطبقون القانون ويلتزمون باحترامه، لا الآلات أو برامج الحاسوب أو منظومات الأسلحة.

ويقتضي القانون الدولي الإنساني أن يجري من يخططون للهجمات ويقررون شنها وينفذونها تقديرات معينة بشأن تطبيق القواعد لدى شن أي هجوم. وثمة اعتبارات أخلاقية مصاحبة لهذا الواجب، تستلزم الإبقاء على دور البشر ونيتهم في اتخاذ قرارات استخدام القوة. ولذلك، يتحمل البشر مسؤولية في برمجة منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل وتطويرها وتفعيلها ووضعها في مراحلها التشغيلية.

واللجنة الدولية، إذ وضعت في اعتبارها التداعيات الإنسانية السلبية المحتمل أن تترتب على فقدان التحكم البشري في الأسلحة واستخدام القوة، اعتبرت أن لا غنى عن حدّ أدنى من التحكم البشري من كلا المنظورين القانوني والأخلاقي. وترى اللجنة الدولية أن أي منظومة أسلحة لا تخضع لتحكم بشري تُعتبر غير قانونية بحكم طبيعتها. ولكن بصرف النظر عما يسمى "منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل بالكامل"، فثمة حاجة إلى دراسة النطاق الكامل للمخاطر المرتبطة بمنظومات الأسلحة المدمج في وظائفها الحيوية التشغيل الذاتي.

وقد يكون لدواعي القلق الأخلاقية من فقدان دور البشر في اتخاذ قرارات استخدام القوة، وتبعثر المسؤولية الأخلاقية، وفقدان الكرامة الإنسانية، تداعيات بعيدة المدى ربما تؤدي إلى لجم تطوير منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل المضادة للأفراد واستخدامها، بل وإلى الحد من استخدام المنظومات المضادة للأعتدة، استنادا إلى ما يجرّه تدمير الأعتدة من مخاطر على حياة البشر.

وتواصل اللجنة الدولية حثّ جميع الدول الحاضرة في هذا الاجتماع على توضيح ما يستلزمه التحكم البشري "الهادف" أو "الفعال" من الناحية العملية. ويجب على الدول أيضا أن تبدد المخاوف الأساسية إزاء منظومات الأسلحة التي قد تؤدي إلى انعدام ملازم لها للقدرة على التنبؤ، من قبيل المنظومات التي تستخدم خوارزميات التعلم الآلي في إطار تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

وما يثلج الصدور ما صدر عن الدول الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة الأعضاء في هذا الفريق من تأكيدات أن القانون الدولي الإنساني وثيق الصلة بأي تكنولوجيا أسلحة ناشئة، ومنها منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل، وقابل للتطبيق عليها كذلك. وتعرب اللجنة الدولية عن ترحيبها بالجهود المبذولة لتحسين تنفيذ القانون الدولي الإنساني، بسبل منها تعزيز آليات مراجعة قانونية الأسلحة الجديدة. وقد يطرح إجراء مراجعات قانونية لمنظومات الأسلحة المدمج في وظائفها الحيوية التشغيل الذاتي تحديات، لا سيما فيما يتعلق بمعياري القدرة على التنبؤ والموثوقية. وتشجع اللجنة الدولية على تبادل المعلومات والخبرات بشأن هذه العمليات، وتعتبر هذه الجهود مكمّلة لأعمال فريق الخبراء الحكوميين.

ومن هذا المنطلق، لا تزال اللجنة الدولية على اقتناع بأن الغرض العام من هذا الفريق ينبغي أن يكون الاتفاق على تقييد التشغيل الذاتي في منظومات الأسلحة. وكما نوهت اللجنة الدولية في اجتماعات سابقة حول هذا الموضوع، تُنذر وتيرة التطورات التكنولوجية التي تلغي التحكم البشري المباشر في منظومات الأسلحة أو تحدّ منه، بتخطي وتيرة المداولات الدولية في هذا الشأن، وعلى الدول بالتالي أن تتعامل مع هذه المهمة بشيء من العجلة. ويجب الاسترشاد بنهج "محوره الإنسان" في تحديد القيود التي يجب فرضها على التشغيل الذاتي في منظومات الأسلحة والخيارات الممكنة للتعامل مع "منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل المثيرة للقلق".